لا يأتي ذكر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز كرجل موهوب في فن القيادة، إلا وتسبقه مكارم الأخلاق التي اكتسبها من والده الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه، فقد كان حريصا على تطابق أفعاله مع صدق وعوده ولطف أقواله، قلبه فيه متسع للجميع، وتواضعه وبشاشته فيهما طمأنينة للمستجير، إنسانيته تتجلى رأفة بالضعيف والفقير، وقدرته عجيبة على إدارة المجتمع، على الرغم من تعدد انتماءات وثقافات وأديان الوافدين إليه من 50 دولة. بالمحبة سخر قدرات جميع من عملوا معه للإبداع رغم ساعات العمل الطويلة التي لا يتحملها إلا من اقتنع بنهجه في خدمة المصلحة العامة، وبه وبرجاله اطمأنت وأزهرت ربوع منطقة الرياض حينما كان أميرا لها بمؤشرات واضحة للزائر والمقيم. وحظيت خلال فترة إدارته التي تجاوزت نصف قرن ببنية تحتية ومرافق خدمية ومعدلات تنموية غير مسبوقة في شتى المجالات، فأصبحت بحق منطقة التنمية المستدامة في مجال العلم والمعرفة والصحة والزراعة والتجارة والصناعة والسياحة والمال والأعمال والثقافة والإعلام. وبلغت مساهماتها الاقتصادية حوالي 35% من إجمالي الناتج المحلي. وقد أولى الملك سلمان ذوي الاحتياجات الخاصة اهتماما بالغا ورعاية شاملة، انطلاقا من مبادئه الإسلامية التي تحث على العطف والرحمة. كما اهتم بالقرآن الكريم اهتماما بالغا، وخصص جائزة سنوية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره على مستوى المملكة ومولها من نفقته الخاصة، وذلك انطلاقا مما تتميز به المملكة من موقع ريادي لخدمة الإسلام والمسلمين ونشر كتاب الله العزيز. وذكر تقرير عن أمانة الجائزة أن المسابقة تهدف إلى خدمة كتاب الله الكريم بما يليق ومكانته العالية، وربط الأمة بكتاب الله تعالى تعلما وتعليما وعملا، وتشجيع الشباب والناشئة من البنين والبنات على العناية بحفظ كتاب الله الكريم وإجادة تلاوته ومعرفة معانيه، والإعانة على إعداد جيل صالح متخلق بآداب القرآن الكريم وملتزم بأحكامه، فضلا عن إبراز الجهود المبذولة لتحفيظ القرآن الكريم بالمملكة. وقد عرف عنه حفظه الله شغفه بالتاريخ عامة وتاريخ الجزيرة العربية على وجه الخصوص. وعلى الرغم من رفضه اللقب الذي أسبغه عليه جمع من المثقفين والمفكرين والأدباء والباحثين، الذين حضروا ندوة تاريخ الملك المؤسس بجامعة الملك سعود قبل سنوات، حينما أطلقوا عليه أمير المؤرخين، فأجابهم بقوله "ما أنا إلا قارئ في التاريخ"، إلا أن المؤرخين والباحثين في شؤون التاريخ أكدوا استحقاقه لذلك الوصف، مستخدمين عددا من الأمثلة التي تثبت ثقافته التاريخية العالية، وتصحيحه لكثير من أهم الأحداث في تاريخ المملكة.