قال الدكتور عبدالكريم الإرياني المستشار السياسي للرئيس اليمني، ورئيس الوزراء الأسبق إن المجتمع الدولي ومجلس التعاون الخليجي قرروا إيقاف الدعم لليمن، وكشف لأول مرة أن المفاوضات التي كانت تدار مع جماعة الحوثي والموافقة عليها كانت تأتي من طهران، مؤكداً أن جماعة الحوثي المسلحة هي من تحكم البلاد وتتحكم بكل شيء في الوقت الراهن، وهو ما قال إنه وضع شاذ وغير مسبوق في العالم. وأضاف الإرياني الذي يعد من أبرز العقول السياسية في اليمن في حوار مع صحيفة 26 سبتمبر الناطقة باسم الجيش اليمني، إن "الدولة بهياكلها ووزاراتها ومؤسساتها لا تحكم البلاد وجماعة أنصار الله (الحوثيين) كفئة سياسية جديدة على المسرح اليمني هي التي تتحكم". وكشف الارياني أن الاتفاقات المبرمة مع الحوثيين والتي أفضت إلى اتفاق السلم والشراكة الموقع معهم بعد ساعات من اجتياح صنعاء جاءت بعد موافقة طهران. وقال انه وبعد الفشل في التوصل إلى اتفاق مع رفض الحوثيين إزالة مخيم مسلح لهم في محيط العاصمة. وأضاف: "جاء وسيط يوم السبت ظهراً.. هل تصدق أن النص الذي تفاوضنا عليه يوم الخميس الساعة العاشرة والنصف جاء به الوسيط دون أن يتغير منه حرف واحد.. ماذا يعني هذا..!! هذا يعني أننا تفاوضنا في صنعاء وقبل النص في صعدة وأرسل إلى طهران ثم عاد إلى صنعاء". وأضاف عن العلاقة بين الحوثيين والذين يسمون أنفسهم "انصار الله" وطهران: "عندما دخل "أنصار الله" إلى العاصمة صنعاء وسيطروا عليها لم ترحب بذلك الحدث أي عاصمة في العالم لا عربية ولا إسلامية ولا غير ذلك.. لكن كل التصريحات التي وردت من مسؤولين إيرانيين ترحب بسيطرة الإخوة أنصار الله على العاصمة صنعاء.. هذا الكلام يثير التساؤلات". وأكد الارياني أن الدولة الإقليم والمجتمع الدولي أوقفت التعامل مع اليمن أو تقديم أية مساعدة لها بسبب الوضع الشاذ الذي تمر به، وقال: "دول الإقليم رحبت باتفاق السلم والشراكة.. وكذلك الأمانة العامة لمجلس التعاون بالإضافة إلى المجتمع الدولي.. لكنهم بعد أن رحبوا رأوا ما لم يرَ في أي مكان في العالم.. فهم يقولون نريد أن نتعامل مع دولة ولكن هناك دولة داخل الدولة.. هذا الوضع لا نستطيع أن نتعامل معه.. لأن هذا الوضع شاذ ولا توجد دولة تتعامل مع وضع كهذا.. فقرروا أن يتوقف دعمهم لليمن وهم رابطون بالالتزام الحرفي لاتفاق السلم والشراكة وأسأل الشعب اليمني كله هل ما يعمله أنصار الله منصوص عليه في اتفاق السلم والشراكة، كيف يمكن أن نتعامل مع دولة وهناك دولة داخل الدولة، هذا تصرف لم يحصل في التاريخ، لذلك قالوا تعاملنا معكم ومساعدتنا لكن مرهون بتنفيذ حرفي غير منقوص لاتفاق السلم والشراكة". وقال الارياني في أول حديث له منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء في سبتمبر الماضي وتمددها بقوة السلاح في كثير من المحافظات "الحركة الحوثية تمثل حركة سياسية غير مدنية تسعى إلى تحقيق أهدافها بالطرق والوسائل العسكرية". وأشار إلى أنه يصعب تشخيص ما يجري في البلاد بشكل دقيق نظرًا لاختلاط الأوراق، لافتاً إلى أن الوضع الذي يعيشه اليمن اليوم هو وضع "شاذ" بكل ما في الكلمة من معنى. وقال: "ما نراه في كل مؤسسة وفي كل وزارة تصرفات قوة سياسية طابعها عسكري لا يحكمها القانون، ويؤسفني أن أكون قاسيًا، لكن الكذب على الشعب محرم، في إشارة إلى تدخلات الحوثيين في مؤسسات الدولة من عمليات اقتحام وفرض مطالب"، في إشارة إلى ما يقوم به الحوثيون من اقتحام لمنازل خصومهم وقيادات في حزب الإصلاح وغيرها من الجماعات. وأضاف: "هم يتدخلون في شؤون الدولة (الحوثيون) ثم يسمعون عن مشكلة ويذهبون ليحلوها خارج القانون في إطار مكاتبهم وفي إطار لجان ثورية ولجان شعبية". وتساءل الإرياني "من هي الجهة التي يحق لها اقتحام منازل المواطنين -رغم حرمتها وتصوير محتوياتها وعرضها على الملأ- فهذا يتنافى مع الشرع والشريعة"، في إشارة إلى ما قام به مسلحون حوثيون من اقتحام لمنازل سياسيين في صنعاء وتصوير محتوياتها". وحول أسباب سقوط صنعاء بيد الحوثيين أوضح الإرياني أن "ضعف القوات المسلحة، وربما تأثيرات عليها سهلت لهم المهمة"، من دون تفسير ما قصده بالتأثيرات، في إشارة إلى دور الرئيس السابق علي عبدالله صالح في الموضوع. وقال الارياني إن العلاقة بين حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يقوده صالح والحوثي غامضة، وأضاف :"أي أمر يكتنفه الغموض لا يمكن أن يكون فيها مصلحة، الحديث أن هناك تحالفًا أو تعاوناً ما الذي يمنع من أن نجعله علنًا.. لماذا قيادة المؤتمر الشعبي العام لم تعلن عن تحالفها مع أنصار الله كما أعلن التجمع اليمني للإصلاح وأنصار الله، طبيعة هذه العلاقة التي هي موجودة لا يمكن إنكارها على الإطلاق أنا اعتبرها علاقة غير شفافة وغير مفيدة، لا لليمن ولا لأنصار الله ولا للمؤتمر الشعبي العام ما دامت علاقة مبنية على تحركات خفية". وعبر مستشار الرئيس اليمني عن رفضه لخوض الحوثيين معارك بذريعة "مكافحة الإرهاب"، مؤكدا أن ذلك زاد من عدد المنظمين إلى القاعدة، وقال "الدولة ومؤسساتها هي المخولة بهذا الدور وليس لأحد أن يقوم بذلك إلا إذا كان جزءًا منها". وأضاف "هم يتقاتلون مع مواطنين يمنيين، وهناك لاشك قاعدة اصطدموا معها في (رداع) لكن أن يرون أنفسهم أنهم موكلون أو مكلفون ومطلوب منهم القضاء على الإرهاب في اليمن، ونحن نهنئهم إذا كانوا قادرين على ذلك.. لكن الإرهاب ظاهرة لا يمكن أن تواجه بحركة غير منضبطة وغير منتظمة تتقاتل مع الناس أينما وجدت للقتال مبرراً لها. هذه أسطورة أنها قادرة على محاربة الإرهاب والقضاء عليه لوحدها، وأؤكد لك أن ما عمله أنصار الله زاد من عدد المنظمين إلى القاعدة ولم ينقصهم وأجزم بذلك". وانتقد الارياني رفض الحوثيين تسليم السلاح الثقيل والمتوسط الذي تم نهبه من معسكرات الجيش بموجب اتفاق السلم والشراكة وملحقة الأمني والعسكري، وقال إن "الحوثي يمتلك من السلاح والذخائر أكثر مما يمتلكه الجيش اليمني". وأضاف "عدم التزام الحوثي بتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة التي أخذها من عمران أولاً ثم من صنعاء ثم من الحديدة وربما من يريم.. عدم الالتزام بهذه القضية تجعل من ثقة العالم باتفاق السلم والشراكة منعدمة سواءً إقليمياً أو دولياً.. اليوم الحوثي يمتلك من السلاح والذخائر أكثر مما يمتلكه الجيش اليمني، هل هذه وضع طبيعي، هل هذا التزام باتفاق وقعنا عليه".!! وفيما يتعلق بقرار الرئيس السابق علي عبدالله صالح وأنصاره في المؤتمر الشعبي العام بفصل الارياني والرئيس هادي من قيادة الحزب بعد صدور عقوبات مجلس الأمن الدولي على صالح واثنين من قيادة الحوثي، اعتبر الارياني القرار "لا أساس له من الصحة". وأكد أن تلك الإجراءات "تصرفات وممارسات خارجة عن اللوائح.. ولذا ما بني على باطل فهو باطل".