هل التطرف اصبح سلوكا منحرفا وملازما للوجود الانساني، او هو فعلا هكذا، مثل السرقة والكذب والقتل.. ام ان انحرافه من نوع آخر يصعب تحديده والسيطرة عليه؟ تاريخيا التطرف ليس ظاهرة حديثة، واسلاميا منذ مقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه الى هذا اليوم ونحن في هجرة متطرفة مستمرة تنقلنا من زمن الى زمن بخوف وتشتت، وكلما اضيئ سراج للحق اطفأته رياح الكراهية والتعصب، يقتل الفقيه بفتوى فقيه آخر، وتمنع الصلاة خلف امام بأمر من الامام. مشكلتنا مع ظاهرة التطرف اليوم تنصب بالاساس بفصلها عن مسارها التاريخي والتعامل معها كقضية طارئة على المجتمع أو كحالة حديثة التكوين ومحددة في توقيتها وانهزامها شيء حتمي، وبدأنا نتعامل معها كنتيجة طبيعة لمشاكل العصر من بطالة وفقر.. الخ، وبعد ذلك تم نقلها الى اسباب سياسية مثل غياب الحريات وضعف المشاركة السياسية، وكلما اجادت اذهان الخبراء بانتاج المسببات اعطينا التطرف مساحة جديدة ليتمدد بها، واضفنا الى سنواته عمرا جديدا يسلب من اعمارنا، فمن الاسباب التي صنعناها للتطرف جعلنا له منطقا حضاريا يحاجج به، فالقضاء على الفقر والدفاع عن الحريات مطلب حضاري وفلسفة عدالة، والارهاب ليس هكذا، ولكن نحن من جعلناه هكذا بالاسباب التي صنعناها له، هل نسحب هذه الاسباب من التطرف لينتهي أمره؟ الحقيقة هو من تخلى اليوم عن هذه الاسباب بعد ان استخدمها واكتفى.. واصبح له دولة وتنظيم لا يكون الدخول إليه الا بحرب والخروج منها لا يكون الا بحرب. ومن منطق اسباب التطرف التاريخية احيي معالي رئيس هيئات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ عبداللطيف آل الشيخ على محاربته التطرف كفعل تطرف وليس نتيجة لاسباب أخرى، ولذا تجد هناك من يهاجمه ويعارض ما يقوم به من تطوير فقصة معالي رئيس الهيئات مع التطرف كما رواها على قناة mbc الخميس الفائت تعد فصلا جديدا في تاريخ التطرف الذي يتسلح بالمنكر لمحاربة المعروف، فقد تجلت حالة التطرف واتضحت اسبابه وعرفت رجاله، ولا اسباب لديهم الا الفوضى ولا اهداف لهم سوى الفوضى، ليؤسس على الخراب مشروع الخراب.. هيئة الامر بالمعروف اليوم تقوم بدور شرعي وحضاري تعلّم الاخلاق وتحارب التطرف، فقد دفعتها الظروف الى اضافة واجب مهم على واجباتها الاخلاقية لحماية عقيدة الاسلام من الانحرافات المتطرفة وتأمين الدعوة الى الله بهدي الله، فوظيفة الهيئة جعلتها في منطقة الاعتدال، فعلى يسارها يقف اعداؤها من المتطرفين وعلى يسارهم ايضا يقف متطرفو الرذيلة، وعلى يمينها يقف الشعب وبيمينها تمسك الحق. لمراسلة الكاتب: [email protected]