في الأيام القليلة الماضية تناولت صحف غربية ما يجري داخل المملكة من انتقال سلس للحكم ومبايعة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله، وكانت التقارير التي نشرتها تلك الصحف مجافية للواقع ومليئة بالمغالطات التي تتنبأ باضطرابات ستعيشها المملكة في حال رحيل الملك المغفور له عبدالله بن عبدالعزيز، ونشرت سيناريوهات عجيبة واحتمالات مضحكة معظمها مع الأسف من محللين وصحافيين يدعون معرفتهم بالشأن السعودي وقد اتضح أنهم أبعد ما يكونون عن ذلك. التلاحم والتكاتف الشعبي مع القيادة جعل من تلك القراءات الواهية مجرد عبث صحفي ومضيعة للوقت. فما تناقلته الصور والكاميرات وهي تنقل الجموع الغفيرة من المواطنين التي تعزي، وتبايع الملك سلمان والأمير مقرن والأمير محمد بن نايف كانت أصدق الاستفتاءات لعلاقة الحاكم بالشعب. الصورة التي تناقلتها معظم وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية من داخل المملكة كانت رداً تلقائياً وعفوياً على أصحاب التحليلات المشبوهة، وأعطت درساً مجانياً لمعرفة كيف هي العلاقة بين الأسرة الحاكمة في المملكة ومواطنيها في وقت تضيق الشعوب المجاورة بقياداتها، وهي علاقة عصية على تفسير المغرضين من المحللين الغربيين. إن ما تناقلته الصور من حب متبادل بين القيادة والشعب والمبايعة التي تمت بكل هدوء وسلاسة لم يمنع من استمرار البعض في طرح أوهامه عبر تحليلات ساذجة وتوقعات جوفاء، وهذا يستدعي إعادة سريعة لاستراتيجية "الإعلام الخارجي" للمملكة وإعادة هيكلته ليتماشى مع ما تمر به المملكة من حملات مغرضة. الإعلام الخارجي التابع لوزارة الثقافة والإعلام بأدواته الحالية لا يتوازى مع ما تعيشه المملكة من تطور وتقدم وما تواجهه من حرب إعلامية مختلفة الانتماءات والتوجهات، الأمر الذي يستوجب إعلاماً خارجياً أكثر رؤية ويتماشى مع المعطيات المستجدة، ويحتاج إلى مزيد من القدرات المتميزة التي تحمل روح التجديد والمبادرة، كما يحتاج إلى ترتيب زيارات مستمرة لبعض المحللين والصحفيين الأجانب بمختلف الاتجهات، وإنشاء مركز إعلامي دائم ومستمر. الإعلام الخارجي السعودي بحاجة إلى متحدث إعلامي متميز ومتمكن ليس لشرح قوانين الملكية الفكرية والإجراءات الداخلية إنما ليناقش وبموضوعية ما يطرح من أخبار وإشاعات واستنتاجات خاطئة.. والأمل بالوزير الشاب الدكتور عادل الطريفي أن يبدأ مسيرته من خلال هذا الجانب المهم.