قد يتعاطف البعض مع أشخاص متوسطي أو محدودي الدخل من السعوديين الذين يقومون بالاتفاق مع شخص أجنبي على افتتاح محل باسم السعودي يعمل فيه الأجنبي وبحيث يعطي مبلغا معينا للسعودي، أو على الأقل يرون أن هذه القضية لا تمثل أولوية لأن هناك أمورا أهم يجب معالجتها، إلا أن الغالبية يدركون خطورة التستر وضرورة الحزم في مواجهته، ومواجهة وجود مئات الالوف من الأجانب المخالفين الذين تزدحم بهم مدننا، متسببين في العديد من الإشكاليات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، ومن وجهة نظري أنه لو تمت معالجة ظاهرة «التستر»، بطريقة فعالة، مع وجود حزمة من القرارات الاقتصادية والتنموية المصاحبة للفراغ الذي سيحدث نتيجة لمعالجة التستر - على أن تكون قرارات جريئة وشاملة ومدروسة بعناية - لتمكنت المملكة من معالجة البطالة الرجالية والنسائية بنسبة كبيرة، بعيدا عن السعودة الوهمية، وبالتالي معالجة مشكلة الفقر. * إدراكا للجهات التشريعية في البلد لمخاطر التستر فإن الأنظمة المكتوبة في غاية الصرامة مع المتسترين والمتستر عليهم، ولكن للأسف الشديد فإنه طوال العقود الماضية كان هناك «ميوعة» ملموسة من قبل الجهات التنفيذية المعنية بتطبيق تلك الأنظمة، مما جعل معظم الصيدليات ومحلات التجزئة والخياطين وورش السيارات والمغاسل، وغيرها، تعمل تحت مظلة التستر، والضحية هو البلد والمواطن والمواطنة، وكان الكتّاب والمخلصون قبل عدة سنوات يطالبون بإلحاح بمحاربة التستر، دون أن تحرك الجهات المعنية ساكنا، حتى أصبحت الكتابة عن هذا الموضوع من باب التكرار والجدل البيزنطي الممل للكاتب وللقارئ. * أنظمة التستر قوية جدا على الورق حيث تتضمن العقوبات التشهير بالمتسترين في صحيفتين على حسابهم، وشطب السجل التجاري وإبعاد المتستر عليه عن المملكة، مع غرامة مليوني ريال قد تتضاعف بحسب عدد المحلات التي تدار بالتستر، وتصل العقوبة للسجن سنتين وفقا لما تراه الجهة القضائية التي تنظر في القضية، وهذه عقوبات رادعة بلا شك، وعند توفر الجدية في التطبيق فإنه ليس من المستحيل كشف التستر وبخاصة أن النظام نص على منح مكافأة مجزية لمن يقوم بالتبليغ عن حالة تستر. * مؤخرا أعلنت وزارة التجارة أنها ستطبق نظام التستر بكل حزم، والجميع الآن يدرك أن وزارة التجارة قول وفعل وأن لديها الجدية اللازمة والحزم مع المخالفين، كما أن وزارة العمل تدعم هذا التوجه، وهي ايضا وزارة تطورت كثيرا، وصارت أكثر جدية في تطبيق الانظمة بصرامة، مع الاختلاف معها على جوانب أخرى. لكنْ هناك تخوف من عدم قدرة على التطبيق على بعض المتنفذين، ومعلوم أن أسوأ عامل يصاحب تطبيق أي نظام، هو تطبيقه على الضعفاء واستثناء الاقوياء، والكرة الآن في ملعب الجهات الحكومية الأخرى للقيام بدور أقوى في مجال مكافحة التستر، ودعم التحركات الوطنية لمحاربة الظاهرة، وعدم السماح لأي مزايد بخلط الاوراق ومن ذلك مثلا رجل أعمال يريد شيئا واحدا هو زيادة ارباحه مهما استمرت البطالة والفقر، أو شخص يقف حجر عثرة أمام حل مشاكل الواقع، ومنها البطالة النسائية والفقر عبر بث فزاعات التغريب والاختلاط و»الخلوة». ومن هذه الجهات الحكومية التي يجب أن تدعم جهود الدولة وخطوات وزارتي التجارة والعمل في محاربة التستر، ثم البطالة، وزارات الداخلية، والمالية، والاعلام، والشؤون الاسلامية، والشؤون البلدية والقروية. كما أن هناك فرصة للمتسترين تجنبا لهذه العقوبات الصارمة بحيث يقومون بتصفية هذه الأنشطة وبيعها على مواطنين يديرونها بأنفسهم ويعملون في بعضها، أو إغلاق تلك الكائنات الطفيلية المنتشرة في الاحياء ومنها على سبيل المثال البقالات التي يملك معظمها أجانب، ونسبة السعودة «غير الوهمية « فيها قد لا تتجاوز 1 % ! بحيث تكون الفرصة اكبر لافتتاح أسواق مركزية كبيرة يعمل بها على الأقل في البداية مانسبته 50 % من ابناء وبنات الوطن.