الذين يطالبون تمكين المرأة من قيادة السيارة لا يدركون العواقب ! أو أنهم يدركون فعلا ! و لكنهم لا يبالون بالنتائج !! تحدث أهل العلم بالحكم الشرعي وقالوا : ما يأتي بمحرم فهو محرم . وتحدث أهل الحركة والمرور بالمشكلات المتوقعة وقالوا : أن الطرقات مكتظة بالسيارات ولا تستوعب المزيد من المركبات ونحن في مجتمع مترف قد تتضاعف فيه عدد المركبات . و تحدث أهل التربية والاجتماع و قالوا : ثمة مشاكل أخلاقية ستترتب على تمكين النساء من قيادة المركبات وتحدث أهل المال والاقتصاد وقالوا : أن ما سيتم إنفاقه من أموال لتأمين سيارات خاصة بالنساء يزيد بما لا يقل عن عشرة أضعاف ما ينفق الآن على تنقل النساء الخاص والعام . ولا زالت الفكرة تطرح !! و أقصى ما يتعلل به المطالبون حاجة الأرامل والمطلقات والعاملات غير المتزوجات , وإذا اجتهدت في وضع الحلول لهم وتجاوزنا المعاناة الموهومة !! فتحوا علينا باب الأخر ! وقالوا : ماذا يقول عنا الغرب ! وقد وصلوا إلى القمر !! وهيا بنا نلحق بالركب ! وهم يعلمون بأن الغرب لم يصلوا إلى القمر بقيادة المرأة للسيارة !! بل وصلوا للقمر بالالتزام التام بأنظمة وقوانين بلادهم ,واحترام مبادئهم وقيمهم ,لا يسمحون لمن يتجرأ على مخالفتها, لا يوجد بينهم أمير يخالف نظام الدولة و يصادم عقائد المجتمع ! ولا وزير يصدر أنظمة تناقض دستور البلاد ويقود وزارته بمعاكسة سياسات الدولة , لا يوجد بينهم طيف يستعدي المنظمات الدولية ضد بلاده , ويحرض المغفلين والمغفلات لاستفزاز المجتمع في عقائده ومبادئه وقيمه التي يعتز ويفتخر بها. في المجتمعات الغربية التزام شعبوي بالأنظمة والقوانين , رغم أن العالم على قناعة تامة بأن تلك المبادئ والقيم ليست هي الأفضل والأمثل . ومع ذلك شن الغرب حربا عالمية من أجل نشر تلك المبادئ والقيم المهزوزة . وكذلك بقية الدول الشرقية المتقدمة ليس كل ما فيها هو الأمثل ! ومع ذلك تجد جميع أطياف المجتمع فيها متفقة على دستورهم ومبادئهم وقيمهم يلتزمون بها ويدعون إليها ويدافعون عنها ويقاتلون من أجلها بهذا النظام والانتظام حققوا التقدم و نصيبا من الدنيا . ليعلم المطالبون بأن قيادة المرأة للسيارة في الغرب أمر بدهي, في ضوء تخلي الرجل عن مسئوليته تجاه الأنثى سواء كانت أما أو زوجا أو بنتا أو أختا فلا يلزمه - قانونا ونظاما - تعليمهن و رعايتهن و النفقة عليهن فالفتاة مسئولة عن نفسها حلا وترحالا ,أكلا وشربا , سكنا ولبسا , تعليما وتربية . في بيئة لا تفرق بين الرجل والمرأة أمام القانون , حتى ولو وقعت في الاستغلال بين الرجال . أقصد من هذه العبارات : أن قيادة المرأة للسيارة في بلادهم تكملة لمنظومة القيم والمبادئ التي يعتقدون ويعملون بها , فلا يمكن لمجتمع يلزم الفتاة بالنفقة على نفسها أن يمنعها من القدرة على التنقل . كيف يأتي من يقول : ماذا يقول عنا الغرب !! وهيا بنا نلحق بالركب !؟؟ حاول إخوتنا في الدول الإسلامية ( عقد الصفقة الموهومة ) واللحاق بالركب ! استجابوا لنداءات استرجال النساء ! ومكنوا نسائهم من قيادة السيارة ,والتنقل الحر وتخلص الرجل من مسئوليته , وتولت المرأة - بضعفها وقلة حيلتها - مهام والتزامات الأسرة , وجلبت – بالضرورة - لمجتمعها الفضائح والفظائع , و وقع المجتمع فيما حذر منه المصلحون الناصحون , حل عليهم غضب الرحمن ,و تشتت الأسرة ,والانحلال الخلقي ,والإدمان ,وكثرة الجرائم ,وتسلط عليهم عدوهم ,وفقدوا الأمن . و لم يصلوا إلى القمر!! ولم يلحقوا بالركب !! ولم تطأ أقدامهم بر الأمان !! دفعوا قيمة الصفقة وزيادة ولم يظفروا بالركب !! منذ زمن والأسرة في بلادنا تواجه حروب متتالية على أركانها ,ابتداء من المطالبة بإلغاء مبدأ القوامة ,واعتباره سلطة واستعباد , ودفع المرأة لمزاحمة الرجال ,والدعوة إلى الاختلاط المبتذل في المجتمع , والمناداة بالسفر الحر لأفراد الأسرة , وتمكين المرأة من قيادة السيارة ,وتعريض الفتيات لمخاطر السير ,وهناك من يتربص و ينادي برفع سن الزواج للشباب والشابات ومناقشة الثقافة الجنسية في المدارس , وتوزيع موانع الحمل , التي تنادي بها المنظمات الخارجية .كل ذلك وغيره كثير يستهدف الأسرة بالدرجة الأولى . الأسرة بحاجة إلى الدعم وضبط مكوناتها من أعلى المستويات الاجتماعية , وعلى الأخص القوامة ودور الرجل في أهل بيته , وطاعة المرأة لزوجها حفاظا على سعادتها وكرامتها , و لا يخفى على عاقل أن تمكين المرأة من قيادة السيارة انتزاع طرف من قوامة الرجل ,وتعزيز رغبة الفتاة في التمرد والخروج عن طاعة وليها لأتفه الأسباب , مما يزيد نسبة الطلاق - المرتفعة أصلا - وتشتت الأسر وتفرق الأبناء وضياع الفتيات تحت وطأت الابتزاز , هل يدرك دعاة تمكين المرأة من قيادة المركبة أثر ذلك على المجتمع ؟ هل يعلمون أن قيادة الفتاة للسيارة خطوة جريئة في طريق هدم كيان المجتمع بهدم الأسرة وتقويض دورها التربوي ؟