يعد وزير الخارجية الامريكية الاسبق هنري كيسنجر من اكثرالساسة الامريكان دعما لاسرائيل، الا ان تصريحاته الاخيرة لنيويورك تايمز قد اثارت حالة من الرعب في الاوساط الاسرائيلية وفتحت الابواب على احتمالات متعددة. فقد قال كيسنجر في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، وحرفيا: "بعد عشر سنوات من اليوم لن تكون اسرائيل موجودة". لقد عرف عن كيسنجر اليهودي الاصل انه ادآة جاهزة للداعية لاسرائيل واهميتها للمصالح الامريكية وحشد الدعم المالي والعسكري لها كلما كانت بحاجة لهذا الدعم.. وقد كان الغريب في تصريحات كيسنجر انه قد قرر وبشكل قاطع ان اسرائيل منتهية كدولة في غضون عشرة اعوام ولم يطالب بدعمها او حمايتها ولم يضع عباراته بقصد التحذير من ان اسرائيل في طريقها الى الزوال بل وضعها بشكل تقريري صارم.. ولم يطرح كعادته بدائل لمساعدة اسرائيل على البقاء. لقد تزامنت تصريحات كيسنجر تلك مع تقرير خطير للغاية اعدته 16 مؤسسة استخبارية امريكية كتقرير مشترك تحت عنوان "الاعداد لشرق اوسط في مرحلة ما بعد اسرائيل" حيث يؤكد التقرير " ان انتهاء دولة اسرائيل في الشرق الاوسط اصبح حتميا وقريبا" واورد التقرير مجموعة من العوامل التي ستؤدي الى انتهاء اسرائيل ووضع في قمتها المد الثوري الشعبي الذي يجتاح المنطقة برمتها وانهيار انظمة الحكم القديمة وتحطيم هياكل النظم السياسية والاجتماعية المرتبطة بها ونشؤ انظمة حكم جديدة في دول محورية كمصر وذلك بسبب المعطيات التي اطلق الربيع العربي اعنتها والصحوة الاسلامية الواسعة والمعتدلة وانهيار الانظمة والزعامات العربية المرتبطة باسرائيل التي تم شراؤها لخدمة اسرائيل في الحقب الماضية حسب التقرير. ويضيف التقرير ان هذه الانظمة كانت تقدم خدمات حيوية جدا لبقاء اسرائيل من خلال فرض القيود الصارمة على شعوبها وبذلك تحول دون دعم عربي شعبي حقيقي للفلسطينيين. ويخلص التقرير الى ان انظمة حكم جديدة سوف تنشأ في المنطقة وستكون "اكثر ديمقراطية واكثر اسلاما واكثر عداء لاسرائيل". وتشير احدى التوصيات التي تضمنها التقرير الى ان امريكا لم تعد قادرة على الاستمرار في دعم اسرائيل بمختلف انواع الدعم المادي والعسكري المكلف بسبب ازماتها الاقتصادية ووقوفها ضد ارادة مليار ونصف من العرب والمسلمين الذين يحيطون باسرائيل من كل اتجاه. ويضيف التقرير في حالة من التجلي الامريكي النادر الى ان على امريكا ان تسعى الى تحسين علاقاتها مع العالمين العربي والاسلامي وان توقف الدعم غير المحدود للسياسات الاسرائيلية العدوانية ضد الفلسطينيين ويصف التقرير الموقف الامريكي من الدعم الاعمى لاسرائيل بأنه موقف جعل امريكا تتخذ مواقف معادية اتصفت بانها ضد المبادئ الانسانية التي اقرتها الاممالمتحدة وضد الحقوق الانسانية التي كفلها الدستور الامريكي وانها تعتمد معايير مزدوجة ادت الى ان تفقد امريكا مصداقبتها واحترام شعوب العالم لها. ان هذا التقرير النادر الذي قام باعداده مجموعة من الخبراء المختصون بسباسات الدول والمطلعون على المعادلات التي تحكم السياسة الدولية يعد تحولا كبيرا ونادرا في رؤية العالم لمجموعة من المعطيات التي اكتسبت صفة المسلمات والتي حكمت السياسات الامريكية خاصة والغربية عامة خلال اكثر من خمسين عاما مضت.. وربما نستطيع القول: ان اول الغيث قطرة..