الأسبوع الماضي دخل العالم مرحلة جديدة بإعلان الإدارة الاتحادية للملاحة الجوية الأمريكية أنه بوسع الشركات الأمريكية التقدم للحصول على حصة في أراضي القمر، وبالطبع فالهدف من هذه الخطوة هو تشجيع استثمارات القطاع الخاص الأمريكي في القمر، والسؤال الآن ما هي أهمية هذه الخطوة من الولايات المتحدة؟ قبل الإجابة عن التساؤل لا بد من الإشارة إلى أن مرحلة استكشافات القمر مهدت الطريق لاستكشافات النظام الشمسي وعدد من الكواكب كالمريخ والذي تقترب مقومات الحياة فيه إلى ماهي عليه في الأرض، وبالعودة إلى أهمية الخطوة الأمريكية أنها تعد كخطوة استباقية لحماية أصول الشركات الأمريكية الطامحه للاستثمار في القمر لاسيما مع إعلان عدد من الدول إرسال مركبات فضاء للقمر ابتداء من العام القادم ومنها الهند واليابان والصين. أهمية الاستثمار في القمر يترجمها عدد من الأهداف أهمها المنافع الاقتصادية المتوفرة به ومنها الهيليوم-3 الموجود على سطح القمر والذي يمكن استخدامه كوقود نظيف وفعال وآمن للاندماج النووي فضلا عن الموارد المعدنية ووجود القمر على نقطة محورية في مسار مركبات الفضاء إلى المريخ وما بعده من كواكب ما يعني أن الاستثمارات في القمر ستكون مهمة جدا في استثمارات الفضاء بشكل عام وكذلك القمر، وما يؤكد ذلك سعي شركة بيجلو ايروسبيس الأمريكية اقامة سلسلة من القواعد على القمر بدءا من عام 2025 بتكلفة 12 مليار دولار بعد نجاح تجاربها والتي من المتوقع أن تبدأ خلال العام الجاري على مرحلتين تشمل المرحلة الأولى إقامة منطقة معيشة في الفضاء على متن المحطة الفضائية الدولية، بينما المرحلة الثانية تشغيل مواقع فضائية للوكالات الحكومية والمؤسسات البحثية وقطاع الاعمال والسياح، فضلا عن استثمارات شركة جوجل في الفضاء بتكلفة مليار دولار والتي تهدف من خلالها إلى تطوير وسائل النقل في الفضاء وتصنيع أقمار صناعية منخفضة الارتفاع نسبياً لإيصال الإنترنت إلى مختلف أرجاء العالم. من خلال ما سبق يتضح أن العالم شرقا وغربا يسعى إلى الاستثمار في الفضاء بما في ذلك القمر أي أن ملامح الاقتصاد العالمي والتنمية البشرية وطبيعة الأعمال قد تتغير خلال عقد أو عقدين على الأكثر، وما يهمنا الآن في ظل هذه المرحلة القادمة والتي بدأت ملامحها تلوح في الأفق هو إعادة تقييم أهمية استكشافات الفضاء بالنسبة لنا والاستثمار فيها، فما يتم الإعلان عنه اليوم قد يصبح تحولا كبيرا في الصناعة والإنتاج خلال سنوات محدودة ويتطلب ذلك بالضرورة الإسراع في صناعة تعليم مختلف قادر على تأهيل كوادر لمرحلة قادمة تتسم بالتحولات السريعة لا سيما في الفضاء.