البحث العلمي الجيد معاييره واضحة ومحددة، فالبحث العلمي الجيد يعرف بمحتواه ،بإضافته العلمية، بمعامل النشر للمجلة المحكمة وبترتيبها في مجال التخصص وأيضاً عدد المرات التي استخدم فيها البحث كمرجع بحثي. حين تبدأ حياتك البحثية كطالب دراسات عليا يتركز دروك في أداء التجارب المعملية (إذا كان البحث تطبيقياً) أو تنفيذ خطوات البحث إذا كان البحث غير تطبيقي اتباعاً لتوجيهات المشرف. في هذه المرحلة يكون الطالب شخصاً اعتمادياً لم يكوّن فكره أو منهجه البحثي المستقل لكن خطوة بخطوة يخرج من دائرة الاعتمادية ، حين يتخرج ويبدأ مرحلة ما بعد الدكتوراه تتطور مساهمته البحثية ليبدأ خطواته نحو الاستقلالية، في هذه المرحلة تجد ترتيب اسمه في البحث المنشور يكون كباحث أول أو ثانٍ، لأن الباحث الرئيسي أو صاحب الحقوق الأدبية والعلمية يوضع اسمه في آخر القائمة مع احتفاظه بحق المراسلة البحثية (أي توجه جميع المراسلات الخاصة بالبحث له لأنه صاحب الفكرة والمحرك الرئيسي للمشروع البحثي). من خلال ترتيب الأسماء تعرف المهام ومقدار المشاركة البحثية لكل باحث. لو انتقلنا للبيئة الأكاديمية، نجد أن الترقيات العلمية تعتمد بشكل كبير على الإنتاج البحثي، لذلك قد يشكل هذا ضغطاً على الأكاديمي حين يكون في بيئة لا تشجع البحث العلمي ولا تفهم متطلباته وبالتالي لا تطور نظاماً لوجستياً داعماً يسهل الإنتاجية العلمية في مجال البحث التطبيقي مما يؤثر على نوعية الأبحاث المنتجة وينشئ بيئة بحثية اعتمادية، هذه البيئة قد لا تهتم بنقل وتوطين التقنية ولا بتطوير مجال البحث العلمي. هنا قد يكون التفوق العددي للأبحاث أهم من نوعيتها وبصمتها العلمية، فقد تجد من يصنف نفسه بأنه باحث يتباهى بإصدار أبحاث بشكل شهري رغم أننا جميعاً نعرف أن البحث العلمي التطبيقي يأخذ وقتاً، تجد أن بعض الباحثين يعتمدون نظام التجزئة أي تجزئة النتائج للحصول على أكبر قدر ممكن من الأبحاث المنشورة وبالتالي قد تفقد الفكرة العلمية جودتها ويفقد البحث قيمته العلمية ويصبح رقماً في قائمة. فمتطلبات الترقية العلمية تعتمد بشكل أساسي على عدد الأبحاث، ولا تعتمد على معامل استخدام البحث كمرجع ولا معامل النشر ولا الإضافة العلمية بقدر ما تعتمد على موقع اسم الباحث! هل نلوم الباحث في هذه المؤسسات على طريقته في التعامل مع البحث العلمي أم نلوم المؤسسة ونظامها التقييمي؟ وبعيداً عن اللوم كيف يمكننا أن نرقى بمفهوم البحث العلمي في المؤسسات الأكاديمية؟