أكد المحلل السياسي والباحث في شؤون الجماعات الإرهابية حمود الزيادي العتيبي بأنه لا يجب أن يكون هناك جدل في مسألة ضلال فكر تنظيم "داعش" الإرهابي فجميع أصحاب العقول الطبيعية يدركون أن هذا التنظيم هو تنظيم إرهابي إجرامي بلا شك وان ما أقدموا عليه من إحراق الطيار الأردني الأسير معاذ الكساسبة خير دليل على ضلال التنظيم. وأشار الزيادي أن تنظيم "داعش" يجب أن يواجه بطريقة أكثر احترافية، فهم يقومون بأعمال وحشية فيجب أن تكون المواجهة موازية لخطورة هذا التنظيم، فما يجري في المنطقة والعالم حالياً هي مواجهة غير متكافئة مع "داعش"، فالتنظيم حتى الآن لم يقرأ بشكل واضح ودقيق يوازي خطورته، فالجريمة التي أقدموا عليها بحرق الطيار الأردني الأسير معاذ الكساسبة كانت مقصودة، فطريقة التنظيم وإستراتيجياته وتكتيكاته تقوم على عنصرين أساسيين هما الصدمة والرعب، فدائماً ما يمارسون الأعمال الوحشية في تنفيذ جرائمهم ويفاجئون العالم بطريق أكثر وحشية في كل مرة وبطريقة غير متوقعة. حرق الطيار الأردني تكتيك مقصود لاستقطاب المزيد من الفئة الوحشية ولإرعاب الخصوم وبين العتيبي أن تلك الوحشية المتعمدة من تنظيم "داعش" تحقق للتنظيم تجديد الوجود في أذهان الناس والعالم، وفي نفس الوقت يعطي قيمة للتنظيم في حالة تجنيد واستقطاب عناصر أخرى لدى الذين يتوافقون مع فكر "داعش"، فالتنظيم لا يسعى إلى تجنيد كل العالم في صفة وهم يدركون أن الناس الطبيعيين لن يتبعوهم، فهم يريدون استقطاب هؤلاء الفئة الوحشية والذين لديهم تشكل فكري يماثل فكر وطريقة "داعش"، لذلك نجد أن التنظيم في عملياته يركز على هذا البعد الوحشي غير الإنساني، ليخاطبوا عن طريق الاتصال الرمزي مزيدا من المقاتلين، وفي نفس الوقت إرعاب الخصوم وتخويفهم، بطرق مختلفة وجديدة كل مرة. واعتبر الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية أن ما يمارسه التنظيم في طريقة إخراج وتصوير هذه العمليات الوحشية بدقة عالية ما هو إلا عمل ممنهج ومدروس ومقصود بحد ذاته وليس فقط لتصوير حالة ما، فتصوير الفيديو الذي عرض لمدة 22 دقيقة للطيار الأردني معاذ الكساسبة وهو يمر بين أكوام الحطام هو أمر مقصود، وذلك لإعطاء إيحاء أنه واجه مصير هو كان السبب فيه ثم حرقه، وإعطاء إشارات ونصوص دينية وفتاوى يضعونها في غير سياقاتها للتشويش على البسطاء، وهذا يشكل خطورة كبيرة فنحن لم نجد على المستوى الديني من يفكك خطاب "داعش"، فكل ما نسمعه إدانات غير كافية فالكل يعلم أنه تنظيم إرهابي. وطالب الزيادي من المشايخ وعلماء الدين المعتبرين في العلوم الشرعية بالمملكة وخارجها بمواجهة فكر "داعش" بفكر مضاد يبين بطلان وضلال تلك الفئة، فالأفكار التي يمررها التنظيم في فيديوهاته أفكار خطيرة، إذا لم نتصد لها ونفكك هذا الخطاب والنصوص ووضعها في سياقاتها الصحيحة، ومواجهتها بخطاب ديني حقيقي سلمي وإلا فإن دعاية التنظيم ستستقطب المزيد من الأتباع وهنا الخطورة، فيجب إدراك حقيقة أن "داعش" تنظيم قوي ومتماسك وخطير، وأن هذا التنظيم لن يتردد في ممارسة أي أعمال قد لا تخطر على العقل البشري، مشدداً على دور العلماء الكبير في ضرورة مراجعة الخطاب الديني. ولفت العتيبي النظر إلى أن ما يقوم به تنظيم "داعش" من إساءة للدين والإساءة للأمة فضلاً عن الممارسات الوحشية الخطيرة التي يقوم بها، والتي قد تستمر آثارها إلى عقود طويلة حتى لو قضي على التنظيم خلال السنة أو السنتين المقبلتين ، وذلك ما لم يكن هناك مواجهة دينية فكرية لهذا الخطاب الذي أنشأ "داعش" ومكنهم من توظيف هذه الممارسات.