كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمام مجلس الشورى التي ألقاها نيابة عنه سمو ولي العهد شكلت خارطة طريق واضحة المعالم اتسمت بالحكمة والإلمام بالأوضاع الداخلية والخارجية وعمق الرؤية ومنهجية استراتيجية لمعالجة قضايا الوطن والأمة وهي ليست مستغربة من قائد البلاد وحكيم العرب. وحملت الكلمة إضاءات واضحة لإرساء دعائم الاستقرار الوطني وبرهنت على إدراك القيادة للتحديات الاقليمية غير المسبوقة التي شهدتها المنطقة كإفراز طبيعي لما تعرضت له بعض دول الجوار من أزمات خانقة عصفت بأوضاعها وهوت بها في قاع الصراعات الأهلية والطائفية، فأصبحت المملكة واحة أمان وسط محيط مضطرب ومتأزم، واستحضرت الكلمة وعي المواطن السعودي وحسه الأمني الرفيع باعتباره الرهان الحقيقي في مجابهة التحديات والمهددات التي تتطلب المزيد من اليقظة والحذر واللحمة الوطنية والأمن المجتمعي. كما أكدت الكلمة قدرة المملكة على التعاطي الإيجابي مع التطورات الطارئة في سوق النفط الناتجة عن اضطراب نمو الاقتصاد العالمي وسبق أن تعرض سوق النفط لمثل هذه المنعطفات وواجهتها المملكة بالحكمة والحنكة وتجاوزتها بجدارة وهذا محفز جديد للمضي قدماً في سياسة تنوع مصادر الدخل والانعتاق من أسر الاقتصاد وحيد الجانب أو محدود الجوانب لاسيما ان المملكة لديها الإمكانيات والمقومات وأمامها خيارات متعددة لتعزيز قدرات الاقتصاد الوطني وتنوع روافده تحسباً للطوارئ ومواكبة لمتطلبات التنمية المستدامة واستجابة لمصالح الجيل الحاضر وتأمين احتياجات جيل الغد. وأكدت الكلمة ان الأمن يتصدر اهتمامات القيادة وان الإرادة هي الرهان الفعلي لتحقيق الاستقرار وان الحزم هو فرس الرهان في المعادلة وان الدولة لن تسمح بأي تهديد للوحدة الوطنية ولا مكان بيننا للمرتهنين للخارج.. ولا شك ان الوطن يتسع للجميع بمختلف مكوناتهم وان حب الوطن والتحلي بالإخلاص والأمانة والتفاني في خدمته هو المعيار الحقيقي للمواطنة. وأشارت الكلمة بوضوح إلى ان التنمية الشاملة لا تنفصل عن الالتزام بمنظومة القيم الأخلاقية والثقافية التي ترتكز عليها سياسة المملكة والتي تتضمن الرحمة والتسامح والمحبة وتطبيق مبدأ الشفافية والمساءلة والإصلاح المؤسسي وحماية النزاهة ومكافحة الفساد وأن العدالة شكلت منطلق الحكم عبر تاريخ المملكة وستظل بوصلته في المستقبل وهنا تبرز أهمية الإصلاح الشامل انطلاقاً من تفعيل دور الجهات الرقابية لاسيما هيئة مكافحة الفساد والأجهزة المعنية الأخرى وكذلك دور القضاء في تحقيق العدالة بمختلف مستوياتها خاصة ان مرفق القضاء شهد نقلة تطويرية نوعية خلال هذا العهد الميمون، ينتظر ان تؤتي ثمارها على أرض الواقع وتسهم في تجسيد العدالة في أبهى صورها.