تزخر صدور الصحف والمجلات ومواقع التواصل الاجتماعي واحاديث الناس في المجالس بالآراء والمقترحات ونقل صور متنوعة من الواقع المعاش، أو ربما نقد يأتي احياناً متزن ويأتي في الاغلب بشدة أو بتجريح لبعض ما يلامس تعاملات الحياة اليومية، أو طرح أساليب تعايش وتعاملات تجدها في مجتمعات أخرى ويتطلع من ينقلها إلى أن يجدها في مجتمعه، وكل مجتهد أو ناقل أو صاحب رأي يورد ما يريد من وجهة نظره وتفسيره وفي بعض الأحيان يورده وفق مصلحته إن كان مع أو ضد رأي أو شخص أو مصلحة ويلاحظ من خلال الطرح والتعنت للرأي والدفاع عنه مقدار المصداقية فيه، ولا يضن مطلقاً ان ما يدور في تلك النوافذ انه كذب أو افتراء أو غير حقيقي ولكنها تطرح بوجهات نظر متباينة، واذا تواتر عند الناس ان من يطرح الرأي عرف بعدم المصداقية فتجده يحارب وينبذ حتى لا يعود عضواً إلى تلك المجموعات والمجتمعات والمجالس والمنتديات ولا تلفت له وسائل الاعلام المتنوعة طالما أن صاحبه مخالف لنص قرآني كريم "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين"، وإن الولع أصبح بالبحث عن النواقص وإبراز السلبيات والتفنن في الاثارة ولفت الانتباه واصبح مجتمعنا للأسف الشديد من خلال ما يدور ويكتب سلبي في الغالب وطغى جلد الذات غير المتزن لدينا على البحث بمصداقية عن الحقيقية ولم نطرح الراي ونقدم العلاج في آن واحد حتى تتحقق الفائدة. إن المجتمعات لا يصلح حالها الا بالصدق ولا يبنى المستقبل للأجيال إلا بالصدق ولا تعم الإيجابية للأوطان إلا بالصدق ولا يصحح المسار المعوج إلا بالصدق ولا تبنى الثقافات السليمة في أذهان البشر إلا بالصدق، ولذا فإن الصدق هو الحياة والحياة هي الصدق، ويتطلع رواد الايجابية في كل زمان ومكان إلى أن يكون الصدق هو شعار المجتمعات حتى نجد كل شيء في حياتنا وتعاملاتنا اقرب ما يكون للمثالية لأننا لسنا في حاجة إلى أن يدخل الكذب أو مخالفة الواقع أو قلب الحقائق إلى حياة من وصفهم الله بالخيرية من بين شعوب الارض وهو أمر ليس فيه صعوبة إن وجدت الارادة الراغبة في استنبات الصدق في النفس البشرية التي كانت فطرتها سليمة والبشر هم من أبدلوا تلك الفطرة إلى ما نراه في واقع الشعوب الاسلامية دون استثناء لشعب أو لجنس. من اجل ذلك كله اصبحنا نفسر الاشادة بأي فكرة أو مشروع وطني أو بمسؤول أو بواقع إن لمن اشاد به مصلحة اياً كانت تلك المصلحة التي يفسرها عند المنتقدين مجال الاشادة، فعندما كتبت صادقاً ومشيداً بجامعة الامير سلطان وببرنامج الامير سلمان للتعليم من اجل التوظيف قالوا لي إنك تبحث عن قبول لابنك أو بنتك، وعندما كتبت صادقاً أشيد ببعض البرامج والدراسات والافكار والبيئة الوظيفية في الهيئة العامة للسياحة والاثار قالوا إنك تبحث عن وظيفة، وعندما كتبت صادقاً وموضوعياً عدة مقالات عن العمل التطوعي والجمعيات الخيرية قالوا انك ضد وزارة الشؤون الاجتماعية، وعندما كتبت عن مساهمة رجال الاعمال في المسؤولية الاجتماعية قالوا انك تجاملهم لأنك تعيش في اوساطهم، وعندما كتبت عن رجال يعدهم الجميع اصحاب بصمات في مجتمعنا قال الآخرون إنك تسعى للظهور الاعلامي من خلال الاسماء المعروفة، والكثير من المفارقات التي يستغربها من يتطلع إلى الايجابية في مجتمعه ويسعى لنشرها بقلمه ويؤمن ايماناً كاملاً ان التركيز على الايجابية يمحو السلبية في حين آخر نجد التركيز على السلبية يذيب الايجابية تماماً. الامر دون شك يحتاج لوقفة تأمل لبحث أسباب النظرة السوداوية لأي خبر صادق أو موقف حقيقي يستحق الاشادة، أليس شرعنا من علمنا أن دوام النعم يأتي بشكرها، وان التشجيع يكسب على الاستمرار، وان أغمط الحق سجية الظالمين، وان المبادرة لا تستمر ان لم تدفع للمزيد، وان الموهبة تخبو إن لم تستثمر وتدعم، وان الريادة في القيادة تخلق القدوة للأجيال اذا أبرزت وأشيد بها، أليس ثمن الصدق وضريبة الحقيقة مزيدا من التقدم للأوطان والشعوب، اليس علينا مسؤولية تجاه الابناء والاحفاد واستزراع الايجابية فيهم منذ الصغر، اليس حصاد الغد يسبقه نبات اليوم وصلاح الثمر يحتاج تربة خصبة وهل تربتنا اليوم ونبتنا صالح لكي يكون حصادنا وثمرنا صالح في قادم الايام لنا ولغيرنا، ألسنا نؤمن بالصدق كرسالة وخلق وسلوك وحياة ويجب تطبيقه، إذن لننطلق ولتعم الايجابية والصدق مناحي الحياة ولا نحبط الساعين لها بوجود مصالح لهم وليكون الخيار الوحيد لنا هو الصدق مع الله ومع النفس ومع الناس كي نحقق خيرية الله لشعوبنا الإسلامية ونبدأ اولاً بأنفسنا فنحن الأحق بالتغيير العاجل لنرى عواقبه الرائعة وآثاره الإيجابية. ختاماً.. سيبقى لوطننا منزلة تعلو منزلة الروح، وحتماً سيكون وطننا كما نريد جميعاً إن صدقنا معه وصدقنا له وصدقنا فيما بيننا وصدقنا فيما نقول ونعمل وننقل، لنحظى بوعد ربنا الكريم قال الله (هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم).