لنتخيل لو أرادت سيدة خمسينية أو أربعينية في عمرها السفر لمهمة عمل حيث تمثل جامعتها في مؤتمر علمي تتناول أوراق العمل فيه أحدث التطورات العلمية في استخدام النانو للعلاج أو أحدث أساليب العلاج بالليزر هذه السيدة أو تلك..، السيدة الفاضلة ربما تكون أرملة وربما تكون مطلقة حين تريد السفر عليها أخذ موافقة ولي أمرها لأن الجوازات تطلب منها موافقة ولي أمرها..!! وولي أمرها هذا هو ابنها الذي ربما مازال طالباً في التعليم العام ومازال يستل مصروفه من حسابها.. واخزياه على حد قول كل من صفعته تلك الوصاية غير العادلة.. حيث سيدتي ستناقشين النانو ويطلبون موافقة ولي أمرك.. ابنك.. أجل لو كنت في مؤتمر عن تربية الأطفال هل سيطلبون موافقة أصغر الأبناء..؟؟ بعيداً عن أي تندر وإن كان موضوعياً بنكهة شعبية الحروف، أقول هل يعقل أن تستمر الوصاية بشكلها الأعمى مع المرأة؟ حين تريد أن تسافر للسياحة في عمر صغير.. فنعم لطلب موافقة ولي أمرها، ولكن حين تريد سيدة السفر لتقديم علمها وتمثيل وطنها وجامعتها في محفل تقارع فيه العقول العقول وتتباهى الأمم بإنجازات أبنائها ونشاركهم الفخر بعقول أبنائنا وبناتنا فليس من العدل التضييق على عالمه.. ولكننا للأسف نتباهي بهن خارجياً ونتباهى بعقولهن وعلمهن، وفي الداخل نخاف عليهن من كل شيء حتى من أنفسهن.. وثقتنا بهن تخضع لمعايير متغيرة بمتغير رؤيتنا لا بمدى كفاءتهن.. فنصر على الوصاية عليها في كل شيء.. كثير من النساء ضاعت حقوقهن لإصرار بعض الأنظمة وبشكل أعمى على ضرورة وجود ولي الأمر في كل شأن نسائي، حين يصبح ولي الأمر مجرد قيد على رقاب الكثير من النساء فلابد من إعادة النظر في الكثير من القوانين التي تلزم به دون تمييز بين سيدة وأخرى ورجل وآخر.. وموقف وآخر. كثير من النساء ضاعت حقوقهن وحقوق أبنائهن بسبب تزمت ولي الأمر في ممارسه سلطته.. فبعض أولياء الأمور يستغل هذا النظام فيحرم ابنته أو زوجته أو أخته حقها في التعليم وخاصة العالي وأيضا التعنت في العمل، وأحياناً بعض الضعفاء في منظومتهم القيمية ومع نوم ضمائرهم يستغل تلك الولاية في مساومة نسائه بحصولهن على حقوقهن الإنسانية أو الشرعية دون أن نجد من يردعه أو يوقفه عند حده لأن نظام ولاية الأمر كما أسلفت أعمى ولا يميز بين موقف وآخر وامرأة وأخرى ورجل وآخر. لقد حان الوقت إن لم يكن تأخر لتقنين ولاية الأمر بحيث لا تكون بهذا الشكل المطلق وأن يتم تقييدها مع الأخذ في الاعتبار الموضوعية في تحديد من هو ولي الأمر وأيضاً في أهليته وليس في كل موقف. فليس من المنطق أن يكون الابن وصيّاً على أمه..، وليس من العدل أن يكون مدمن أو متعاطي مخدرات وصيّاً على معلمة تعلم بناتنا وتؤهلهن أو طبيبة تعالج نساءنا ورجالنا وأطفالنا وتخضع لوصاية من لا يدرك واجباته التي شرعها الله..!! وليس من العدل أن يكون مريض نفسي ولي أمر لسيدة تدير مؤسسة تربوية.. ولن يقبل العقل والفكر الموضوعي أن يكون طفل أو مراهق وصياً على أستاذة جامعية أو استشارية في علم متقدم ومهم، بل ولا تستطيع استخراج جوازها إلا برضاه ولا السفر إلا بموافقته فيما أبحاثها العلمية مرجع لمراكز عالمية..!! أيضاً امرأة متفوقه لا تستطيع إكمال دراساتها العليا إلا بموافقة ولي أمرها الذي ربما تسرب من مدرسته المتوسطه.. وهذا لا يعني قصر تقنين الوصاية على العاملات فقط أو المتميزات فقط، بل لابد أن يكون حقاً للجميع. تغير دور المرأة في منظومة العمل التنموي في القطاعين العام والخاص..، ومع ذلك مازالت بعض الأنظمة متأخرة في استيعاب هذه المتغيرات الاجتماعية والثقافية، ومازالت تتعامل مع المرأة وفق منظور إقصائي تارة ودوني تارة أخرى وأحيانا يصل لبخسها حقوقها الشرعية التي منحها لها ربها عز وجل.. والسبب إصرار الأجهزة الحكومية على ربط المرأة في كل شيء بوصاية لولي أمرها في مجتمع مدني باتت فيه الحقوق والواجبات مقننة بأنظمة وليس أعرافاً. لمراسلة الكاتب: [email protected]