فشل المشاريع الاستثمارية ...ما الحل ؟؟ يستهين بعض الراغبين في الاستثمار الاقتصادي بدراسة الجدوى للمشاريع ويستكثرون دفع تكاليف الاستشارة وتكاليف وضع الخطط الإستراتيجية والتشغيلية لمشروعاتهم الاستثمارية , بحجة أن كبار رجال الأعمال في زماننا وكبرى الشركات العاملة في السوق انطلقت أول ما انطلقت وحققت نجاحات باهرة داخليا وخارجيا بدون دراسة جدوى اقتصادية وبدون مؤهلات علمية أيضا , بل بعض ملاك تلك الشركات أمي لا يفرق بين الحروف! هذا طبعا من الجهل بالواقع الاقتصادي لتلك الشركات , فلو حاولنا استقراء بداية تلك الشركات في وقتها لوجدنا الفرص المتاحة أكبر بكثير من المخاطر المتوقعة , والطلب من المنتج أكبر من العرض , وبالتالي ينخفض عامل المخاطرة إلى معدلات متدنية جدا ,مما يضمن تحقق نجاحات مع أي إستراتيجية تتبع سوء كانت واقعية أو غير واقعية. كما لا نغفل عامل حسن النوايا والتوكل على الله في الرزق عند القوم. وهذا بالتأكيد يشير إلى انه لو سبقت تلك المشروعات الاقتصادية في ذلك الزمن دراسات جدوى دقيقة لحققت نجاحات أضعاف ما حققته باغتنام فرص كانت متاحة وتجاوز مخاطر واجهت المنشآت. ولكن " ولو " تفتح عمل الشيطان . أما في الوقع الاقتصادي الحالي حيث انخفض عدد الفرص الاستثمارية , وكثرت التهديدات, وارتفعت نسبة المخاطرة, وانخفضت السيولة , وتعدد المنافسين ,والممولين الجشعين ,فالوضع هنا يختلف تماما والدخول فيه ليس أمرا سهلا , ولا ينفع فيه التخمين والحدس , وهذا ما يبرر فتح المشاريع في الضحى و إغلاقها في المساء, و تكرار الإخفاق بين المستثمرين في السلعة الواحدة وفي النطاق الجغرافي الواحد. لا يكفي المستثمر تقليد منشأة عاملة ظاهرها النجاح لكي يقدم السلعة نفسها في النطاق نفسه , هذا التقليد غير مجدي بالتأكيد. المستثمر يحتاج إلى اختيار السلعة التي سوف يستثمر فيها !وأن يعلم عدد المستفيدين من سلعته , والنطاق الجغرافي , والتوزيع الديموغرافي , وعدد من يقدم السلعة نفسها "المنافسين", والسعر المنافس , والبدائل للسلعة , وسعرها , وما هي المواصفات التي تميز سلعته وتجذب العميل ,وكم يحتاج من العمالة ؟ ونوعها , ومهاراتها , وهل هي متوفرة في السوق المحلي ؟ وكيف يوفرها ؟ وكيف يصنفها ؟ وكيف يضع سلم الرواتب والمكافآت ؟ و كيف يقدم سلعته؟ , وكيف يدخل السوق ؟ و هل يحتاج إلى دعاية وهدايا ترويجية ؟ أو يحتاج إلى إعلان فقط ؟ وما هو نطاق الدعاية والإعلان ؟ وكيف يتعامل مع المنافسين ؟ ومتى يدخل منتج وسلعة جديدة ؟ وكيف يقنع العميل بها ؟ وكيف يحتفظ بالعميل ؟وكيف يخلق الحاجة إلى سلعته ؟ وبناء على ذلك يحدد رأس المال و وتأمين الأصول ! كما يحدد مصادر التمويل من الداخل ؟ أو من الخارج ؟ وما هو العائد المتوقع من المشروع ؟ وهل هو مجزي ومقنع ؟ كل تلك المعلومات ضرورية لكل من يعزم على الاستثمار , وبطبيعة الحال ليس مطلوب من كل مستثمر أن يكون خبيرا استراتيجيا !! هذا مستحيل , ولكن المطلوب معرفة حقوق الله تعالى في المال والالتزام بأخلاقيات المهنة , ثم الاعتماد على مكاتب استشارية متخصصة لوضع دراسات الجدوى الاقتصادية , ولو كلفت الكثير من المال !! فهي بمثابة المخطط الهندسي بالكميات لبناء منزل فلا يمكن بناء منزل بدون مخطط بل يعتمد نجاح مشروع المنزل على دقة المخطط الهندسي و واقعية الكميات .بهذه الطريقة يضمن المستثمر نجاح المشروع وعدم تعريض جهده وأمواله للضياع والخسران . فؤاد العيسى