تمزقت الوحدة العربية بعد وفاة المتوكل العباسي (274ه) أي قبل ألف عام، ودخل العرب عصور التفرق والتشتت والظلام، منذ نهاية خلافة المتوكل، وأُصيب قلب العروبة والإسلام(جزيرة العرب مهبط الوحي ومهد الإسلام وأصل العرب) بمتاهة مظلمة تمزقت في سوادها أجزاء الجزيرة الماجدة، وتحولت في معظمها إلى مشيخات صغيرة فقيرة منسية من العالم، مجهولة الوجود، ضئيلة الحدود، بين بادية تتقاتل على الماء والمرعى، وتتآكل من الغارات والأمراض والمجاعات وقطاع الطرق الذين لم يسلم من شرهم حتى الحاج والمعتمر. ولاذت القرى الصغيرة في قلب الجزيرة بأسوار ترمز لأدهى دواهي الخوف والانكماش، وأوضح دلائل العزلة والضعف، تناثرت القرى الصغيرة على أطراف الرمال كالمعزى في ليلة باردة مطيرة بلا موارد تُذكر ولا أمنٍ يُشكر ولا أمل في غد أفضل بل هو الانتظار المتوجس الخائف من غارات المغيرين ومن أنياب الجوع والدهر في عزلة مظلمة مطبقة لا يعرفهم العالم ولا يعرفونه وكأنما هم بقايا قوم فروا من معارك الحروب ومهالك الجوع إلى تجمعات صغيرة فقيرة في قرى بائسة لا تسمن ولا تغني من جوع، وتلك القرى الضعيفة الضيقة - على بؤسها وفقرها وجهلها- تتقاتل مع القرى التي حولها، وتتحارب مع غارات البدو التي تتناوشها، وتتوجس من قطاع الطرق ومشردي اللصوص الذين يجوسون الصحارى بليل كالوحوش، ويقتلون من يصادفون ويسلبون ويسرقون ماشية القرى القليلة التي هي موردهم الاقتصادي الضئيل تعاون على قلب الجزيرة الذئاب وقطاع الطرق وفقر الموارد وشح الماء وسنوات المرض حيث لاطب ولا طبيب.. فما نظرت عيني ولا مرّ مسمعي كعبدالعزيز ابن الهداة الأطايب بل ان كثيراً من قرى وسط الجزيرة - على قلة سكانها وضآلة مكانها - تنازع أهلها وشاخ في كل رُبيعة من ربيعاتها شيخ: ألقاب "مشيخة" في غير موضعها كالهرِّ يحكي انتفاخاً صولة الأسد ولم تكن البادية أحسن حالاً!! كانت أسوأ حالاً وأشد تفرقاً وبؤساً: فموارد الماء قليلة ومرابع الكلأ والعشب ضئيلة لذلك كانوا يتقاتلون حولها ويغير بعضهم على بعض فوق مايضربهم من سنوات القحط والجدب ومايصيبهم من أمراض لا طبيب لها ومايشب في حلالهم من جوع وهِزال وجَرَب ودهرٍ يأتي على الزرع والضرع ويقلب الصحراء الى جحيم: يادار ياما مر بك من غرابيل فقر وجهل في ماضيات السنينا وياما خطب ودك إرجالٍ مشاكيل توافدوا لك من يسار ويمينا وشمتي وطعتي متعب الجيش والخيل عبدالعزيز أقعد صغي العايلينا حكم بحكمٍ عادل مايبي الميل خلاّ الغنم والذيب متوالفينا وسلم إزمامه في يدين الرجاجيل كواكبٍ من غاب غيره يبينا حكامنا اللي بالمواقف حلاحيل من جودهم جدنا بدنيا ودينا ونجدد الفرحات جيلٍ بعد جيل بأمن ورخاء والشكر واجب علينا ناصر المسيميري وفي توحيد المملكة، هذا الحدث التاريخي الجليل، تلتحم عبقرية الإنسان العظيم الملك عبدالعزيز مع عبقرية المكان المجيد أصل العرب ومهد الإسلام ومهبط الوحي ومؤيل الأمجاد.. فببطولة من نوادر بطولات التاريخ وحد الملك عبدالعزيز ورجاله المخلصون شتات جزيرة العرب على كلمة الإخلاص، على العدل والحق والإنصاف بحيث ظل التاريخ مفتخراً يشير الى منجز الملك عبدالعزيز بفخار، وظل معاصرو الحدث العالمي الكبير مبهورين بهذا الانجاز الذي يشبه الإعجاز، والذي صار عزاً وعزوة للعرب والمسلمين، وأمناً وقوة للعالمين، فتغير التاريخ والجغرافيا في هذا المكان العبقري الذي ألهم أبطال التاريخ وأسهم بأعظم الأمجاد التي كاد يصيبها البِلى والنسيان لولا الله جل وعلا ثم بطولة الملك عبدالعزيز الذي حقق أعظم وحدة عربية إسلامية من ألف عام، ثم صانها وأضاف اليها أنجاله الميامين مجداً على مجد، وعزاً على عز، وخيراً فوق خير، فعمّت بقوتها وأمنها وخيراتها شعبها وجيرانها والمسلمين وصارت من أعمدة الخير والحق والجمال في أنحاء العالمين: عبدالعزيز يا منية الأبطال في اليوم العظيم عبدالعزيز يا دعوة المظلوم في الليل البهيم يا باعث الأمل البعيد يا طلعة الفجر الجديد يا مسترد الملك.. والمجد التّليد من يوم التوحيد الأول أعلنها دعوة صلاه من يوم التكوين الأمثل أعلنها مبدأ حياه (لا إله إلا الله محمد رسول الله) رايتنا دعوتنا غاية منهج أمّتنا لبّيناها ردّدناها ونشرنا في الدّنيا صداها ورغم الحاسد.. ورغم الحاقد بالتّوحيد اتحّدينا متحدينا جاوزنا الصعاب بالتّوحيد اتعدّينا متعدّينا طاولنا السحاب وبالتوحيد وحّدنا الإله وحّدنا الوطن خالد الفيصل