أجواء البر والصحراء أجواء جميلة وهادئة تستهوي سكان المدن راغبي الراحة والاستجمام، ويتجلى ذلك أثناء فصلي الشتاء والربيع وهطول الأمطار ونبات الأرض واخضرارها واعتدال الأجواء حيث يحلو البر ويتحقق لقاصدي النزهة والزوار الخصوصية والأجواء المفتوحة وجمال الطبيعة والهدوء والابتعاد عن ضجيج المدن وازدحامها. والمتابع يلاحظ أن غالبية المواطنين تفضل المتنزهات البرية الطبيعية على المتنزهات المزروعة والحدائق داخل المدن لقضاء بعض الوقت اثناء العطلات وأوقات الفراغ. ولا شك أن مدينة الرياض بالذات بحاجة قصوى لمزيد من المتنزهات وأماكن الراحة والاستجمام لعدم كفاية ما هو موجود الان وذلك بسبب كثافة السكان وشدة الزحام وصخب المدينة، ونرى أن من المناسب اعتماد شعاب محافظة الحريق القريبة متنزها وطنيا جنوب مدينة الرياض وتخصيصها متنفسًا لسكان العاصمة والمدن القريبة الأخرى، لما حباها الله من موقع جغرافي مميز ومقومات طبيعية منفردة ولكثرة شعابها وفجاجها - في حدود -350 شعباً- وغزارة أشجارها البرية كبيرة الحجم ودائمة الخضرة وذات الظل الوارف كأشجار الطلح والسرح مع وفرة الغطاء النباتي، إضافة إلى تنوع تضاريسها وإحاطتها بالجبال الشاهقة من جميع الجهات، حتى ليخيل لمن هو وسطها أن لا طريق له للخروج منها، فلا توجد طرق تسلك سوى عبر تفريعات الشعاب والوادي من جهتي الغرب والشرق، والذي يعكس جمال الطبيعة، وهناك مزايا أخرى مهمة كسلامة المنطقة من التعدي والتملك فهي جميعها أراضٍ حكومية، ووجود محمية الوعول الشهيرة التي تحتل الأجزاء الجنوبية، وتعتبر من أهم المحميات الطبيعية بالمملكة من ناحية تنوع الحياة الفطرية وطبيعتها وموقعها واتساعها وما يعيش بها من حيوانات برية نادرة مثل حيوان الوعل والغزلان وغيرها. ويلفت النظر وجود بعض ينابيع المياه الصغيرة في سفوح بعض الجبال تتدفق منها المياه طيلة العام ويقصدها المتنزهون كما يقصد الرعاة أكبرها وهو الموجود في الشعب المسمى - الدخيل- لسقيا المواشي والتزود بالمياه، مما يؤكد غزارة المياه في هذه المنطقة. ولا يخفى كذلك أن محافظة الحريق القابعة وسط تلك الجبال الشماء تمثل واحة جميلة خضراء تزدان بمزارعها وبساتينها الجميلة ذات المحاصيل المتنوعة. ويجري الآن تنفيذ طريق جديد يختصر المسافة بين محافظة الحريق والعاصمة من 220 الى 135 كيلومترا تقريبا ومدة الوصول بالسيارة في حدود ساعة واحدة، وبالتالي فإن المزايا المذكورة كفيلة بترشيح هذه المواقع لتكون متنزهاً وطنياً طبيعياً على غرار ما تم اقراره من قبل الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض برئاسة سمو أمير منطقة الرياض والذي اعتمد فيه أكبر متنزه طبيعي وأطلق عليه متنزه العارض وموقعه من أعالي الحيسية شمالاً حتى جنوب الحائر جنوباً ليكون منطقة محمية ومتنزها طبيعيا يخدم سكان مدينة الرياض وزوارها - حسب جريدة الرياض- العدد 16691 في 5/5/1435 وستحقق فوائد جمة من جراء اعتماد هذا المتنزه الرديف وخاصة بعد استكمال بعض النقاط ومنها شمول الشعاب جميعها بمظلة الحماية من أجل الحفاظ على الثروة النباتية والحياة الفطرية والعمل على إبعاد الكسارات وأعمال التحجير المنتشرة التي كان لها أسوأ الأثر على الحياة الفطرية وعلى بيئة الإنسان والحيوان الصحية والطبيعية وعلى مصادر المياه والتي عانى الأهالي منها كثيرا وطالبوا بإبعادها. ومن المهم أيضا تكثيف بناء السدود في الشعاب الكبيرة كشعب عولان وشعب الجفر لحجز كميات الامطار والسيول الهائلة المتحدرة عبر الوادي والتي يصل مداها الى منطقة السهباء بالخرج وتذهب سدى دون الاستفادة منها، اذ يمكن تخزين هذه المياه في جوف الارض عبر السدود لتكون مخزناً استراتجياً يفي ببعض حاجات البلاد من المياه وقت الأزمات وشح المياه خاصة حاجة مدينة الرياض كما أن الضرورة تقتضي الإسراع في استكمال تنفيذ طريق المحافظة الجديد قيد الإنشاء ليساهم في تطوير المنطقة وإنمائها وليسهل على المواطنين والزائرين تنقلاتهم. نرفع هذا المقترح لصاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، ونتمنى من سموه الكريم أن يتبنى هذا الموضوع الهام الذي سيسهم في الحفاظ على الحياة الفطرية وسعادة وراحة المواطن، خاصة وان لدى سموه الاطلاع الشامل على تلك المواقع والتي سبر غورها اثناء الجولة الشاملة على جميع محافظات ومراكز منطقة الرياض وهو الحريص على كل ما يحقق المصلحة العامة وراحة ورفاهية المواطن..