أخي العزيز اختي العزيزة هل تأملت في نفسك التي بين جنبيك؟ هل نظرت يوماً إلى يديك؟ كيف تحركهما وتقبضهما وتبسطهما؟ هل نظرت إلى قدميك؟ كيف تمشي بهما من هنا إلى هناك، دون أن تعصيا أو تخالفا أوامرك.هل تأملت في قلبك الذي يضخ في اليوم آلاف اللترات، ويخفق في الدقيقة عشرات المرات هل تعلم أنك تتنفس في اليوم ثلاثة وعشرين ألف نفس دون توقف هل تأملت هذا ثم سألت نفسك: من الذي أجرى نَفَسَك ودمك .. وشق سمعك وبصرك .. وحرك يدك وقدمك. إنه الله جل جلاله. إن نعمة الصحة والعافية، تاج على رؤوس الأصحاء، لا يعرفه إلا أهل المرض والبلاء. وقد قيل: الصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى أذكر نفسي أولا وكل معافى أننا في نعمة لا يعلم قدرها إلا الله سبحانه وتعالى طعم العافية..! وهل للعافية طعم ؟! .. وما هو طعم العافية ؟ .. ومن يعرف طعم العافية ؟ الغريب أن من يعرف طعم العافية هو من حرم منها.. يعرف تماماً كيف يكون طعمها.. ويعرف تماماً ما يتمتع به من وهبوا العافية.. لكن المحزن أنهم متقلبون فيها لا يعرفون طعمها ولا معناها ولا قيمتها رغم أنهم يعتقدون العكس..ولذلك فهم لم يشكروا الله عليها كما ينبغي.. نِعم الله عز وجل لا تعد ولا تحصى وليست محصورة بالصحة والعافية فقط، قال الله وجل الله: (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَة اللّهِ لاَتُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) إبراهيم:34 لكن هذه النعمة تحتاج منا لوقفات وتأملات طويلة، ربما نظن أننا شاكرون حامدون ولا داعي للتأمل..لكن الله عز وجل يقول (وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) سبأ:13 لذلك نحتاج للاجتهاد لنكون من هذا القليل وإلا كنا ممن قال فيهم سبحانه: (إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) الزمر:7 وشكر نعم الله لا يعني أن نقول بألسنتنا اللهم لك الحمد والشكر ونمضي واثقين بشكرنا له !!!. شكر النعمة يعني أن نشكرها بقلوبنا وألسنتنا وجوارحنا... فشكرها بالقلب الاعتراف بنعم الله عز وجل وأنها من منّه تبارك وتعالى انعم بها علينا وحرمها غيرنا ليبتلينا ويمتحنا.وشكرها باللسان هو الثناء على الله وشكره عليها كل حين و التحدث بها كما قال ربنا جل في علاه (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)الضحى:11 وشكرها بالجوارح أن نستعملها في طاعته وألا نستعملها في معصيته قال الله تعالى(اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً) سبأ:13 فإن عرفنا ما هو شكر النعمة.. فهل نعرف تلك النعمة ونعرف قدرها وطعمها؟؟ العافية!! قال الإمام ابن القيم رحمه الله : النعم ثلاث: نعمة حاصلة يعلم بها العبد، ونعمة منتظرة يرجوها و نعمة هو فيها لا يشعر بها. انتهى كلامه رحمنا الله وإياه. والعافية هي نعمة لا يشعر بها المرء وهو فيها مهما قال انه يعرفها..لأنها من تلك الأمور التي لو فقدت لتبين للإنسان وزنها وأهميتها التي لم يحسب لها حساباً. العافية لا يعرفها إلا من حرم منها، ولا يقدرها "حق القدر" إلا من فقدها. ولو تفكر الإنسان في أبسط مرض يصيبه لعلم قدرها، ولعلم أي نعمة غفل عنها.. ولو أصيب بأي مرض.. لرأى العافية تاجا على رؤوس الآخرين.. لرأى ما فقد.. ولرأى أي نعمة هُم فيها.. ولأحس بطعم العافية الذي خسره.. والنعمة إنما تدوم لمن يعرف قدرها، وإنما يعرف قدرها الشاكر. نسأل الله تعالى دوام الصحة والعافية..