دائماً ما اتسمت السياسة الخارجية للمملكة باتزان الموقف ووضوح الهدف، وتجلى ذلك عبر علاقاتها العربية والإقليمية والدولية، ومن خلال مواقفها التي ما فتئت تعبرعن سياسات مستقلة تأخذ بعين الاعتبار البعدين العربي والاسلامي كركيزة اساسية في التعامل مع دول العالم المؤثرة في القرار الدولي. وتقوم سياسات المملكة على أربع ركائز.. خليجية، عربية، إسلامية ودولية ممثلة دوائر إهتمام متصاعد للتعامل حسب مرئيات المواقف وحساسيته وأبعاده الجيو سياسية. وتحرص المملكة في المجال الدولي على إقامة علاقات متكافئة مع القوى الكبرى والتي ارتبطت معها بشبكة من المصالح التي يمكن وصفها بأنها جاءت كانعكاس لدورها المحوري المتنامي في العالمين العربي والإسلامي، والتي سعت من خلالهما إلى توسيع دائرة التحرك السعودي على صعيد المجتمع الدولي، لذا تحاول المملكة أن تتفاعل مع مراكز الثقل والتأثير في السياسة الدولية آخذة في الحسبان كل ما يترتب على هذه السياسة من تبعات ومسؤوليات. وتعتز المملكة العربية السعودية بكونها أحد الأعضاء المؤسسين لهئية الأممالمتحدة في عام 1945م، وانطلاقاً من إيمانها العميق بأن السلام العالمي هدف من أهداف سياستها الخارجية، فهي تدعو باستمرار إلى أسس أكثر شفافية للعدالة في التعامل بين الدول في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها باعتبارها السبيل الوحيد إلى الإزدهار والرخاء والاستقرار في العالم، ومن ثم فإنها لا تؤمن باستخدام القوة كأداة من أدوات تنفيذ السياسة الخارجية، ولكنها تؤمن في ذات الوقت بحق الدفاع المشروع عن النفس وذلك كقاعدة من قواعد القانون الدولي. وإيماناً من المملكة بأهمية الدور الذي تلعبه هئية الأممالمتحدة ووكالاتها المتخصصة والمنظمات الدولية عموماً في سبيل رقي وازدهار المجتمع الدولي في كافة المجالات وفي مقدمتها الأمن والسلم الدوليين، فقد انضمت المملكة إلى كل هذه المنظمات وحرصت على دعم المنظومة الدولية بكل الوسائل والسبل المادية والمعنوية والمشاركة الفاعلة في أنشطتها. ويمكن القول إن السياسة الخارجية السعودية في المجال الدولي تستند إلى أسس ومبادئ مستقرة وواضحة ومنها: حرص المملكة على التفاعل مع المجتمع الدولي من خلال التزامها ميثاق الأممالمتحدة والمعاهدات والاتفاقيات الدولية المنضمة إليها وقواعد القانون الدولي التي تحدد إطار السلوك العام للدول والمجتمعات المتحضرة. وتلتزم المملكة عدم استخدام القوة في العلاقات الدولية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، وشجب العنف وجميع الوسائل التي تخل بالأمن والسلم الدوليين، والتأكيد على مبدأ التعايش السلمي بين دول العالم. كما تحرص على استقرار أسواق النفط العالمية، والسعي لتنمية التجارة الدولية على أسس عادلة ومن خلال أسس اقتصاديات السوق الحر. وتم صبغ السياسة الخارجية السعودية بصبغة أخلاقية من خلال تبنيها لمبدأ مساندة ضحايا الكوارث الطبيعية والمشردين واللاجئين في العديد من دول العالم. ويمكن إيجاز الثوابت والمبادئ الأساسية للسياسة الخارجية السعودية في الإنسجام مع مبادئ الشريعة الإسلامية الغراء باعتبارها دستوراً للمملكة، واحترام مبدأ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأية دولة ورفض أي محاولة للتدخل في شؤونها الداخلية. والعمل من أجل السلام والعدل الدوليين، ورفض استخدام القوة والعنف وأي ممارسات تهدد السلام العالمي أو تؤدي إلى تكريس الظلم والطغيان، وإدانة ورفض الإرهاب العالمي بكافة أشكاله وأساليبه، والتأكيد على براءة الإسلام من كل الممارسات الإرهابية. وتلتزم المملكة قواعد القانون الدولي والمعاهدات والمواثيق الدولية والثنائية واحترامها سواء كان ذلك في إطار المنظمات الدولية أو خارجها. ويأتي الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية في المحافل الدولية كهدف اساسي من خلال الدعم المتواصل بشتى الوسائل السياسية والدبلوماسية والاقتصادية. وتقر المملكة مبدأ عدم الانحياز ونبذ المحاور والأحلاف التي تخل بالأمن والسلم الدوليين، مع احترام حق الشعوب في تقرير المصير وحقوقها المشروعة في الدفاع عن النفس.