تبدو المملكة من أكثر دول المنطقة استقرارا وأمانا وسط بيئة سياسية مضطربة، إذ تحرص في المجال الدولي على إقامة علاقات متكافئة مع القوى الكبرى والتي ارتبطت معها بشبكة من المصالح التي يمكن وصفها بأنها جاءت كانعكاس لدورها المحوري المتنامي في العالمين العربي والإسلامي، والتي سعت من خلالهما إلى توسيع دائرة التحرك السياسي على صعيد المجتمع الدولي، لذا تحاول المملكة أن تتفاعل مع مراكز الثقل والتأثير في السياسة الدولية آخذة في الحسبان كل ما يترتب على هذه السياسة من تبعات ومسؤوليات. وتعتز المملكة بكونها أحد الأعضاء المؤسسين لهيئة الأممالمتحدة في عام 1945م، انطلاقا من إيمانها العميق بأن السلام العالمي هدف من أهداف سياستها الخارجية، فهي تدعو باستمرار إلى أسس أكثر شفافية للعدالة في التعامل بين الدول في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها باعتبارها السبيل الوحيد إلى الازدهار والرخاء والاستقرار في العالم، ومن ثم فإنها لا تؤمن باستخدام القوة كأداة من أدوات تنفيذ السياسة الخارجية، ولكنها تؤمن في ذات الوقت بحق الدفاع المشروع عن النفس وذلك كقاعدة من قواعد القانون الدولي. وإيمانا من المملكة بأهمية الدور الذي تلعبه هيئة الأممالمتحدة ووكالاتها المتخصصة والمنظمات الدولية عموما في سبيل رقي وازدهار المجتمع الدولي في كافة المجالات وفي مقدمتها الأمن والسلم الدوليين، فقد انضمت المملكة إلى كل هذه المنظمات وحرصت على دعم هذه المنظومة الدولية بكل الوسائل والسبل المادية والمعنوية والمشاركة الفاعلة في أنشطتها. ويمكن القول إن السياسة الخارجية للمملكة في المجال الدولي تستند على أسس ومبادئ مستقرة وواضحة ومنها حرص المملكة على التفاعل مع المجتمع الدولي من خلال التزامها بميثاق الأممالمتحدة والمعاهدات والاتفاقيات الدولية المنضمة إليها وقواعد القانون الدولي التي تحدد إطار السلوك العام للدول والمجتمعات المتحضرة، بالإضافة إلى التزام المملكة بعدم استخدام القوة في العلاقات الدولية وبعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، وشجب العنف وجميع الوسائل التي تخل بالأمن والسلم الدوليين، والتأكيد على مبدأ التعايش السلمي بين دول العالم، إلى جانب الحرص على استقرار أسواق النفط العالمية، والسعي لتنمية التجارة الدولية على أسس عادلة ومن خلال أسس اقتصاديات السوق الحر. كما أن السياسة الخارجية تصبغ بصبغة أخلاقية من خلال تبنيها لمبدأ مساندة ضحايا الكوارث الطبيعية والمشردين واللاجئين في العديد من دول العالم. ويمكن إيجاز الثوابت والمبادئ الأساسية للسياسة الخارجية السعودية عموما في الانسجام مع مبادئ الشريعة الإسلامية الغراء باعتبارها دستورا للمملكة العربية السعودية إلى جانب احترام مبدأ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأية دولة، ورفض أي محاولة للتدخل في شؤونها الداخلية، هذا إلى جانب العمل من أجل السلام والعدل الدوليين، ورفض استخدام القوة والعنف وأية ممارسات تهدد السلام العالمي أو تؤدي إلى تكريس الظلم والطغيان. كما أن الالتزام بقواعد القانون الدولي والمعاهدات والمواثيق الدولية والثنائية واحترامها سواء كان ذلك في إطار المنظمات الدولية أو خارجها، من أهم أسس ومبادئ سياسة المملكة الخارجية، وهذا بالطبع من قواعد الأمن الداخلي والأمن الإقليمي والعربي عموما باعتبار مسألة الأمن مسألة متكاملة من النواحي كافة. ومن أسس ومبادئ سياسة المملكة الخارجية أيضا الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية في المحافل الدولية من خلال الدعم المتواصل بشتى الوسائل السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، إلى جانب عدم الانحياز ونبذ المحاور والأحلاف التي تخل بالأمن والسلم الدوليين، مع احترام حق الشعوب في تقرير المصير وحقوقها المشروعة في الدفاع عن النفس، بالإضافة إلى تطبيق سياسة متزنة ومتوازنة في مجال إنتاج وتسويق النفط، نظرا للثقل الذي تمثله المملكة كأحد أكبر المنتجين وصاحب أكبر احتياطي نفطي في العالم.