أكثر ما يعجبني في أداء الهيئة العامة للسياحة والآثار تلك الأهمية التي توليها للأدوات الإعلامية فهناك جهات كثيرة لها إنجازات مشهودة لكنها لا تصل للناس ولا يعرفها أحد لأنها غائبة عن الإعلام، وقد وردتني منذ أيام عدة مطبوعات صادرة عن الهيئة ذات شكل أنيق تعمل في مجموعها على نشر ثقافة السياحة الداخلية بما تحمله من موضوعات تبرز معالم المملكة وترشد القارئ إلى ما تحويه من كنوز تراثية وتحفز لديه الرغبة في اكتشافها وتحبيب أطفاله في بلادهم حتى إذا كبروا ضخوا تلك الثقافة في عروق أبنائهم. وقد وجدت أن المطبوعات الصادرة عن الهيئة تتميز بالتنوع الثقافي فهناك نشرة تصدر باسم "سياحة وآثار سعودية " مكونة من 32 صفحة ومعها ملحق خارجي، وتضم موضوعات صحفية منوعة تتناول كثيراً من الشأن السياحي بالمملكة. إلى جانب مجلة أخرى تصدر باسم "ترحال" وهي أكثر شمولية من النشرة السابقة إذ تصل صفحاتها إلى 80 صفحة وتمتاز بأناقة إخراجية وتؤدي فيها الصور دوراً بارزاً في الإشارة إلى أهم ما في مدن المملكة من معالم سياحية وأثرية، كما تؤدي الألوان دوراً آخر في إيصال الرسالة كاملة إلى المتلقي. أيضاً تعمل الهيئة على رصد أنشطتها بشكل سنوي في تقرير مصور يضم ما تقوم به من فعاليات وندوات ومؤتمرات وبرامج ومحاضرات تثقيفية وغيرها، كنوع من التوثيق التاريخي لتلك الفعاليات حتى يمكن تقييمها فيما بعد واستخلاص النتائج منها ومعالجة ما يحدث أحياناً من قصور أو ما شابه. كما يتضح أن الهيئة تدرك جيدا أنها لا تخاطب فقط مواطني المملكة والوافدين العرب وإنما هناك جنسيات أجنبية أخرى يتوق أفرادها للتعرف على المدن المختلفة، ولهؤلاء أصدرت الهيئة مطبوعة باللغة الانجليزية لتنشر من خلالها موضوعات مشابهة لما ينشر باللغة العربية ليكون دليلاً سياحياً لمن يريد. كذلك أولت الهيئة من خلال المطبوعات أهمية بالغة للغة الأرقام التي لا تكذب أبداً، من خلال إصدار يقوم عليه مسؤولو مركز المعلومات والأبحاث السياحية (ماس) ويصدر باسم "الإحصاءات السياحية" وهو كما يظهر من مسماه يعنى بتوضيح الأرقام والإحصائيات المهتمة برصد الفعاليات السياحية ونسب زوار المهرجانات والاحتفاليات المختلفة ، وورش العمل التي تُعقد للتعريف بما تحويه المملكة من كنوز أو تلك المنعقدة لتدريب وتأهيل الكوادر العاملة في مجال السياحة وغيرها من الفعاليات الأخرى. ولا تقف المطبوعات عند هذا الحد وإنما هناك إصدارات أخرى يمكن تصنيفها في خانة الأدلة السياحية أو الارشادية تحتوي على معلومات مفصلة عن كل مدينة من مدن المملكة وما يميزها عن غيرها من المدن الأخرى، وما يُقام فيها من مهرجانات وفعاليات مختلفة. إن الجهد المبذول في تلك المطبوعات مما وقفت عليه فقط يشي برغبة واضحة من الهيئة أن تكون المركز الثقافي الرئيس الداعم للسياحة والآثار في المملكة، الذي يتولى نشر وتعريف الزوار والقراء باختلاف أجناسهم بالمملكة ومدنها للحد من الهجرة الخارجية التي بها من المساوئ الشيء الكثير، وإن كنت أتمنى أن يكون هناك اهتمام مماثل بسلسلة جبال طويق ومناطق العارض والوشم وسدير وما تضمه من مدن كشقراء وثرمدا واثيثيه والقصب وأشيقر ومحافظات المجمعة والزلفي والخرج ووادي الدواسر وغيرها من المناطق التي تحتوي على الكثير من الآثار التاريخية وتحتاج إلى دعم مادي ومعنوي كي تكون وجهات جاذبة للسياحة الداخلية، وأن تقام بها المهرجانات الاحتفالية المنوعة لوضعها في المكان اللائق بها على خريطة السياحة، كي تترجم ما تقوم به الهيئة واهالي تلك المناطق من جهود في مجال ترميم وصيانة الأماكن الأثرية، وما يبذلونه من جهود للحفاظ عليها من تغيرات الزمن وتداعياته.