اعتبر سفير المملكة العربيّة السعودية في لبنان علي عوّاض عسيري أن انتخاب رئيس للجمهورية هو مسؤولية وطنية وثمة طرق عديدة يمكن أن تفضي إلى انجاز هذا الاستحقاق، ولكن أشدها نجاعة هو حصول توافق بين القيادات المسيحية على اسم مرشح لرئاسة الجمهورية وعرضه على البرلمان. وأضاف عسيري الذي كان يتحدّث أمام شخصيات مارونية زارته في السفارة السعودية: "أن لبنان في أمسّ الحاجة إلى حوار بين مكوناته وداخل كل مكوّن، ومن شأن أي حوار بين القيادات المسيحية أن يؤدي إلى تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف المسيحية وبلورة الأفكار التي تحقق المصلحة المسيحية والوطنية ضمن ميثاق يضمن تنفيذ ما يتمّ الاتفاق عليه وتجنب إحياء الخلافات السابقة، مثمّناً الدور الذي تقوم به الرابطة المارونية بما تضمه من نخب وشخصيات في التشجيع على الحوار". وقد عبّر معالي السفير عن تقدير المملكة لكافة الأشقاء اللبنانيين وفي مقدمتهم المسيحيون لما لهم من دور مميز على الصعيد الحضاري والثقافي والوطني وأكد حرص القيادة السعودية على وحدة الصف اللبناني والمسيحي وان يضطلع المسيحيون في لبنان بدورهم البنّاء الذي واكب استقلال هذا البلد، وان يثقوا في أنّ مستقبل لبنان المستقرّ والمتصالح مع نفسه والمتصالحة مكوناته في ما بينها هو الضمانة للحفاظ على بلد يتسع لكل أبنائه لاسيّما الشباب منهم الذين ينبغي أن تهيّأ لهم سبل التجذر في موطنهم كبديل عن الهجرة وكخيار لتوفير سبل العيش الكريم. وأضاف أنّ ما يصدر عن الهيئات الدينية في المملكة العربية السعودية وفي العالم الإسلامي يؤكد على الثوابت الحقيقية للدين الإسلامي الذي ينبذ التطرف والعنف ويحض على المعاملة الحسنة مع النفس والآخر، وهذه هي الأسس الحقيقية للدين الإسلامي الحنيف التي نشأنا عليها وكل ما يناقضها هو افتئات على الدين. وتابع معالي السفير أنّ الوجود المسيحي العربي في الشرق هو أساسي ومصدر غنى حضاري وتنوع فكري، والوجود المسيحي في لبنان يعبّر بشكل راقٍ عن هذا الدور، فالمسيحيون أعطوا لبنان والمنطقة الكثير على المستويات كافة وقدّموا للعالم بعلمهم وبنجاحهم والمراكز التي تبوءوها صورة مشرقة عن المواطن العربي، وهم صلة وصل بين الشرق والغرب بخبرتهم بالعيش مع مواطنهم المسلم وانفتاحهم الثقافي على الشعوب الأخرى. وأبدى السفير عسيري تقديره لكل دعوة تنادي بتقريب وجهات النظر بين القوى السياسية المسيحية وفي طليعتها دعوات البطريرك بشارة الراعي، وشدّد على أنّ وحدة الصف المسيحي حول القضايا الرئيسية أمر ضروري وهو ما ينتظره منهم إخوانهم في الوطن وأنّ القيادات المسيحية قادرة على تحمّل ما عليها من مسؤولية تاريخية في هذا المجال، وبإمكانها التوافق على الثوابت الأساسيّة والدّخول في حوار مرحلي لإيجاد حلول للمواضيع الخلافية وإن استمرّ التباين في وجهات النظر حول بعض الطروحات فهذا أمر مشروع في العمل السياسي واللعبة الديمقراطية، إلا أن الاختلاف على كل شيء يؤثر سلبا على الجميع.من جهته، أشاد رئيس الرابطة المارونية النقيب سمير أبي اللمع بالمواقف التي اتّخذتها المملكة العربية السعودية ولا تزال تجاه اللبنانيين دون تفرقة أو تمييز بين مذاهبهم وفتحها مجال العمل لهم على أرضها، ومن بينهم مسيحيون كثر ما كانوا ليحقّقوا النجاحات التي وصلوا إليها لولا محبة المملكة قيادة وحكومة وشعبا لهم والتسهيلات الكثيرة التي تقدمها للبنانيين بشكل عام. كما استنكر أي محاولات لتحميل الدين الإسلامي والشعوب الإسلامية ما يقوم به أفراد متعصبون من أعمال عنف يجرّمها الدّين الإسلامي نفسه. وأضاف أنّ الاهتمام الخاص الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله -بلبنان وشعبه ولاسيما مكرمته الأخيرة للجيش اللبناني و المؤسسات الأمنية هو محلّ تقدير ونحن نحفظ لمقامه الكريم وللشعب السّعودي النبيل كلّ المحبّة والوفاء".