مشروع الإسكان الخيري الذي تبنى إنشاءه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في عام 1413ه عندما كان أميراً لمنطقة الرياض، ضمن إسهامات جمعية البر التي كان يرأسها في حينه، وكانت نواته الوحدات السكنية التي أمر ببنائها للتخفيف من معاناة أسر فقيرة كانت قد تعرضت منازلهم للانهيار أو التصدع نتيجة الأمطار الغزيرة التي هطلت على مدينة الرياض في ذلك العام، بعد أن أبلغه عنها سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله-، هو أحد نماذج ريادته -حفظه الله- في العمل الخيري، وترسيخه لمفهوم التكافل الاجتماعي بين أبناء المملكة، حيث أسهم هذا المشروع المتواصل عطاؤه منذ ذلك الحين وعلى مدى (23) عاماً في توفير السكن الكريم للأسر المحتاجة بمنطقة الرياض من خلال توفير نحو (1900) وحدة سكنية لإيواء ما يصل إلى (13000) ساكن في العاصمة الرياض وتسع من المحافظات التابعة لها، البعض من تلك الوحدات منتهي ومأهول بالسكان، والبعض الآخر جار تنفيذه، وجزء آخر في مرحلة الطرح للتنفيذ. لقد بدأ هذا المشروع من خلال تبرع من سموه حينها وبعض الموسرين من أهالي مدينة الرياض تحت مظلة جمعية البر، ليتحول في عام 1418ه إلى مشروع خيري مستقل، ثم ينتهي إلى جمعية خيرية عام 1429ه ويصبح إسكاناً تنموياً، حيث لا تكتفي الجمعية بتأمين المأوى فقط للمستحقين من الأسر المحتاجة، بل تذهب إلى أبعد من ذلك، وهو دعم فكرة تنمية هذه الأسر اقتصادياً واجتماعياً، عبر مجموعة برامج تنظمها الجمعية لهم، تفعل من خلالها دور الفرد داخل محيط اسرته ومجتمعه، فكل مجمع سكني يضم مركزاً يعنى بإقامة الأنشطة المختلفة، وتأهيل المستفيدين من الأسر المحتاجة، إلى جانب تحقيق التواصل الاجتماعي وتقوية العلاقات الاجتماعية فيما بينهم، وتوظيف طاقاتهم بما يعود بالنفع عليهم، فضلاً عن متابعة نمو هذه الأسر وتطورها في برامج الجمعية التي تقدم لهم، لهذا حصدت الجمعية عدداً من الجوائز المحلية والإقليمية والعالمية لقاء ما قدمته وما زالت تقدمه من إسهامات خيرية وتنموية في جهودها المتواصلة بهذا المجال. إن نبل المقاصد التي قام عليها هذا المشروع، منذ أن كان تبرعاً، وصورة من صور التكافل الاجتماعي بين أبناء المدينة الواحدة، إلى أن أصبح منظومة مشروعات تنموية تسمو بالقيم الاجتماعية في منطقة الرياض وتطوره من نشاط فرعي محدود في جمعية البر، إلى نشاط أساسي مستقل ومتنام ترعاه جمعية خيرية تنموية متخصصة، يحتم وبالذات في هذه المرحلة التي تتطلب تضافر الجهود لتحقيق ما تنبئ عنه مؤشرات المستقبل عن نمو وازدهار قادم لمجتمعنا بإذنه تعالى، إضافة لما ينبغي أن تعتز به هذه الجمعية من حمل اسم خادم الحرمين الشريفين، أن تتحول إلى مؤسسة للإسكان التنموي، بدل أن تظل جمعية، بحيث يتوفر لمشروعاتها وبرامجها مصدر تمويل ثابت من أوقاف أو نحوها، يكون كافياً ومناسباً لتحقيق الأغراض التي تسعى إليها المؤسسة، وتتجاوز بموجبه مرحلة الاقتصار على التبرعات وما تجود به إسهامات المحسنين لأداء أنشطتها على الوجه المطلوب، وتتمكن المؤسسة كذلك من توسيع دائرة إسهاماتها لتشمل كافة المستحقين من الأسر في كافة مناطق المملكة، كما أن من الأهمية أن تبادر إلى تشكيل مجلس يضم مؤسسات وجمعيات الإسكان التنموي والخيري الأخرى في المملكة، لضمان التنسيق فيما بينها وتحقيق التكامل بين منظومة مشروعاتها وبرامجها.