على الرغم من اللقاء الذي عقده وزير الخارجية الامريكي جون كيري ونظيره الايراني محمد جواد ظريف على هامش اجتماعات الاممالمتحدة، والتي بحث فيها كيري دور ايران في محاربة الارهاب وتنظيم داعش، الا ان طهران ما زالت ترى ان لهذه الحرب أهدافا بعيدة من بينها انهاء نظام الرئيس السوري بشار الاسد، وربما عودة جديدة لعسكرة السياسة الامريكية. طهران التي رفضت الانضمام للجهد الدولي لمكافحة الارهاب في المنطقة، كانت تخشى من ان وجودها ضمن هذا التحالف يعني بالمحصلة المساهمة والموافقة على اجتثاث تنظيم القاعدة وكافة الحركات الارهابية التي تحمل سلاحا غير شرعي في مواجهة الدولة، وكانت طهران تنظر ان اوراقها الفاعلة والمؤثرة بدأت تتهاوى واحدة بعد الاخرى. تهاوي هذه الادوات الصنيعة، هو ما دفع بطهران الابراق بشكل عاجل لحركة التمرد الحوثي لمحاصرة صنعاء، واحتلالها والسيطرة على مقار الحكم الرئيسة مثل المؤسسات العسكرية والامنية والاقتراب من مقر وزارتي الداخلية والخارجية، وفرض شروطها، قبل ان يأتي الدور على اجتثاث حركة التمرد الحوثي، التي استطاعت ان توقع اتفاقا سياسيا والرئاسة اليمنية، الا انها اعتبرته اتفاقا غير كاف لأن الهدف الحقيقي مرتبط ببحث الحوثيين عن منفذ بحري على البحر الاحمر، واطلاق خمسة قياديين كبار من قيادات حزب الله اللبناني، وتعزيز قدرة المفاوض الايراني فيما يتعلق بالموضوع السوري حال الانتهاء من تدمير قوة داعش السورية. تدخل مجلس الامن وعلى الرغم من ان سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي اكدوا في بيان لهم ضرورة انهاء الحوثيين محاصرة صنعاء وفرض الحلول بالقوة، الا ان تصعيدا موازيا من قبل دول مجلس الامن هدد بالتدخل في اليمن، ساهم في تراجع قبضة الحوثيين، خاصة مع استنفار امني وعسكري يمني في صنعاء، يقابله استنفار امني من قبل دول المبادرة الخليجية قبالة المياه الاقليمية اليمنية، لمساعدة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي. مغادرة الحوثيين صنعاء الى اطرافها يعني فشل الخطة الايرانية باحتلال صنعاء من قبل أقلية داخل المذهب الزيدي ترفض ولاية الفقيه الايرانية، خاصة مع التحركات العسكرية للدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية والتي تهدف لمراقبة الوضع الامني في اليمن وتحديدا في صنعاء، ويأتي هذا التحرك بناء على اشارات واضحة من الاممالمتحدة ومجلس الامن الدولي، يفيد بان احتلال صنعاء وقلب نظام الحكم، وفرض شروط على الرئاسة اليمنية امر مستبعد تماما، ودعا مجلس الامن الى ان تحقيق الشراكة يعني تسليم الاسلحة المتوسطة والثقيلة وفقا لمقررات الحوار الوطني اليمني، مؤكدا على ضرورة اعادة كافة مؤسسات الدولة الى السلطة الشرعية التي يمثلها الرئيس عبدربه منصور هادي. وساطات سرية الاتفاق بين الرئاسة اليمنية وحركة التمرد الحوثي، جاء بعد وساطات سرية لعبت فيها بريطانيا وعمان دورا رئيسا في التواصل مع ايران، خاصة وان عبدالملك الحوثي الذي يتخذ من لندن مقرا لإقامته منذ فترة طويلة، ما دعا الامين العام لمجلس الامن القومي الايراني علي شمخاني للقول بان الاتفاق الموقع بين الحوثيين والرئاسة اليمنية خطوة حاسمة في مسار التفاهم الوطني اليمني، بينما كانت الصحف الايرانية القريبة من المرشد الايراني علي خامئني تتحدث عن انتصارات تاريخية للحوثيين كونها تستلهم قيم الثورة الايرانية حرب هوليودية طهران التي تعتبر الحرب الدولية على الارهاب، بانها حرب هوليودية وانها تخالف القانون الدولي، وانها السبب الرئيس في تسعير الارهاب في المنطقة، وتجاوز على السيادة الوطنية، كانت تحاول التلاعب بموازين القوى الاقليمية، عبر ارسال عدة رسائل تمثلت الاولى في اطلاق حزب الله طائرة دون طيار، والثانية في توقيع الحوثيين اتفاقا تحت وقع السلاح مع الرئاسة اليمنية، اما الرسالة الثالثة فكانت تعبيرات ودية اطلقها الرئيس الايراني حسن روحاني على هامش التجمع السنوي لزعماء العالم في الجمعية العامة للامم المتحدة، عندما اكد لكبار الصحافيين ان العلاقات مع السعودية تستحق ان تكون افضل من ذلك بكثير، خاصة وان هناك تقاربا في مواقف البلدين. وان ضيق الهوة بين طهران والرياض سيؤدي الى تعزيز قوة البلدين. خرج الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي والذي تلقى دعما خليجيا ودوليا غير مسبوق، في ظل تراجع مريع للامن في صنعاء، ودخول حركة التمرد الحوثي الى مراكز الدولة ومؤسساتها السيادية، وفرض حلول جبرية تحت وقع السلاح، ليؤكد أنه وقع الاتفاق مع الحوثيين لتجنيب اليمن حربا أهلية، خاصة وانه أكد أن ما جرى كان مؤامرة داخلية لها علاقة وارتباطات اقليمية، كانت معدة سلفا تحالفت فيها قوى عديدة وتجاوزت حدود الوطن. أقلية واغلبية حركة التمرد الحوثي التي بدت كاقلية تطالب بحقوق مذهبية عادية تحولت بعد سنوات من التعامل السري والرسمي مع ايران كذراع مهيمنة على المذهب الزيدي في اليمن، واتخذت شعارات الثورة الايرانية ضد امريكا طريقا لاستغلال الشباب اليمني في بلد ينخره الفساد وفوضى السلاح والفقر، فغدت طهران تدفع بملايين الدولارات مرة عبر سفارتها في صنعاء ابتداء ومرات عديدة عبر شركات تجارية ايرانية في اليمن وبعض دول الخليج، وكانت وزارة الخارجية اليمنية قد اشتكت توجيهات المرجع علي السيستاني عندما دعا لارسال الخمس الى اليمن، اذ اعتبرته الحكومة اليمنية تدخلا في الشؤون الداخلية، ومحاولة لدعم فصيل اصبح اداة وذراعا سياسية لإيران وحزب الله. مبادلة دمشقبصنعاء طهران التي رأت أن حلمها الدمشقي وهلالها الشيعي يتبدد على مقصلة داعش الصنيعة الإيرانية ذات الوجه السني، والتي اتخذتها كل من طهرانودمشقوبغداد اداة لتشويه صورة الجماعات الاسلامية من خلال منهجها الدموي، وايضا ربط الارهاب بالعالم السني لصالح الدور الايراني في المنطقة، ومحاربة قوى المعارضة السورية وحرمانها من اية منجزات على الارض تؤدي الى قلب موازين القوى لصالحها، مثلما استخدمها نوري المالكي لضرب الحراك السني في المحافظاتالعراقية، بتهمة محاربته لتنظيم داعش المتطرف، ومحاولته الفاشلة لفرض الاحكام العرفية وقوانين الطوارئ للتجاوز عن الاستحقاقات البرلمانية، ورضوخ طهران للامر الواقع وقبولها باقصاء المالكي وايضا اقصاء قاسم سليماني بعد فشل سياساته الطائفية في العراق. امام هذا التراجع والفشل الذريع، وامام الجهد الدولي لمحاربة داعش الصنيعة والاداة، وجدت طهران أنها مضطرة لتفعيل ادواتها الخارجية، وهو ما اكده الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي عندما كانت صنعاء ترسل موفديها الى صعدة للتفاهم مع الحوثيين، غير ان ايعازا من طهران دفع بالحوثيين لرفض تلك الوساطات والتفاهمات والتحرك للسيطرة على صنعاء، حيث اكد هادي ان دولا اقليمية ترغب في مقايضة دمشقبصنعاء ضمن عملية ابتزاز كأوراق رابحة في مفاوضات مستقبلية. تصريحات جعفري تصريحات قائد الحرس الثوري الايراني اللواء محمد علي جعفري والتي اشار فيها الى ان ايران على استعداد للدخول في حرب شاملة مع الدول العربية التي وصفها بانها معادية للثورة الاسلامية الايرانية، وهي التدخلات التي اشار اليها مجلس الامن الدولي عندما دعا جميع الدول الى عدم التدخل في الشؤون الداخلية لليمن واثارة النزاعات وعدم الاستقرار، جاء ذلك في بيان مجلس الامن الصادر في30/8/2014، هذه التصريحات عكست حالة القلق الايرانية مما يجري في المنطقة، فكل المخاوف والهواجس الايرانية، تفيد بان طهران بدأت في العد التنازلي امام فوضى مخططة من دواعش ايرانية هذه المرة وذلك بعدما رصدت اجتماعات لقوى اسلامية ووطنية وقومية ايرانية في تركيا، تهدف لاستغلال الظروف القائمة لفرض أمر واقع على ايران، وخاصة بعد تحذيرات اطلقها وزير الخارجية الامريكي الاسبق هنري كيسنجر الذي اكد فيها على ان خطر داعش عابر وخطر ايران استراتيجي. دواعش اليمن في الوقت الذي سارعت فيه جماعة الحوثيين في دخول صنعاء وفرضت حلولا سياسية بقوة السلاح، كانت طهران تترقب احتمالية ان توسع دائرة مواجهة الارهاب لتشمل الغارات الجوية ضد الارهاب ايضا حركة التمرد الحوثي، بعدما وجدت الادارة الامريكية ان ايران تدعم الارهاب في سورياوالعراق واليمن، ولعل الرسائل التي تمت ما بين ناصر الوحيشي زعيم تنظيم القاعدة في اليمن وخليفة المسلمين ابوبكر البغدادي، للتعاون في مواجهة التدخل الامريكي، كانت مؤشرا على وجود خلافات بين تنظيم القاعدة في اليمن وبين زعيمه ايمن الظواهري الذي اختفى ظهوره وتأثيره لصالح تنظيم داعش، حيث تفيد المعلومات بأن الظواهري يقيم منذ فترة في ايران. التقارير الاستخباراتية الامريكية تفيد بضلوع ايران في التنسيق مع تنظيم القاعدة في اليمن والعراق، واخيرا مع تنظيم داعش، لكن المعلومات اليمنية تفيد بأن جناحا من تنظيم القاعدة يرفض الاعتراف والتنسيق مع البغدادي وفي الوقت نفسه يرى ان الحرب على تنظيم داعش غير مبررة، حيث ترى جماعة انصار الشريعة في اليمن أن سيطرة الحوثيين على صنعاء ستكون على حسابهم، بعدما بدأ الحوثيون حربا على قواعدها في بعض المحافظات اليمنية. الصراع ما بين جبهة النصرة والحوثيين واضح تماما، في رغبة كلا الطرفين السيطرة على الارض وبخاصة المنافذ الحيوية والمواقع الاستراتيجية، حيث بدأت نصرة الاسلام ومنذ وقت مبكر مخالفة اسلوب القاعدة في التشدد والتطرف مع المجتمع اليمني، فقد بدت النصرة اكثر تعاونا مع المجتمع والمساهمة في حل مشكلاته، والمساعدة في تحقيق امنه واستقراره لكنها ايضا استعانت بالمواطنين لمواجهة الحوثيين، حيث اقدمت النصرة على تنفيذ هجوم انتحاري في صعدة مركز حركة التمرد الحوثي، ردا على المواجهات الدامية التي قادها مدعومون من التمرد الحوثي ضد النصرة في جنوب اليمن، ما اضطر النصرة للهجوم الانتحاري واسر ثمانية من القيادات الميدانية لحركة التمرد الحوثي، وقتل 100. تراجع الحوثيين والايرانيين وعليه اعتبر تراجع الحوثيين وتركهم صنعاء والتغاضي عن بعض المطالب التي حاولوا فرضها يعود الى التهديد الدولي لحركة التمرد الحوثي، وايضا بوادر نشوء صدام مسلح كبير بين التمرد والنصرة وتنظيم القاعدة، ومجموعات اطلقت على نفسها تنظيم الدولة الاسلامية في اليمن والذي توعد بالانتقام من الحوثيين، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل سارعت طهران لدفع الحوثيين للسيطرة على صنعاء، وهل دفعتهم للتراجع عقب وجود حراك اقليمي سارع في وأد الخطوة الايرانية في السيطرة على رابع عاصمة عربية بعد بغدادودمشق وبيروت، وهل استشعرت طهران أن الصدام في اليمن سيسهل الطريق امام الجهد الدولي لإنجاز مهامه في اليمن ومحاربة الارهاب ودعم الدولة اليمنية. حاجز مسلح للحوثيين في صنعاء