أكد الرئيس اللبناني ميشال سليمان للرئيس السوري بشار الأسد في اتصال هاتفي أجراه معه أمس، «وقوف لبنان الى جانب استقرار سورية وأمنها وتطورها وازدهارها». وذكر المكتب الإعلامي الرئاسي اللبناني أن سليمان تشاور خلال الاتصال مع الرئيس السوري في «التطورات الراهنة والعلاقات الثنائية والإصلاحات التي أعلنها الرئيس الأسد». وشدد الرئيس سليمان، في مجال آخر، على أن «النموذج اللبناني في العيش المشترك والحوار بين الطوائف بات حاجة دولية لمواجهة دعوات التعصب والتطرف التي لا تصبّ إلا في خانة القوقعة والانعزال، منوهاً بأهمية هذا التفاعل بين مكونات العائلة اللبنانية السياسية والروحية في درء الأخطار المحدقة بلبنان وإبقائه في منأى تداعيات ما يحصل في المنطقة والعالم». وجاء كلام الرئيس اللبناني خلال استقباله وفداً مشتركاً لبنانياً ومن قساوسة أميركيين استنكروا حرق نسخ من المصحف الشريف في حضور السفير السعودي لدى لبنان علي عواض عسيري. ونوّه سليمان بالمبادرة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالدعوة الى جلسة عن حوار الحضارات في الأممالمتحدة، وألقى لبنان كلمة في هذا اللقاء. وجدد سليمان التأكيد أن «لا حلّ إلا بالحوار في سبيل تلاقي الشعوب وتفاعل الأديان والحضارات للارتقاء بالإنسان على مستوى تعاطيه مع الآخر في شتى المجالات»، معتبراً أن «ما يحصل من خطوات متطرفة ومتعصبة كإحراق نسخة من القرآن الكريم هو علم لا يمتّ الى الدين ولا الى الأخلاق بصلة». واعتبر سليمان «هذا النموذج الحواري النقيض الكامل للنمط العنصري الإسرائيلي، واليوم بالذات نستذكر مجزرة قانا التي ارتكبتها بحق مركز للقوات الدولية كان لجأ إليها الشيوخ والنساء والأطفال واستشهد منهم العشرات، ما يشكل أبلغ دليل إلى إجرام العدو». وعبّر السفير عسيري عن شكره للرئيس سليمان على دعوته للمشاركة في استقبال وفد قساوسة الكنائس الأميركية الذين استنكروا باسم الملايين من أتباعهم إحراق المصحف الشريف على يدي القس الأميركي تيري جونز. وشكر له «إيلاءه اهتماماً كبيراً لهذا الموضوع، واستنكاره وإدانته هذا العمل المشين الذي لا يمتّ الى أي دين ولا الى الأخلاق بصلة»، معتبراً أن رئيس الجمهورية «يعبّر عن احترامه لكل الديانات ويعطي الصورة الحقيقية للبنان بأنه نموذج للتعايش الإسلامي - المسيحي وواحة للحوار الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين». على صعيد آخر تتجه الأنظار اليوم، في ظل الجمود في تأليف الحكومة الجديدة واستمرار الاتصالات لمعالجة العقد في هذا الشأن بعيداً من الأضواء، الى اللقاء الماروني الرباعي بدعوة من البطريرك الجديد بشارة الراعي في مقره، والذي يحضره رئيس حزب «الكتائب» رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل، رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. وقالت مصادر معنية باللقاء إن المجتمعين «لن يصدروا بياناً مشتركاً بل سيتبادلون الآراء في الوضع الداخلي ومنها صلاحيات رئيس الجمهورية والموقف من المحكمة الخاصة بلبنان وسلاح حزب الله وتفاقم بيع الأراضي المملوكة من مسيحيين لغير المسيحيين». وأكدت المصادر أن البطريرك الراعي رغب مع توليه مهماته في جمع القيادات المارونية ليؤكد أنه لجميع الموارنة، على رغم الاعتقاد بأن هناك صعوبة في توحيد موقفهم في شأن القضايا التي ما زالت موضع اختلاف بين اللبنانيين. ولفتت المصادر نفسها الى أن القمة المارونية للزعامات السياسية في الطائفة ستنعقد من دون جدول أعمال أو أفكار جاهزة، وأن الراعي سيطلب إبداء رأيهم في كل ما هو مطروح على الساحة اللبنانية، وأنه سيتدخل لطرح مجموعة الأسئلة انطلاقاً من شعوره بأن الانقسام العمودي في البلد بين «قوى 14 آذار» و «8 آذار» انعكس انقساماً مماثلاً بين القيادات المارونية وبالتالي بين محازبيهم. وأوضحت أن الهدف من اللقاء ليس التقاط صورة موحدة لهم أو مصافحة بعضهم البعض فحسب على أهمية حصول المصافحة بين فرنجية وجعجع، وإنما للسعي من أجل تنفيس الاحتقان وتلطيف الخطاب السياسي في ضوء ما لدى مخاوف بكركي من تمادي الصراع المذهبي والطائفي، خصوصاً بين السنّة والشيعة الذي يستدعي السعي لخفض التوتر عبر عقد القمة الروحية المسيحية – الإسلامية. وأكدت المصادر أن أجواء اللقاء يمكن أن تضيء الطريق أمام ما سيكون عليه الموقف الماروني في ظل تعثر تشكيل الحكومة الجديدة، وقالت إن الخطوة التالية ستقرر استناداً الى التفاهم الممكن على جوامع مشتركة وتنظيم الاختلاف في شأن القضايا التي هي موضع تباين. وكان النائب فرنجية عقد خلال اليومين الماضيين اجتماعاً مع قادة تياره وضعهم في أجواء دعوة الراعي للقاء، ممهداً بذلك للمصافحة بينه وبين جعجع والتي ستكون الأولى من نوعها فضلاً عن حضورهما لاجتماع مشترك ومصغر لم يحصل سابقاً.