قيام بعض المراهقين بتعذيب وقتل حيوانات يعدها المختصون من الجرائم الناتجة عن اضطراب في السلوك، وربما اضطراب عقلي ينبئ عن جرائم يحتمل قيامهم بارتكابها في المستقبل، فالمتوقع أنهم لن يقفوا عند هذا الحد لأن الأحداث دلت على أن مرتكبي مثل هذه الأفعال يكونون عادة ممن يحملون مشاعر عدوانية تجاه البشر أيضاً، وقد أظهرت بعض الدراسات المتعلقة بجرائم القتل والاغتصاب أن مرتكبيها لهم تاريخ في تعذيب الحيوانات أثناء فترة طفولتهم ومراهقتهم، وأن سلوكهم تجاه الحيوانات له علاقة بالسلوك المعادي للمجتمع الذي اكتسبوه ممن حولهم، فكلما كان الأطفال محاطين بأفراد يراعون الحيوانات ويتعاملون معها برفق كلما انطبع ذلك على سلوك الأطفال والعكس. وهناك حسب التقارير المنشورة في دول أخرى تاريخ مليء بأسماء قتلة محترفين كانت بداياتهم الإجرامية تؤكد ميولهم العدوانية تجاه الحيوانات. ولذلك فإن الحوادث البشعة التي سمعناها مؤخراً عما قام به بعض الشباب والمراهقين من تعذيب وقتل لحيوانات، وبطرق وحشية سادية يجب ألا تمر ببساطة، وعلى الجميع أن يدرك أن هذه الأفعال الإجرامية المرعبة تهدد أمن الأفراد والمجتمع لأنها تعكس استهانة بالغة بحقوق الكائنات الحية، وحالة من العبثية والخواء الروحي والعقلي وكأن هؤلاء المراهقين لا يجدون شيئاً نافعاً في حياتهم يفعلونه، ونحن ننتظر من الجهات المسؤولة بعد حالة الصدمة التي عبر عنها الكثير منا أن تعطينا توضيحات عن خلفية هؤلاء وبيئاتهم وأعمارهم ورأي عائلاتهم بما فعله أبناؤهم، وتطلعنا على أقوالهم بعد تقديمهم للعدالة وإيقاع العقوبات التي يستحقونها. كما أنه من المفترض أن تقوم كل جهة معنية بهذه القضايا بالدور المطلوب منها، ففي البيت والمدرسة يجب تربية الأطفال على رعاية الحيوان واحترام حقه في الحياة والأمن والغذاء، ويتوجب على الآباء والأمهات أن يكونوا قدوة لأطفالهم في التعامل مع الحيوانات عملاً بالقيم الإنسانية وتوجيهات ديننا، فلا أذى ولا صراخ، مع تقديم الغذاء والشراب والرعاية للحيوانات الأليفة التي تعيش في المنزل لأن الشعور بالتعاطف تجاه الحيوانات يبدأ من الطفولة، وتربية الطفل على احترام كل من يختلف عنه، سواء أكان حيواناً أو إنساناً تحول دون استخدامه العنف مستقبلاً، وتعلمه كيف يتفاعل مع من حوله، وعلى الجهات الأمنية والقضائية والجمعيات المعنية بالحيوانات إعطاء الأهمية لطرق التعامل مع الحيوان، ووضع ونشر القوانين الرادعة لأي تجاوز، والانتباه إلى أي تصرف يظهر شيئاً من القسوة تجاه الحيوانات، وإحالة الطفل أو المراهق إلى أخصائي نفسي إذا لوحظ عليه مثل ذلك. وإذا كانت الدراسات والتجارب تشير إلى أن الطريقة التي يتعامل فيها الطفل مع الحيوانات تنبئ عن سلوكه المستقبلي، فيمكن بمراقبة سلوك الأطفال العنيف مع الحيوانات والتدخل للعلاج تفادي الكثير من الجرائم.