أكد فهد بن عبدالله القاسم عضو مجلس إدارة غرفة الرياض أنه على الرغم من الجهود الجادة التي بذلتها وزارة العمل لتصحيح اختلالات سوق العمل، إلا أن الكثير من قراراتها مثل التوطين والحد الأدنى للأجر ستشكل ضغوطاً هائلة على معدلات التضخم، كما أن بعضها يقيد الكثير من الصناعات، وبالتالي تحد من قيامها أو هروب رؤوس الأموال من قطاعات منتجة ومهمة إلى قطاعات أقل إنتاجاً أو أقل أهمية، أو من المملكة لخارجها، وانتقد قصر تطبيق نظام "ساند" على موظفي القطاع الخاص، دون موظفي الحكومة، وتساءل إذا رأت الوزارة أنه بمثابة تأمين اجتماعي للمجتمع ككل، فلماذا لا يشارك موظفو الحكومة فيه؟ وقال القاسم في حوار مع "الرياض" إنه كرر الدعوة كثيراً إلى التوجه للاستثمار في الحج والعمرة والسياحة الدينية كقاعدة مساندة لتنويع مصادر الدخل، انطلاقاً من الميزة التنافسية التي تنفرد بها المملكة وهي احتضانها للحرمين الشريفين وامتلاكها لسوق تزيد عن مليار مستفيد، إلا أنه يرى أنه لم يتم الاستثمار الصحيح في ذلك حتى الآن. وحول مشكلة الإسكان رأى أن الحل يتطلب المرونة والتعجيل في إجراءات التخطيط والتطوير، وقال إن تحمل الدولة لتكاليف الخدمات الرئيسية يشجع المطورين العقاريين ويخفض التكلفة، وشراكة الدولة ممثلة في وزارة الإسكان وصندوق التنمية العقاري مع كبريات شركات التطوير العقاري سيؤدي إلى وجود منتجات مناسبة للسوق وبأسعار معقولة، وإلى تفاصيل الحوار: السوق المالية السعودية * كيف ترون التغييرات الأخيرة على السوق المالية مثل السماح للمستثمر الأجنبي وكذلك تنظيم علاقات ومدد الشركات الخاسرة؟ ومن وجهة نظركم ماذا ينقص السوق حتى الآن؟ - السوق المالية السعودية تعتبر أكبر سوق مالية في المنطقة، وتمارس أفضل التطبيقات في الحوكمة، والتنظيم لا يسبقه في ذلك سوى السوق العمانية، وقد أخذت على عاتقها مؤخراً مجموعة من التنظيمات التي تزيد من فعالية السوق، مثل السوق الموازية وتطبيقات الحوكمة الرشيدة. وفي رأيي أن السوق تحتاج إلى المزيد من الطروحات الجديدة، وتعميق السوق من حيث عدد الشركات، وإعادة تنظيم القطاعات داخلها، كما أن السوق تحتاج إلى دمج بعض الشركات الصغيرة والخاسرة، وأبرز مثال على ذلك شركات التأمين. * هل ترون أن سوق الأسهم بدأت تجذب رؤوس الأموال من استثمارات أخرى مثل العقار؟ وإلى أي مدى يمكن أن تؤثر الخسائر الأخيرة في جاذبية السوق؟ - السوق المالية محلياً وعالمياً تصنف على أنها من الاستثمارات عالية المخاطر، ولكن من مزاياها أنه استثمار يتميز بالسيولة العالية، على خلاف العقار الذي يتميز بصعوبة التسييل وانخفاض المخاطر. حلول مشكلة الإسكان بحاجة إلى المرونة والتعجيل في إجراءات التخطيط والتطوير وكلا السوقين هما المنفذان الوحيدان للاستثمار محلياً، ويتسابقان في كسب المستثمرين، ولا شك أن لكل منهما مؤيدين ومعارضين، والضربات الأخيرة على سوق الأسهم لا شك أنها تقلل من جاذبية السوق، ويفترض أن تدفع الهواة من المستثمرين الى الحذر أو الخروج منه. الإسكان ** الإسكان بات قضية بلا حل، ولكم عدة مقالات حول القضية، فاذا كان المال موجوداً وبلادنا مترامية الأطراف، أين يكمن الخلل؟ وما هي الحلول التي يمكن أن توفر الإسكان بأسعار مناسبة؟ - الإسكان قضية كل مواطن وحق من حقوقه، واختصاراً للعديد من الصفحات لشرح الخلل والذي تحدثت عنه كثيراً أعتقد أنه يكمن في "قل الدبرة"، أما الحلول فكثيرة، ولا أظنها تحتاج إلى إعادة صياغة، فهناك الكثير من التجارب الناجحة حولنا، ولكنها حلول مترابطة معاً، فمثلاً أعتقد أن بنك الإسكان خطوة مهمة في هذا الصدد، والضواحي خارج المدن الكبرى خطوة أخرى. وكذلك المرونة والتعجيل في إجراءات التخطيط والتطوير والموافقات أمر مهم ومشجع، تحمل الدولة لتكاليف الخدمات الرئيسية مشجع للمطورين ومخفض للتكلفة، وشراكة الدولة ممثلة في وزارة الإسكان وصندوق التنمية العقاري مع كبريات شركات التطوير العقاري سيؤدي إلى وجود منتجات مناسبة للسوق وبأسعار معقولة. أداء غرفة الرياض * بحكم عضويتكم في مجلس إدارة غرفة الرياض.. هل ترون أن الغرف واكبت متطلبات المرحلة الحالية من التنمية؟ وكيف يمكن تعزيز هذا الدور؟ - الغرف التجارية مهمتها دعم قطاعات الأعمال، وتسهيل مهامها، وتنسيق الدور المهم في علاقتها بالجهات الحكومية، وتحقيق مصالح قطاعات الأعمال المختلفة، وفي رأيي أن الغرف التجارية لا زالت مقصرة تجاه دورها المفترض، وينتظر منها عملاً أكثر مهنية، ودعماً أكبر لقطاعات الأعمال المختلفة. بعض الأنظمة الجديدة قد تتسبب في هروب رؤوس الأموال من القطاعات المهمة والمنتجة إلى الأقل منها إنتاجاً وأهمية وتعزيز هذا الدور في رأيي يتم عن طريق تحديد رؤى واستراتيجيات وأهداف واضحة للغرف، وقيام مجالس الإدارة بالتنفيذ، ومحاسبتها على ذلك، يضاف لذلك تشكيل اللجان داخل الغرف بالانتخاب من القطاعات المختلفة، وتفعيل الحوكمة الرشيدة داخل الغرف، واختيار الأكفاء للإدارة التنفيذية. سوق العمل * لايزال القطاع الخاص يتلقى مزيداً من الأنظمة والقرارات الصادرة عن وزارة العمل وبعضها بشكل مفاجئ، هل ترون أن هناك ضبابية فيما يخص المستقبل من حيث القرارات التي تعنى بقطاع الأعمال؟ - وزارة العمل لديها أهداف إيجابية تسعى لتحقيق التوطين في القطاع الخاص، ولكنها في رأيي تعتبر حالياً أحد أبرز المعوقات في ممارسة الأعمال في المملكة. * كيف تقيمون إصلاحات سوق العمل الرامية لتوفير الوظائف للسعوديين، والتوسع في توظيف المرأة في منافذة البيع رغم تراجع الإقبال على هذا النوع من الوظائف، وفرض نظام "ساند"؟ - سوق العمل كان مليئاً بالتشوهات والاختلالات، وتقوم وزارة العمل بمحاولات جادة لإصلاح ما تستطيع من هذه الاختلالات، ولكنها وللأسف تعمل على إصلاح ما يتوافق مع هدفها وهو التوطين بمعزل عن المؤثرات الأخرى والتي تتعلق بمفاصل الاقتصاد. فكثير من قرارات الوزارة مثل التوطين والحد الأدنى للأجر ستشكل ضغوطاً هائلة على معدلات التضخم، وسيتم تحميلها على المستهلك النهائي في نهاية المطاف بشكل مباشر أو غير مباشر، كما أن بعضها يقيد الكثير من الصناعات، وبالتالي تحد من قيامها أو هروب رؤوس الأموال من قطاعات منتجة ومهمة، إلى قطاعات أقل إنتاجاً أو أقل أهمية، أو من السعودية لخارجها. القاسم متحدثاً للزميل السالم أما بخصوص توظيف المرأة ففي رأيي أن الوزارة تقوم بجهود كبيرة للتوظيف، ولكنها وللأسف مقصرة في حماية المرأة بعد عملها، ولا تقوم بنفس الجهود للتحقق من مناسبة بيئة العمل للمرأة. وبخصوص نظام "ساند" وإن كانت الفكرة من ورائه تسمو بها النفوس، إلا أن تطبيقها تم بشكل تعسفي لا يصح، وفيه ظلم واضح على موظفي القطاع الخاص، وإن رأت الوزارة أنه بمثابة تأمين اجتماعي للمجتمع ككل، فلماذا لا يشارك موظفو الحكومة فيه، فهم أيضاً من المجتمع ومنه وإليه. تنويع القاعدة الاقتصادية * هل نجحنا في تحقيق الحد الأدنى من تنوع القاعدة الاقتصادية؟ أم لايزال الواقع غير واضح من حيث الاستراتيجية بعيدة المدى؟ وهل تقرر أننا بلد صناعي أو زراعي أو سياحي.. الخ؟ - في رأيي أننا نفتقد للاستراتيجية في القاعدة الاقتصادية، وأفضل دليل على ذلك هو سؤالك وسؤال الكثيرين عنه !! فمنذ خطة التنمية الأولي قبل ما يقارب خمسين عاماً وتنويع مصادر الدخل هو الهدف الأكثر إلحاحاً في الخطة، وإلى اليوم تحتل إيرادات القطاع النفطي وما يرتبط به أكثر من 90٪ من إيرادات الدولة. وقد دعوت في أكثر من مناسبة ومقال مكتوب إلى التوجه للاستثمار في الحج والعمرة والسياحة الدينية كقاعدة مساندة لتنويع مصادر الدخل، فاحتضان المملكة للحرمين الشريفين ميزة تنافسية لا ينافسنا فيها أي دولة في العالم وسوقها يزيد عن مليار مستفيد، وهي سلعة غير ناضبة. فالدول تصرف المليارات للترويج للسياحة وتبذل الغالي والنفيس لإقناع السائحين بالصرف، بينما في الحج والعمرة يبذل المسلمون في أصقاع الأرض ثرواتهم ومدخراتهم للقدوم إلى بلادنا ويتقربون إلى الله بصرف الأموال في هذه الرحلة، نحن المقصرون أولاً وآخراً في ضياع هذه الفرصة وهذا الأجر العظيم.