تعاني مدينة عين العرب الكردية السورية التي تم تحريرها الاثنين من تنظيم "داعش" بعد معارك طاحنة من دمار شامل، وفق مراسلي الصحف الذين تمكنوا من دخولها أمس الأربعاء. ولم يتبق في الجزء الشرقي من المدينة الذي بات تحت السيطرة التامة للمقاتلين الاكراد من وحدات حماية الشعب الكردي سوى الركام والمباني المتداعية بسبب عنف المواجهات والضربات الجوية التي شنها التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة. ومنيت الاحياء الغربية باضرار اقل حيث امكن مشاهدة بعض السكان المدنيين، وفق مراسل وكالة الأنباء الفرنسية الذي دخل المدينة بعدما فتحتها القوات الكردية لفترة وجيزة امام الصحافيين. وعند عدة مفترقات طرق في المدينة، كانت مجموعات من المقاتلين الاكراد بلباس شبه عسكري ترحب بوجود الصحافيين عبر اطلاق الرصاص في الهواء ورفع شارات النصر. والهدوء كان يعم كل اقسام المدينة التي دخلها الصحافيون والتي خلت الى حد كبير من سكانها. ومنذ بدء هجوم الجهاديين على كوباني وضواحيها في منتصف سبتمبر، عبر حوالى 200 الف مدني سوري غالبيتهم من الاكراد الحدود للجوء الى تركيا. أما اليوم فلا تزال الحدودي بين تركيا وسورية مغلقة رغم مرور يومين على خروج "داعش" منها. وقال مسؤول في الهيئة الحكومية التركية المكلفة الاوضاع الطارئة رافضا الكشف عن اسمه "لن نسمح بدخول اي لاجئ حتى اشعار اخر". ونشرت السلطات التركية عناصر من الدرك والجنود في محيط مركز مرشد بينار الحدودي على بعد كيلومترات من مدينة سوروتش (جنوب) بهدف منع اي دخول للاجئين. والثلاثاء استخدمت قوات الامن التركية الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لصد مجموعات من الاشخاص كانت تقترب من الحدود فيما احتشد الاف المتظاهرين قرب مركز مرشد بينار الحدودي للاحتفال باستعادة المدينة التي كان تنظيم الدولة الاسلامية يسيطر على اجزاء منها. وعمدت السلطات التركية أمس الأربعاء الى نقل مئات اللاجئين السوريين من اماكن اقامتهم الحالية نحو مخيم جديد فتح قبل ايام قرب سوروتش بقدرة استيعاب تصل الى 35 الف شخص. وهذا المخيم هو الاكبر الذي تقيمه تركيا على اراضيها لاستقبال اللاجئين السوريين الهاربين من الحرب في بلادهم. ويقيم اكثر من 1.7 مليون سوري على الاراضي التركية بحسب اخر حصيلة رسمية. ومنذ بدئها في منتصف سبتمبر تسببت المعارك في كوباني وضواحيها بحركة نزوح كثيفة الى تركيا لا سيما من قبل الاكراد. وكان مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية قد قال يوم أمس الأول أن طرد المقاتلين الأكراد لقوات "داعش" من مدينة كوباني السورية أوقف تقدم التنظيم المتشدد لكن ذلك لا يمثل نقطة تحول هامة في الحملة الشاملة على التنظيم. وأضاف المسؤول أن تقهقر التنظيم في المدينة التي دمرتها الحرب قرب الحدود التركية لا يعني أن "يعلن أي شخص إنجاز المهمة" في الحملة الدولية على الجماعة المتشددة التي استولت على أجزاء من سورية والعراق. وساعدت الضربات الجوية لقوات الائتلاف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة وجهود مقاتلي قوات البشمركة العراقية الكردية ووحدات حماية الشعب الكردية السورية في معركتها ضد تنظيم "داعش" بعد أن ناشدت المجتمع الدولي لمساعدتها خلال حصار المدينة. وقال المسؤول للصحافيين "جرى استعادة 90 في المئة من المدينة ومقاتلو "داعش" بدأوا الانسحاب من المدينة سواء كان ذلك استنادا لأوامر أو لانهيار صفوفهم" مشيرا إلى أن عدد مقاتلي التنظيم الذين قتلوا في كوباني يزيد على ألف. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه "ما حصل في كوباني نقض الفكرة التي تقول أن التنظيم يزحف ويتوسع بشكل لا مفر منه". وكانت عناصر التنظيم المتطرف قد شنت هجوماً على المدينة التي يغلب على سكانها الأكراد في سبتمبر واستخدموا الأسلحة الثقيلة التي استولوا عليها من العراق وأجبروا عشرات الآلاف من السكان على الفرار عبر الحدود إلى تركيا. وأصبحت المدينة التي تعرف أيضا باسم عين العرب محورا رئيسيا في الحملة الدولية على التنظيم المتشدد. ويبدو أن اسقاط الولاياتالمتحدة للأسلحة على الأكراد والاتفاق مع تركيا على السماح بتعزيزات من الأكراد العراقيين عبر الحدود حالا دون سقوط كوباني تماما. وقال المسؤول إن أكبر تقدم في ساحة المعركة تحقق بمجرد فتح ممر بري من تركيا إلى كوباني مما سمح بوصول الإمدادات إلى المقاتلين الأكراد بدعم من الضربات الجوية الأميركية. آثار المعارك لا تزال ماثلةً على طرقات المدينة (أ.ف.ب)