تبدأ محاكمة جوهر تسارناييف المتهم بتنفيذ اعتداءي بوسطن اليوم في هذه المدينة الواقعة في شمال شرق الولاياتالمتحدة، بعد نحو سنتين من المأساة التي خلفت ثلاثة قتلى و264 جريحاً أثناء ماراثونها الشهير. ويواجه تسارناييف (21 عاماً) الشاب المسلم الشيشاني الأصل الذي حصل على الجنسية الأميركية في 2012، عقوبة الاعدام في قضية الاعتداء المزدوج الاخطر منذ اعتداءات 11 سبتمبر 2001 في الولاياتالمتحدة، اذ تم تفجير قنبلتين يدويتي الصنع مخبأتين في حقيبتي ظهر قرب خط الوصول لماراثون 15 ابريل ما اشاع الرعب بين عشرات آلاف المشاهدين المحتشدين على مساره. ومن المقرر تلاوة محاضر الاتهام ثم الدفاع اليوم في جلسة الافتتاح في المحكمة الفدرالية بعد الانتهاء من تشكيل هيئة المحلفين. ويتوقع ان تستمر المحاكمة المرتقبة جدا حتى يونيو. وقد سعى الدفاع بكل قواه الى نقل المحاكمة الى مدينة اخرى معتبرا انه يستحيل تشكيل هيئة محلفين محايدة في مدينة تعد 650 الف نسمة ما زالت تحت وقع ذلك الهجوم المزدوج. لكن القاضي المكلف جورج اوتول رفض ثلاث مرات ذلك. كما رفضت محكمة استئناف بدورها طلبا مماثلا الجمعة الماضي. الا ان الدفاع لم ييأس اذ تقدم بطلب رابع الاثنين يرى الخبراء انه سيلقى المصير نفسه. وينتظر ان يحضر المحاكمة العديد من عائلات الضحايا الذين يريدون كشف ملابسات الاعتداءين، علما ان نحو خمسة عشر جريحا بترت اعضاؤهم، كما ان هناك طفلا في الثامنة في عداد القتلى. ولا تزال هناك ظلال كثيرة تحيط بالتحضيرات لتنفيذ الاعتداءين وحول شخصية المتهم صاحب الشعر الكث الاشعث والقامة الهزيلة الذي كان طالبا في 2013 وكان يبدو مندمجا في المجتمع. وبحسب الاتهام فقد قام بإعداد الاعتداءين مع شقيقه الاكبر تيمورلنك الذي كان عمره 26 عاما في تلك الاونة وقتل ليل 18 الى 19 ابريل 2013 في ووترتاون بضاحية بوسطن اثناء تبادل اطلاق نار مع الشرطة. وقبل ذلك قتل الاخوان الهاربان شرطيا. اما الدفاع فقرر وصف تيمورلنك بانه هو القائد والمتآمر الرئيسي الذي اعتنق افكارا متشددة وبدونه لما كان حصل شيء. ويأمل التمكن من مناقشة ذلك في المرحلة الاولى من المحاكمة وليس الثانية حيث سيتقرر اي عقوبة تنزل به. وتم توقيف جوهر تسارناييف مساء 19 ابريل بعد عملية مطاردة شرسة. وعثر عليه مختبئا في مركب موضوع في حديقة في ووترتاون وكان مصابا بجروح خطرة. وكتب على احد جدران المركب "الحكومة الاميركية تقتل مدنيينا الابرياء. نحن المسلمين نقف صفا واحدا، فإن اذيتم احدا منا فانكم تؤذونا جميعا. توقفوا عن قتل ابريائنا وسنتوقف". وقد طلب محاموه الاثنين ان ينقل المركب الملطخ بالدماء الى المحاكمة لتراه هيئة المحلفين. واعتبر المدعون العامون ان نسخة عن الرسالة كافية. واستغرق اختيار المحلفين ال12 وستة بدلاء لهذه المحاكمة شهرين فيما توقع القاضي في البداية ثلاثة اسابيع. ودعي اكثر من 1300 شخص مطلع يناير الى المحكمة لملء استمارة. ثم استجوب نحو 250 شخصا افراديا بعد ذلك وابقي نحو ستين منهم ليتم اختيار اعضاء هيئة المحلفين الثلاثاء من بينهم. وقد تباطأت عملية الاختيار بسبب عواصف ثلجية عدة بقيت اثناءها المحكمة مغلقة. وحتى قبل افتتاح المحاكمة فان مسألة عقوبة الاعدام ماثلة في كل الاذهان. والمحامية جودي كلارك في هيئة الدفاع عن تسارناييف متخصصة في عقوبة الاعدام واستطاعت انقاذ موكلين عدة شهيرين منهم على سبيل المثال اريك رودولف منفذ اعتداء الالعاب الاولمبية في اتلنتا في 1996 او تيد كازينسكي الملقب ب"يونابومبر" منفذ سلسلة عمليات تفجير لطرود على مدى 18 عاما او ايضا جاريد لوفنر الذي نفذ عملية اطلاق نار اصيبت خلالها غابرييل غيفوردز العضو في الكونغرس بجروح خطرة في 2011. وجميع هؤلاء اعترفوا بذنبهم في لحظة ما مقابل التخلي عن عقوبة الاعدام. وقد حكم عليهم بالسجن المؤبد. اما تسارناييف المعتقل في شبه عزلة منذ القاء القبض عليه فدفع ببراءته من التهم الثلاثين الموجهة اليه ومنها استخدام سلاح دمار شامل تسبب بالموت واعتداء في مكان عام. لكن من الممكن ان يقرر في اي لحظة الاعتراف بذنبه. في الاطار ذاته اعلن مجلس العلاقات الاميركية الاسلامية في فلوريدا الاثنين انه سيلاحق قضائيا مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) الذي قتل احد عناصره صديقا للاخوين تسارناييف منفذي هجوم بوسطن. وقالت هذه المنظمة المدافعة عن الحقوق المدنية انها وجهت مذكرة الى الشرطة الفدرالية بعد "الموت التعسفي" لابراهيم توداشيف الذي قتل خلال استجوابه في 2013 على هامش اعتداءات بوسطن. وتشكل هذه المذكرة خطوة اولى قبل ان ترفع المنظمة شكوى رسمية. وافلت عنصر الاف بي آي الذي قتل المشبوه الشيشاني الاصل، من الملاحقات القضائية. وقالت المنظمة في مذكرتها "حوالى منتصف الليل وبعد استجواب دام خمس ساعات، قتل العميل (اهارون) ماكفارلين توداشيف. اطلق عليه سبع رصاصات وتوداشيف لم يكن مسلحا ولم يكن يحمل سكينا او متفجرات او اي سلاح قاتل آخر". وتابعت المنظمة ان توداشيف "لم يكن يهدد باصابة العميل او اي شخص آخر بجروح خطيرة ومع ذلك لم يقدم اي تبرير يفسر وفاته". وقالت مديرة قسم الحقوق المدنية في المنظمة في فلوريدا تانيا دياز كليفنجر "نريد اجوبة واحقاق العدل لشخص قتل بسبع رصاصات اطلقها عنصر من الاف بي آي بعد سبع ساعات من الاستجواب في شقته". من جهته، قال مكتب التحقيقات الفدرالي انه لا يستطيع التعليق على التطورات الاخيرة واشار الى تحقيقين اجريا العام الماضي من قبل وزارة العدل ومكتب المدعي في فلوريدا واديا الى تبرئة الشرطة الفدرالية. وقتل توداشيف (27 عاما) في 22 مايو 2013 بعد استجوابه ساعتين من قبل عناصر مكتب التحقيقات الفدرالي في شقته في اورلاندو بينما كان يحاول مهاجمة محقق. وقبيل مقتله اعترف توداشيف بتورطه بجريمة قتل ثلاثة اشخاص ارتكبها في 11سبتمبر 2011 مع تيمورلنك تسارناييف اكبر الاخوين المتهمين الاعتداء الذي وقع في بوسطن . ومنذ قتله، يؤكد مسؤولو الاف بي آي ان توداشيف استل سكينا او حاول الاستيلاء على مسدس احد رجال الشرطة الفدرالية. ومكتب التحقيقات الفدرالي اهتم بتوداشيف منذ اعتداء بوسطن وقام باستجوابه عدة مرات. وكان هذا الشاب يعرف تيمورلنك تسارناييف.