هناك صنف من البشر لديهم القدرة على الحصول على أخبار الآخرين وبتفاصيلها أيضا، وكأن تلك الأخبار تذهب إليهم بنفسها وبأسرع وقت رغم سريتها وحرص أصحابها على عدم تسربها. أفراد هذا الصنف وحينما ينقلون خبرا عن أحد الأشخاص فإنهم يقومون بخفض أصواتهم، والغمز بإحدى العينين لمن حولهم في إشارة إلى أن هذا الخبر سري، ولا يجب تناقله وحتى يعلم المتلقي أن ناقل الخبر هنا ليس من أصحاب الغيبة، وأنه يحرص كل الحرص على عدم نقل من حوله لهذا الخبر وضرورة نسيانه قبل مغادرة المكان. أفراد هذا الصنف يحصلون على أخبار الناس من خلال الظهور بمظهر الإنسان الطيب الشهم والذي لا يتردد في تقديم المساعدة للآخرين، وهم ممن يتمتعون بعلاقات اجتماعية واسعة سهلت عليهم الحصول على أخبار الناس من منطلق الثقة وحسن الظن. مشكلة هذا الصنف أنه أصبح لديهم إيمان كامل بأن تناقلهم أخبار البشر وتحليلها لا يعتبر غيبة وأن حصولهم على تلك الأخبار هو أمر طبيعي بسبب علاقاتهم الاجتماعية الواسعة والثقة التي يحظون بها من الناس فهم - في نظرهم - يرون أن ذلك قدرهم وأن أخبار البشر هي من تأتي إليهم ما يجعل كل شخص يحصل على خبر من خلال تلك الشريحة يستبعد مسألة الغيبة أو النميمة عنهم لأن طريقتهم في الغيبة تختلف عن الطريقة الاعتيادية لعامة الناس والتي تتميز بالحدة وزيادة مساحة نقل الغيبة والأهم هو غياب تلك الغمزة والتي اختصت بها تلك الشريحة والتي أصبح لهما معنى أخلاقيا ايجابيا!! الحقيقة أن الغيبة تبقى سلوكا مرفوضا، وديننا الإسلامي حرم الغيبة لما لها من أضرار اجتماعية خطيرة، ولم يميز ديننا الحنيف فئة من الناس عن غيرها لتمارس تلك الغيبة.. وهنا أقول (لأصحاب الغمزة) اتقوا الله ولا تستغلوا علاقاتكم الاجتماعية لكشف أسرار الناس واستباحة خصوصياتهم فما لا ترضونه لأنفسكم من الواجب ألا ترضونه للآخرين.