يمكن لنا في الإطلالة العاجلة التعريف العام بالمحمية الطبيعية حيث يتفق أهل هذا الفن أن المحميات الطبيعية يقصد بها أي مساحة من الأرض أو المياه (سواء الساحلية أو الداخلية) بما تضمه من كائنات حية سواء كانت نباتات أو حيوانات أو اسماكاً أو ظواهر طبيعية ذات قيمة ثقافية أو علمية أو سياحية أو جمالية أي أن المحميات الطبيعية متعددة الأنواع وكلها داخلة ضمن هذا التعريف المبسط واهتمت الدولة بالعناية بالمحميات الطبيعية فرصدت لها العقول والأموال والجهد والعمل ولعل من ابرز المحميات في منطقة الرياض هي: (محمية الوعول) وقد يتساءل القارئ والباحث متى أنشئت وأين تقع وما هي حدودها وما أهم الكائنات الحية التي تستوطنها قبل الحماية وبعدها؟ فأقول انه تم إنشاء الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها والتي سميت أخيرا بالهيئة السعودية للحياة الفطرية حيث تأسست بموجب المرسوم الملكي رقم م / 22في 12/9 /1406ه بعدها أقامت المركز الوطني لأبحاث الحياة الفطرية في عامها الأول ثم مركز الملك خالد لأبحاث الحياة الفطرية عام 1987م وبعد ذلك توالى إنشاء المناطق المحمية ومنها هذه المحمية (محمية الوعول) الواقعة في محافظتي حوطة بني تميم والحريق جنوب مدينة الرياض على مسافة 180 كم فهي تقع وسط سلسلة جبال العارض التي تمتد من الشمال إلى الجنوب وتشمل منطقة من أشد جبال العارض وعورة وتتكون من عدة شعاب كثيرة وكبيرة وأكبرها شعيب مطعم وشعيب بوضان حيث يبدأ شعيب مطعم غربا من ريع الزلق عند مفترق سيل تربان وبالتحديد راس أم الذيابة من تربان شمالا مع سيل غواث جنوبا وذلك عند ريع الزلق وينتهي شرقا في الحلوة وهو يقع في وسط هذه المحمية ويقسمها إلى قسمين متساويين تقريبا نصف يقع شمال مطعم وآخر جنوبه اذا استثنينا غرب الظهرة المنخفض عنها نسبيا المعروف بالوكف الواقع بين تربان وعولان شمالا وغربا وبين بوضان جنويا كما يشتهر شعيب مطعم بوفرة مياهه وكثرة أشجاره ووعورة جباله خاصة في الغابة في المنطقة الواقعة بين حميط والخشنة العليا . كما تتميز هذه المحمية بصفة عامة بوفرة مائها على مدار العام ووفرة الغطاء النباتي فيها خاصة الأشجار والشجيرات المتواجدة على مدار السنة والتي تتحمل الجفاف مما جعلها بيئة صالحة لتكاثر بعض الحيوانات البرية وأهمها الوعول التي استوطنت جبال العارض منذ القدم ثم انقرضت منها تدريجيا باستثناء هذه المنطقة رغم وقوعها بين تجمعات سكانية تحيط بها شرقا وشمالا وجنوبا حيث كانت الوعول المتواجدة فيها تتعرض إلى مطاردة مستمرة من القناصين وهواة الصيد حتى شملتها الحماية النظامية عام 1407ه وكان عدد الوعول الموجوده فيها قبل الحماية قليلا ويوشك على الانقراض وبعد أن شملتها الحماية بدأ في التكاثر والنمو بشكل ملحوظ وقد سميت هذه المحمية باسم محمية الوعول نسبة إلى الوعول المتواجدة فيها وهي من فصيلة الوعل النوبي أما عن حدود محمية الوعول فيمكن تعريفها بأنها المنطقة الواقعة بين الوادي المتجهة شرقا من أعالي الحريق مرورا بالحريق ثم المفيجر ثم نعام ثم الحوطة فهي المنطقة الواقعة بين هذا الوادي شمالا ووادي برك جنوبا والمحدودة شرقا بحوطة بني تميم كما تنتهي غربا عند خشم دسمان حيث يستدير جبل المحمية الشمالي إلى الجنوب الغربي كما يستدير جبل المحمية الجنوبي إلى الشمال الغربي ويلتقيان في خشم دسمان الواقع بين بهيته والجايف وهو نهاية المنطقة الجبلية في المحمية غربا أما عن الحيوانات البرية الموجودة فيها حاليا فأهمها الوعول كما يوجد فيها حيوانات أخرى منها الوبران والأرانب والذئاب التي تكاثرت في هذه المحمية اخيرا بشكل ملحوظ وشكلت خطورة على الوعول حين قامت بافتراس الكثير منها خاصة عام 1429ه وعام 1430 حيث افترست اكثر من خمسين من الوعول تم العثور عليها في أماكن مختلفة وأكثرها في رأس مطعم شمالا وجنوبا وفي ظهرة حليه والوكف وجنوب الخضر وأغلبها من الوعول الكبيرة ومن الذكور خاصة وتمت مشاهدتنا للذئاب عدة مرات وباعداد مختلفة عند تجولنا في ظهرة المحمية ويعتبر عام 1431ه وبداية هذا العام أقل نسبة من الاعوام السابقة حيث تم رصد حوالي خمس حالات آخرها في 10/7/1432ه حين افترست الذئاب أحد الوعول الكبيرة في شرق تربان . كما توجد في هذه المحمية الثعالب والقطط البرية والضرنبان المعروف باسم (غرير) وهو يوجد بأعداد قليلة ويعتبر أقل الحيوانات وأندرها وجودا في هذه المحمية وتوجد فيها الضبان والجرابيع بالإضافة إلى بعض الطيور ومنها الحجل والحمام وكذلك الصقور والعقبان والنسور والغربان والبوم بالإضافة إلى عدة أنواع أخرى من الطيور الصغيرة كما توجد فيها الحبارى أحيانا وليس دائما بصفتها طيور مهاجرة كما يوجد فيها أنواع كثيرة من الثعابين ومنها الصل الأسود . أما عن الحيوانات التي انقرضت من هذه المنطقة قبل الحماية النظامية منها الظباء وهي من فصيلة الظبي الأدمي ولكنه أعيد توطين هذه الظباء في المحمية بعد أن انقرضت منها ويوجد فيها حاليا أعداد من الظباء في أجزاء متفرقة من المحمية وأكثرها في شعيب نخيلان المسيج الواقع في شمال برك كما كان يوجد فيها سابقا حيوانات أخرى انقرضت منها قبل الحماية ومنها النمر العربي والضبع والنيص وطائر القطا وهناك توجه إلى إعادة توطين هذه الحيوانات أو بعضها مستقبلا عندما تكون الظروف مناسبة وذلك بعد نجاح توطين الظباء في المحمية أما عن المراكز الموجودة في هذه المحمية حاليا فهي سبعة مراكز وهي المركز الرئيسي في مطعم ومركز الفارعة في الحلوة ومركز الظهرة الواقع في شرق حليَه وشمال قطَار وكذلك مركز بوضان في برك وهذه المراكز الأربعة تابعة لمحافظة حوطة بني تميم إداريا أما مركز بهيته ومركز عولان في الحريق ومركز السلامية الواقع شرق نعام فهذه المراكز الثلاثة تابعة لمحافظة الحريق إداريا كما أن هناك ثلاثة مراكز جديدة في طريقها إلى الإنشاء واحد منها في غرب ظهرة عولان بالقرب من بهيته والآخر في شمال غرب برك بين شعيب العظية وشعيب الدمثة والثالث في الظهرة وبالتحديد في المرتفع الواقع شمال راس شعيب نعم وجنوب شعيب حميط أجراف هذا وقد تم اختيار مكان مركز الظهرة المذكور بحضور واشراف صاحب السمو الأمير بندر بن سعود بن محمد ال سعود أمين عام الهيئة السعودية للحياة الفطرية خلال إحدى زياراته الميدانيه إلى محمية الوعول واطمأن سموه على اختيار الموقع المناسب الذي يحقق سهولة الرقابة على أكبر جزء من المحمية سواء الظهرة الشمالية الواقعة بين شعيب مطعم وشعيب نعم وكذلك بقية الظهرة الشمالية الواقعة شمال شعيب مطعم وشعيب نعم كما أكد سموه على ضرورة تغطية أبراج الجوال للمكان المقترح لضمان سهولة الاتصال منه وعليه وبعد أن حضر سموه الكريم إلى الموقع واطمأن على تحقق هذه الشروط اعتمد الموافقة على انشائه وهو الآن على وشك التنفيذ ان شاء الله.. هذا وأحب أن أوضح أن هذا المقال القصير لا يكفي لوصف هذه المحمية ولكني اختصرته منعا للإطالة . * مستشار بمحمية الوعول - مركز نعام