في خبر نشر في عدة صحف أكدت الجهات الأمنية المختصة أن أكثر من أربعين سيدة انتهت محكوميتهن ولم تحضر أسرهن أي أولياء أمورهن لاستلامهن..، الأسباب طبعاً ليست انشغال الأهل أو أولياء أمورهن بل هو موقف من خلاله يتبرأ الأهل منهن لأنهن بتن عاراً عليهم.. وفي مساحة أخرى تبرأت القبيلة من الفتاة التي قادت سيارتها.. لم تصب تلك الأربعون سيدة بل أخطأن ولم توفق تلك الفتاة في أسلولب مطالبتها بحقها..، ولكن الجهات الأمنيه قامت بواجبها وأنزلت عليهن العقوبة.. السؤال هل فعل الأهل أو القبيلة ذلك مع إرهابي وهل تبرأت القبيلة ممن فجروا أنفسهم أو حاولوا تفجير أنفسهم في عقر دار الإسلام.. هل تخلى الأهل عنهم بعد خروجهم من السجن والإيقاف أم احتفوا بهم بولائم غداء وعشاء.. أم أن حضور المرأة في المشهد جعل من منظور ولي الأمر والقبيلة ضرورة لإعلان الموقف وتنقية العرق من أي دنس!! أربعون سيدة تمت محاكمتهن وتطبيق شرع الله فيهن بما رأى القاضي.. ألا يكفي ذلك عقاباً لهن.. ثم وهنا محور آخر في القضية هل من الضروري حضور ولي أمرها لاستلامها.. ألم تكن في أهلية عند العقاب.. فهل تغيب الأهلية حين خروجها..؟ حقيقة لا أعرف مصدر تناقضنا هل هو فعلاً تعمق ثقافة الأعراف والعادات الاجتماعية بما يغلب الأنظمه..؟! رفض أولياء الأمور استلامهن لا يعني بخسهن حق الحياة الطبيعية وحقهن في أن يكن نساء سويات وجزءاً من المجتمع.. خاصة وأن بعضهن جرائمهن ليست أخلاقية وهي التي تشكل رفضاً مجتمعياً عاماً بل إن بعضها إفراز لسيطرة وسطوة بعض أولياء الأمور عليهن.. رفض النساء بعد خروجهن من السجن ليس جديداً بل هو أسلوب متبع عند الكثير من أولياء الأمور.. وهو جزء من منظومة ثقافية تبيح للرجل مالا تقبله من المرأة.. ولكن مانريده هو أن يكون للمؤسسة الرسمية دور فاعل في ذلك بحيث تلزم أسرهن بوضع عناوينهم الدائمة لدى الجهات المختصة وأن تقوم هي بإيصالهن لمساكن تلك الأسر.. مع ملاحظة حقهن في التعليم والتدريب داخل السجن ليكون لهن فرصة العمل بعد نهاية محكوميتهن.. الإشكالية تلك تفتح ألف سؤال وسؤال.. هل من المنطق أن نحرم سيدة من حقها في العودة لجادة الصواب بعد نهاية محكوميتها لمجرد أن أسرتها ترى فيها عاراً..؟ وهل من العدل أن يمارس عليها المجتمع كل الضغط لترى نفسها عادت للخطأ لأن المجتمع يغفر للرجل ولا يغفر للمرأة..؟ إرهابيون اخترقوا عمق أمننا وسلمنا الاجتماعي ولم نرَ من يرفضهم أو يعاقبهم بالنبذ.. مثيرو فتنة ومزعزعو أمننا ولم نرَ من يعلن البراءة منهم.. بل للأسف هناك من احتضنهم احتضان الأبطال واحتفل بهم وكافأهم بالمال والزواج!. في حضورها وغيابها تشكل المرأة قلقاً مجتمعياً وأحياناً نظامياً لأننا للأسف مازلنا نخلط بين النظام بكل ضوابطه والعرف الاجتماعي بكل تراثه الإقصائي للمرأة.. في دولة مدنية مثل بلادنا يفترض أن الكثير من تلك المشاهد لا تحدث بل أن تكون جزءاً من ماضٍ لا يعود.. فالمرأة وإن سجنت فهي مواطنة وبالتالي ليس من حق أحد إنزال عقوبة عليها غير ماقرره القاضي.. وأيضاً ليس من حق المجتمع أو مؤسساته التسامح مع الرجل وإن ارتكب جريمة أو حمل فكراً يهدد أمن الوطن لمجرد أنه رجل يركز على موروث ثقافي واجتماعي جعل منه مكرماً دائماً.. اليوم يفترض أن الجميع يخضع للنظام ويعيش في ظل المؤسسات التي تحمي الجميع وتعاقب من يستحق.. وألا يخضع للعرف الاجتماعي بكل تراكماته السلبية والإقصائية للمرأة. لمراسلة الكاتب: [email protected]