بعد أن يرحل الحريد.. ماذا تبقى من المهرجان؟ وماذا ينتظر فرسان؟    التعادل الإيجابي يحسم لقاء الرياض والفتح في دوري روشن للمحترفين    أمير الرياض يدشّن مشروعات تنموية في الخرج بتكلفة 47 مليون ريال    فيصل بن سلمان يزور عائلة الرويشد    حارس مرمى غوانغجو: سنحسم مواجهة الهلال خلال ال 90 دقيقة    معرض للتوعية بالأمن السيبراني    المملكة رئيسا لإقليم آسيا بمنظمة الأرصاد الجوية    أمير الرياض يرعى حفل افتتاح أعمال المنتدى السعودي للألبان بمحافظة الخرج    افتتاح جناح مدينة الرياض بمعرض بوينس آيرس الدولي للكتاب    الرئاسة الدينية تحذر من المقاطع المفبركة لأئمة الحرمين    منصة لحماية الأوقاف وتعزيز شفافيتها    "النجيمي"عضو فريق توثيق تاريخ كرة القدم السعودية: كافة مكتسبات الكرة السعودية والأندية محفوظة وفق معايير التصنيف    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عالية الدويش    «النقد الدولي» يحذر من تجاوز الدين العام العالمي لمستويات «كورونا»    افتتاح مكتب النيابة في مطار الدمام    محافظ الطائف يستقبل مدير عام هيئة حقوق الإنسان بمنطقة مكة المكرمة    نائب أمير تبوك يهنئ نادي نيوم بمناسبة صعوده لدوري روشن للمحترفين    أمير تبوك يستقبل الفائزين في معرض جنيف الدولي للاختراعات    رئيس مجلس الشورى يعقد جلسة مباحثات رسمية مع رئيس مجلس الشورى القطري    محافظ الطائف يكرم الجهات المشاركة في فرضية الدفاع المدني    وكيل محافظة بيش يكرم القادة و المتطوعين بجمعية البر ببيش    أمير تبوك يهنئ نادي نيوم بمناسبة صعوده لدوري روشن للمحترفين    ملك الأردن يغادر جدة    بخبرة وكفاءة.. أطباء دله نمار ينقذون حياة سيدة خمسينية بعد توقف مفاجئ للقلب    الأمير محمد بن ناصر يرعى انطلاق ملتقى "المواطَنة الواعية" بتعليم جازان    رئيس جامعة الإمام عبدالرحمن يفتتح أعمال ومعرض المؤتمر ال17 لمستجدات الأطفال    القبض على مواطنين لترويجهما مادتي الإمفيتامين والميثامفيتامين المخدرتين و 1.4 كيلوجرام من الحشيش المخدر    حظر جماعة الإخوان في الأردن    وكيل محافظة بيش يدشن أسبوع البيئة    أمير الحدود الشمالية‬⁩ يدشّن مشروعات صحية بأكثر من 322 مليون ريال    الدكتور الربيعة يلتقي عددًا من المسؤولين في القطاع الصحي التونسي    فعاليات ثقافية بمكتبة الملك عبدالعزيز لليوم العالمي للكتاب    Saudi Signage & Labelling Expo يعود إلى الرياض لدعم الابتكار في سوق اللافتات في المملكة العربية السعودية البالغة قيمته 492 مليون دولار    السعودية تدين بأشد العبارات الهجوم الإرهابي الذي وقع في ( با هالجام) في جامو وكشمير والذي أسفر عن وفاة وإصابة العشرات    الداخلية: 50,000 ريال غرامة بحق كل مستقدم يتأخر عن الإبلاغ عن مغادرة من استقدمهم في الوقت المحدد لانتهاء تأشيرة الدخول    بيان مشترك في ختام زيارة رئيس وزراء جمهورية الهند للسعودية    ترند اليوم لا تتذكره غدا في هيئة الصحفيين بمكة    105 تراخيص جديدة .. ارتفاع الاستثمارات والوظائف الصناعية في السعودية    إطلاق أكثر من 30 كائنًا فطريًا في محمية الملك خالد الملكية    الاحتلال يُدمر آليات الإنقاذ استهدافًا للأمل في النجاة.. مقترح جديد لوقف الحرب في غزة وسط تصعيد متواصل    عودة رائد الفضاء دون بيتيت بعد 220 يوما    مصر ولبنان يطالبان بتطبيق القرار 1701 دون انتقائية    سفراء الوطن يحصدون الجوائز العالمية    مؤتمر مكة للدراسات الإسلامية.. فكر يبني وانسانية تخدم    اقترب من مزاحمة هدافي روشن.. بنزيما.. رقم قياسي تاريخي مع الاتحاد    الخليج والقادسية في ديربي شرقاوي.. والرياض يواجه الفتح    استمرار تحمل الدولة رسم تأشيرة عمالة مشروع «الهدي».. مجلس الوزراء: إنشاء غرفة عمليات لاستقبال ومعالجة بلاغات الاحتيال المالي    في ختام الجولة 30 من يلو.. الحزم لملاحقة النجمة.. والبكيرية لضمان» البلاي أوف»    أمير المدينة المنورة يطلع على جهود "الأمر بالمعروف"    دول آسيوية تدرس مضاعفة مشتريات الطاقة الأميركية لتعويض اختلال الميزان التجاري    معرّفات ظلامية    مؤتمر القصيم لطب الطوارئ يختتم أعماله    دليل الرعاية الصحية المنزلية.. خارطة طريق لكفاءة الخدمات    7 مليارات ريال تمويل القروض الزراعية    ما الأقوى: الشريعة أم القانون    نائب أمير الرياض يُشرف حفل السفارة الأمريكية بمناسبة ذكرى اليوم الوطني    موجبات الولادة القيصرية وعلاقتها بالحكم الروماني    أمير تبوك يستقبل القنصل العام لجمهورية أفغانستان لدى المملكة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلزاك والخياطة الصينية الصغيرة!؟
لمحات
نشر في الرياض يوم 10 - 01 - 2015

"الأمر المميز للرواية الجديدة أنها تجرّنا في عالمها ومن ثم ندور فيه منفصلين عن الواقع، بعد أن ننساه. لكن كيف يحصل هذا الأمر والرواية هذه هي من يكشف ذات الواقع المحيط بنا ؟"
( أرنستو سباتو )
***
لم تعد الرواية تعني سرد الحكايا والتمثّل بالأشعار للتسلية والسمر وتضييع الوقت، لقد أصبحت تعتمد في بنيتها الأساسية على فكرة معينة تهدف من خلالها إلى توصيل معرفة ما إلى المتلقي، إذ تدخل معه في همومه اليومية الآنية والمستقبلية محللة ومنظرة في شتى القضايا الحياتية التي تمس الإنسان وتشغله ويشاغلها من أجل أن يصل إلى ما يشبه الحلول لكثير من القضايا الإنسانية، فهي تتناول القضايا التعليمية، والاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، متخذة منها موضعة لكل حدث حسب قدرات الكاتب الذي ركز على قضية من القضايا التي تمس الحياة متخذا اسلوب الراوي مباشرة، أو مشيرا إلى الراوي الداخلي في طريقة الطرح، ولهذا كان الاهتمام بالرواية التي كانت تعتبر مضيعة للوقت نظرا لتوجهها الى بسط وعرض المشاكل ومن ثم رصد الحلول عن طريق السرد، ففي رواية (بلزاك والخياطة الصينية الصغيرة) للكاتب الصيني (ديه سيجي) ما يشبه الوصف التحليلي للثورة الثقافية التي تبناها(ماوتسي تونغ) وقاد الأمة الصينية قسرا إلى محاولة تطبيقها بكل طريقة على اعتبار أنها هي الطريقة المثلى لحياة الشعب الصيني الكبير متخذا من ذاته (أنا) التي يحلل لنفسه ما يحرمه على الآخرين متواريا خلف التوجيه إلى محاربة البرجوازية التي (يمارسها) كما في فلسفته عن طريق مغايرة لمسيرة الواقع الغربي الرأسمالي، فهو اشتراكي ومعنى ذلك أن يكون العمال والفلاحون هم القاعدة التي يجب أن يُجَر إليها الأطباء والمهندسون، والعلماء، والفنانون، وقد عرّفت الكاتبة الصينية (يونغ تشانغ) في روايتها الشهيرة (بجعات برية) بأن سمة الحركة الماوية سيادة الجهل بسبب حسابه (= ماوتسي تونغ) أن الطبقة المثقفة هدف سهل لسكان معظمهم أميون، وبسبب حقده الدفين على "التعليم النظامي والمتعلمين، وبسبب جنون العظمة لديه الذي أدى إلى ازدرائه أعلام الثقافة الصينية، وسبب ثالث هو احتقاره للحضارة الصينية التي لا يفهمها: مثل العمارة والفن، والموسيقى، فقد دمر الكثير من تراث البلاد الثقافي، ولم يخلِّف وراءه أبدا كيانا متوحشا فحسب. بل أرض بشعة فيها القليل مما تبقى من مجدها السابق"
وفي تحديد دقيق جدا للواقع الذي عم البلاد وقت التسلط الماوي الذي قضى على كل الزعامات المتفتحة والتي كانت تعمل من أجل صين قوية ذات شأن لكونها تملك القدرات البشرية والعقول المنتجة، ولخوفه على زعزعة الهالة التي منحه أياها الشعب كرمز، ولكنه تجاوز الكثير مما أدى إلى وجود معارضة سرعان ما عمل على تصفيتها بالقوة معتمدا على السمعة الإعلامية التي تتكئ على العامة والدهماء من الملايين الذين يسامون سوم العذاب في الحقول، وقد فرض العزلة عليهم حتى لا يعرفون عن العالم شيئا، ففي بداية يونيو 1966 وبأمر من ماو "أخذت صحيفة (الشعب) تجابه البلاد بالافتتاحيات الطنانة الواحدة تلو الأخرى داعية إلى إقامة سلطة الرئيس ماو المطلقة، وإلى كنس كل الشياطين الثيران والأبالسة الأفاعي (الأعداء الطبقيين) وحاّضة الشعب على السير وراء ماو، والمشاركة في المشروع العظيم الذي لم يعهد له نظير بتفجير "ثورة ثقافية " .
في مدرستي تقول (تشانغ): توقف التدريس تماما منذ بداية يونيو رغم أنه كان علينا الاستمرار في الحضور، وكانت مكبرات الصوت تذيع "افتتاحيات صحيفة (الشعب) وكثيرا ماكانت الصفحة الأولى التي علينا دراستها كل يوم تحتها صورة (ماو تسي تونغ) بحجم صفحة كاملة، وكان هناك عمود يومي يتضمن اقتباسات من أقوال ماو.
ما زلت أتذكر الشعارات المكتوبة بالخط العريض التي حُفرت في ثنايا عقلي، من خلال قراءتها في الصحف المرة تلو الأخرى :"الرئيس ماو هو الشمس الحمراء في قلوبنا" و"ماوتسي تونغ هو خط حياتنا". و"سنسحق كل من يعارض الرئيس ماو" و"الناس في سائر أنحاء العالم يحبون قائدنا العظيم".
وكانت هناك صفحات من التعليقات المتعبّدة والمفتعلة بأقلام أجانب، وصور وحشود أوروبية تحاول أن تختطف أعمال ماو من الأيدي لقد كانت العزة القومية تُعَبأ لتكريس عمادته. ما لبثت قراءة الصحف اليومية أن أخلت مكانها لترديد واستظهار أقوال الرئيس ماو التي جمعت في كتاب جيب ذي غلاف بلاستيكي أحمر عرف باسم (الكتاب الأحمر الصغير) وقد أُعطي كل تلميذ نسخة منه، وقيل له أن يحفظه عن ظهر قلب ويحافظ عليه كحدقة العين، وفي كل يوم كنا نهتف بمقاطع منه في تناغم، وما زلت أذكر العديد من الأقوال بالحرف الواحد.
لقد تبع سحب طلاب الثانوية في محاولة "تأهيلهم" وخصوصا أبناء الطبقة المتعلمة من الأطبا والمهندسين، والمدرسين الذين اطلق عليهم لقب البرجوازيين، والرجعيين، أُخِذَ هؤلاء الشباب إلى خارج المدن وزُجَّ بهم في الأرياف مع المزارعين في بيئات يختلط فيها الحيوان بالإنسان في المسكن والمأكل والقليل من الراحة، حيث العمل الدائم وحمل القاذورات من مخلفات الحيوانات، وكذا الإنسان، والتأهيل ليكونوا فلاحين وحجارين وصنّاعاً، وعمالاً، وفي هذا يكون الشعب عاملا للمستقبل، بينما الأمر كان عكسيا إذ أخذ الانحدار ينخر في مفاهيم الناس وعمت الأمية والنظر إلى الزعيم العظيم كأبدي، ولكن حدث الاختلاف الكبير بعد رحيل ماو وما حصل من تصحيح ومحاولة إحياء جديدة على أيدي الزعماء بعده الذين دخلوا حلبة العالم من خلال إحلال العلوم وفتح الاقتصاد والتعايش والتجاذب مع العالم، وفي رواية "بلزاك والخياطة الصينية الصغيرة " تقرير لثلاثة من الشباب الذين خصعوا للتأهيل ممن وسموا بالبرجوازيين وأعداء الاشتراكية، يصفون أحوالهم منذ البداية إلى انقشاع الغمة، وبسبب الانفتاح على الثقافة الأخرى بدءا بكتابات الروائي الفرنسي (أنوريه دي بلزاك).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.