هي قضية، أو مشكلة، سمها ما شئت عزيزي القارئ، ولكن الأهم والمهم، أن تبعاتها مؤلمة وقاسية، واستمرارها أكثر ألماً وقسوة، مآسيها تترى، منذ عقود وأزمنة عديدة، استعصى حلها، ومعالجتها، لتظل حتى الآن، وربما مستقبلاً، جرحاً نازفاً، يدمي قلب كل إنسان في هذا الوطن! قضية، أو مشكلة حوادث المعلمات، هي حديث الناس والمجتمع، حديث يؤرق خاصة ذويهن، وأبنائهن، فمنهم، من فقد ابنة، أو زوجة، أو أماً، تركت فيهم جروحاً يصعب أن تندمل! وأحزاناً تعتصر قلوبهم، وأفئدتهم، يصعب أن تفارقهم! وحتى، من سلم منهن، من حوادث ومآسي الطرق، فالقلق، والاضطراب، والهم، والخوف، يسكنهن، من مستقبل مجهول، محفوف بمخاطر متوقعة، واحتمالات مرعبة! المعلمات العاملات، في القرى والهجر والأرياف، يتحملن كل العواصف المحيطة بعملهن! وفي مقدمة هذه العواصف: سلامة السيارات الناقلة، حالة السائقين الذهنية والعصبية، وأحوال الطرق السيئة تنفيذاً وصيانةً! كذلك يتحملن تبعات سلوك السائقين الآخرين المتهورين السالكين لهذه الطرق! أما آن الأوان، لوقف نزيف هذا الجرح المؤلم، والبحث في آليات، معقولة، ومنطقية، للتخفيف، على الأقل، من وطأة معاناة معلماتنا، ومساعدتهن، في تحمل أعباء التدريس، أو العمل، خارج نطاق الديار! وفي تقديري، لو صلحت النوايا، وحضرت الإرادة، فلن يعدم أهل الاختصاص والولاية، الحلول! على كل حال، نأمل من سمو وزير التربية والتعليم، أن يجعل هذه القضية الإنسانية في مقدمة اهتماماته، ولقد استبشرنا خيراً بأمره تشكيل لجنة عاجلة للنظر فيها، وربما لو تم تحرك تجاه تشكيل هيئة دائمة من وزارتي التربية والتعليم، والنقل، وأمانات وبلديات المناطق والمدن، وأمن الطرق، يقع على عاتقها، مهمات توصيف وتحديد أبعاد هذه المشكلة الإنسانية، ومناقشة كل الأفكار المتاحة، لمعالجتها، والاستئناس برأي المعلمات، وأولياء أمورهن، بما يخدم فرص تحقيق إطار عام، متفق عليه، يعالج مسائل النقل، والسكن، وكل ما يتصل مباشرة، بعمل المعلمات! باختلاف الحالات، وتباينها، ودرجة أهميتها، أو إلحاحها! من الخيارات المتاحة بهذا الشأن، إسناد مهمات النقل لشركة نقل متخصصة، في كل منطقة من مناطق المملكة، بسيارات جيدة، وسائقين مهرة، تتحمل الدولة الجزء الأكبر من نفقاتها، لجهة تقديم أفضل خدمة نقل ممكنة للمعلمات، عوضاً عن العشوائية الجارية اليوم، في نقلهن، بوسائط نقل تفتقر معظمها لوسائل السلامة! كذلك توفير السكن - لمن ترغب من المعلمات- بأجور رمزية،، خاصة، من كانت مدارسهن تبعد مسافات طويلة نسبياً عن بيوتهن! بما يكفيهن مؤونة السفر اليومي، بأشجانه، وأشواكه، ومخاطره! وتخصيص النقل في فترة نهاية الأسبوع، وبداية الأسبوع الدراسي الجديد! وهكذا، بالنسبة للإجازات الفصلية والسنوية! وإلى جانب هذه الإجراءات والآليات، لابد من التعاطي، في الوقت نفسه، مع مسألة طلبات النقل، وفوق أولوياتها، وبمهنية وشفافية، وأمانة ومسؤولية، والعمل على مراعاة الحالات الحرجة، والظروف الصعبة، وأخذها في الاعتبار قبل إصدار حركة التنقلات السنوية! مسك الختام: لقد تضمنت خطط التنمية الخمسية، ولعقود زمنية متواترة، الكثير من الوعود، والآمال، بتحسين مستوى معيشة المواطنين، والارتقاء بنوعية حياتهم، والتأكيد بصيغ مستفزة، على أن الإنسان السعودي هو محور التنمية، وهدفها! ولكن! من المؤسف، أن الواقع، أو الحقيقة، لا تزال، دون هذه الآمال والتطلعات، فالقضايا المعيشية، لا تزال مصدر معاناة شديدة نسبياً، لشرائح مجتمعية واسعة! وحوادث المعلمات، هي جزء من هذه المعاناة، بل! إنها أشبه بمسلسل درامي، طالت حلقاته، وتشعبت مآسيه! ننتظر نهايته، بفارغ الصبر والأمل! ولعل ذلك يكون قريباً بإذن الله. ولا نملك في هذه اللحظة، إلا الدعاء بأن يحفظ الله معلماتنا، في الغدوة والدلجة، والسفر والإقامة، وأن تحفهن رحمته وعنايته وتوفيقه! شذرة: يمكنك إنجاز بعض المهام بمجرد تغيير طريقة تفكيرك في إنجازها.