الزميل الإعلامي من الأردن الشقيق والمقيم بالمملكة منذ سبعة وعشرين عاما ومعه زميل إعلامي من لبنان الشقيق لم يمض على وجوده عدة أشهر بالمملكة كنت أتحدث معهما عن علاقة السعوديين بضيوفهم المقيمين من الناحية الاجتماعية وذلك على خلفيات التسلسل الدرامي لمسلسل «الحور العين» ولم تتفق وجهات نظرنا حتى أعلنت محطة «إيه بي سي» عن بدء اللقاء المنتظر مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، وظهور المذيعة المخضرمة باربرا وولترز بالعباءة النسائية السعودية لتعلن عن بداية لقائها مع الملك عبدالله. ظهور الملك عبدالله حفظه الله مع السيدة باربرا لم يكن ظهورا تلفزيونيا عاديا بكل المقاييس الإعلامية، كنا نشاهد اللقاء بمتعة أضفاها لنا الحضور المفعم بالصدق والتواضع لخادم الحرمين الشريفين، لم يكن لقاءً سياسياً متخماً بالجوانب البروتوكولية كما اعتدنا في اللقاءات التلفزيونية مع ملوك ورؤساء الدول، كان الملك عبدالله خلال اللقاء ملكاً ورجلاً متواضعاً وإنساناً عفوياً وداعية سلام وسياسياً من الطراز الأول في الوقت نفسه صاحب نظرة مستقبلية لبلده وشعبه. كان زميلاي الأردني واللبناني مندمجين معنا نحن السعوديين المذيع سعود الدوسري والإعلامي رياض المعارك والممثل مشعل المطيري في مشاهدة متعة الحضور الرائع للملك عبدالله مع الإعلامية الشهيرة باربرا لأننا ومن خلال هذه المتعة ساهم الملك عبدالله في أن تتفق وجهات نظرنا جميعا حول الجانب الآخر للإنسان السعودي المسالم والمحب للسلام حتى لو كان احد أسئلة باربرا الرئيسية عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر وعلاقة السعوديين بها، عندما قال الملك عبدالله بكل صدق وبلسان كل السعوديين :« لقد كان لتلك الهجمات تأثير سلبي في جميع السعوديين، لان هذا يتعارض مع تعاليمنا، فنحن العرب دائما أوفياء لأصدقائنا ونحن نعتز بصداقاتنا». حديث خادم الحرمين الشريفين لمحطة «إيه بي سي» الأمريكية تميز من النواحي الفنية بالتقنية العالية في سيناريو الحوار واللقطات المصاحبة له، مع تفوق تقني في النواحي الإخراجية وطريقة الاعتماد على ان الصورة كانت تتحدث أكثر، وهذا التفوق وبكل صدق للنواحي الفنية للقاء ساهم فيه كثيرا الحضور غير العادي للملك عبدالله واستطاعته ان يكسر الجمود الذي يصاحب في العادة اللقاءات المترجمة ويجعل من أسلوب وطريقة إجاباته حفظه الله لغة أخرى قريبة لقلب المشاهد وبعيدة عن الحوارات الإعلامية المصورة لرؤساء الدول الرسمية وأحيانا المملة على المشاهد العادي. «أنت الملك» بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان وقوة وعظمة وأحيانا جبروت للآخرين، لم تستفز بها المذيعة باربرا الملك عبدالله عندما كان حديثها عن موضوع قيادة المرأة، وسؤالها القوي لخادم الحرمين بقولها «ألا يمكنك فقط أن تصدر مرسوما بالسماح للمرأة بقيادة السيارة؟ أنت الملك». ولأنه الملك الواثق من نفسه كانت أعظم إجابة له لهذا السؤال مرتبطة بالبداية بإشارته حفظه الله وبكل عفوية وصدق بيده اليمنى لعينيه مع قوله :« إنني أقدر وأهتم بشعبي كما أهتم بعيوني»، فجمع - حفظه الله وسلم عينيه - في هذه الإجابة الكثير من روح العلاقة التي تربط ما بين القيادة وأبناء الشعب، جعلت هذه الاجابة باربرا بابتسامة واندهاش تقول «هل هذه إجابة»، رغم انه في داخلها من وجهة نظري كانت تتوقع ان يكون استخدامها لكلمة «أنت الملك» بانتظار إجابة غير التي سمعتها من سياسي وقائد يفتخر بحب شعبه، ليزيد حفظه الله من اندهاشها بإجابة أيضا مليئة بالتواضع والصدق «نعم احترم شعبي ومن المستحيل ان اعمل أي شيء غير مقبول من شعبي» . في حوار خادم الحرمين الشريفين مع محطة «إيه بي سي» تستطيع ان تكشف جوانب متعددة من الناحية الإعلامية للبعد السياسي لشخصية الملك عبدالله وحرفيته الدبلوماسية في حواره مع سيدة شهيرة في هذا المجال على المستوى العالمي، ولكن بالفعل كان الجانب الإنساني المليء بالصدق والشفافية طاغيا على لغة الحوار، حيث كانت الكاميرا تعطينا حوارا آخر أيضا مليئاً بالتشويق والإنصات أكثر سمعيا وبصريا مع اللقاء بتسلطها الضوء على ملامح وجه الملك عبدالله وتتبعها المستمر لتفاعل حديثه حفظه الله مع تفاعل لغة يديه، فكان القاسم المشترك في هذا اللقاء الهام حضور ملك مع رسالة تسامح ونظرة مستقبلية والاهم علاقة حب مابين شعب وملك، وكذلك ومن خلال ملامح زميلي الإعلاميين الأردني واللبناني وجدت ان هذا الحوار كان أيضا علاقة ملك مع شعبه والمقيمين ضيوفا ببلده بكل الحب لهم، وفارس عربي يثير الإعجاب بافتخاره بعروبته، عندما أكد حفظه ذلك بقوله :«فنحن العرب دائما أوفياء لأصدقائنا ونحن نعتز بصداقاتنا». أخيراً.. عندما قال وبكل حب وتواضع وإنسانية حفظه الله «واهتم بشعبي كما اهتم بعيوني» ردننا وبصدق «سلمت عيناك وحفظك الله».