تدخل المفاوضات النووية بين إيران والقوى الكبرى الأحد مرحلة حساسة، إذ يلتقي وزير الخارجية الأميركي نظيره الإيراني في سويسرا مع اقتراب انتهاء المهلة للتوصّل الى اتفاق سياسي في 31 الشهر الجاري، تزامناً مع قيام خلاف سياسي حادّ في واشنطن حول هذه المسألة. في غضون ذلك، بدأت القوى العالمية الكبرى محادثات بشأن قرار لمجلس الأمن لرفع عقوبات الأممالمتحدة عن إيران إذا تم التوصل إلى اتفاق نووي مع طهران، وهي خطوة قد تجعل من الصعب على الكونغرس الأميركي إلغاء اي اتفاق. وبعد 18 شهراً على المحادثات حول ملف إيران النووي، وبعد تخطّي استحقاقين سابقين، تسعى مجموعة 5+1 (الولاياتالمتحدة، بريطانيا، فرنسا، روسيا، الصينوألمانيا) الى التوصّل في نهاية الشهر الجاري، الى اتفاق سياسي مع إيران يضمن عدم حيازتها القنبلة النووية في المستقبل. أما الاتفاق النهائي والكامل والذي يتضمن التفاصيل التقنية كافة، فمن المفترض التوصّل إليه بحلول الأول من تموز (يوليو) المقبل. ولكن التطورات في الملف النووي تتزامن مع تصاعد الجدل في العاصمة الأميركية، ما يضع الرئيس باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري تحت الكثير من الضغط. ولم يبدِ مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي الشهر الماضي، حماسة لمحادثات تجري على مرحلتين، مشيراً الى أن «أي اتفاق لا بد أن يتم في مرحلة واحدة ويتضمّن الإطار العام والتفاصيل». ويوم الخميس، أعرب خامنئي عن «القلق لأن الطرف الآخر ماكر ومخادع ويطعن في الظهر»، كما نقلت عنه وكالة الأنباء الطلابية الإيرانية (إيسنا). ويتوجه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الإثنين، من لوزان الى بروكسيل للقاء نظرائه الفرنسي والبريطاني والألماني قبل العودة الى سويسرا، كما أعلنت وزارته. وفي التاسع من الشهر الجاري، بعث 47 عضواً جمهورياً في مجلس الشيوخ رسالة مفتوحة الى خامنئي، يحذّرون فيها من أن أي اتفاق حول البرنامج النووي قد يتم تعديله من جانب الكونغرس، كما أن الرئيس الأميركي المقبل يستطيع «إبطاله بجرة قلم». ودان أوباما رسالة الجمهوريين، معتبراً أنه «من المفارقة أن يشكّل بعض البرلمانيين في الكونغرس، جبهة مشتركة مع الإيرانيين المؤيدين لاعتماد نهج متشدّد»، في حين وصفها كيري ب «غير المسؤولة». كذلك، انتقد وزير خارجية ألمانيا فرانك فالتر شتاينماير الرسالة. وأكد أن «هذه ليست قضية ذات شأن أميركي داخلي فحسب، وإنما تؤثر في المفاوضات التي نجريها في جنيف»، مشيراً الى أن «الشكوك تزداد في الجانب الإيراني حول جدّيتنا بشأن هذه المفاوضات». أما وزير الخارجية الإيراني، الذي يتعرّض بدوره لضغوط المحافظين في بلاده، فاتّهم «المتطرفين في الكونغرس» الأميركي بإثارة «مشاكل» في المفاوضات. وقال إن «هذا النوع من الرسائل غير مسبوق وغير ديبلوماسي. في الحقيقة، يقولون لنا إنه لا يمكن الوثوق بالولاياتالمتحدة». ومن شأن اتفاق نووي أن يتضمّن موافقة إيران على تقليص نشاطها، ما يضمن نظرياً إطالة الفترة التي تحتاجها لتجميع المواد الانشطارية الكافية لصنع قنبلة. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 2013، توصلت إيران ومجموعة 5+1، الى اتفاق مرحلي يتضمّن رفعاً محدوداً للعقوبات مقابل تجميد إيران جزءاً من برنامجها النووي. ومنذ ذلك الحين وبعد جولات محادثات عدة، فشل المفاوضون مرتين في تحويل هذا الاتفاق المرحلي الى اتفاق نهائي بعدما تخطوا مهلتين سابقتين في 2014، وبالتالي عمدوا الى تمديد إجراءات الاتفاق المرحلي. ويقول ديبلوماسيون إن المحادثات شهدت تقدماً في بعض المجالات، من بينها تعديلات على مفاعل آراك الذي من الممكن أن ينتج البلوتونيوم الضروري لتصنيع القنبلة فور تشغيله. وفي السادس من الجاري، قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، إن «اتفاقاً جيداً» بشأن برنامج إيران النووي، بات «في متناول اليد». ولكن القضية الأساسية موضع الجدل حول قدرات إيران المستقبلية في تخصيب اليورانيوم، لم تحلّ حتى الآن. وقال الرئيس الأميركي: «إذا لم يكن بوسعنا التثبت من أنهم لن يحصلوا على سلاح نووي، ومن أنه سيكون لدينا وقت كاف للتحرك أثناء فترة انتقالية في حال مارسوا الخداع، إذا لم نحصل على هذه الضمانات، لن نقبل باتفاق». غير أن محادثات تجري بين بريطانياوالصينوفرنساوروسياوالولاياتالمتحدة (الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن) إضافة إلى ألمانيا، لمناقشة عناصر مشروع قرار لمجلس الأمن للبدء في تخفيف عقوبات الأممالمتحدة المتعلّقة بالبرنامج النووي والمفروضة منذ كانون الأول (ديسمبر) 2006، قبل المفاوضات الصعبة التي ستُستأنف الأسبوع المقبل. وقال مسؤول أميركي طلب عدم نشر اسمه: «إذا تم التوصل إلى اتفاق نووي وهذا ما زال أمراً غير مؤكد، فسنرغب جميعاً في التحرك سريعاً بشأن قضية عقوبات الأممالمتحدة».