يختلف مفهوم « الإجازة » لدى الناس ، فالبعض يراه ضرورة لتجديد النشاط ، ولأخذ قسط من الراحة بعد موسم كامل من العمل ، في حين يراه آخرون أنه حق مكتسب لابد من أخذه ، ويختلف - أيضاً - الناس في اختيار وقت الإجازة ، وإن كانت الغالبية العظمى منهم تكون في فترة الصيف ، حيث مشاركة أبنائهم في الإجازة الصيفية ، والتمتع بها داخل المملكة أو خارجها . إن الإجازة عند أصحاب النفوس الأبية ، وأهل الجد والمسؤولية ، هي لتدارك ما فات ، ولتحصيل ما هو آت ، فالتاجر يعيد حساباته ، والطالب يقوّم نفسه واجتهاده ، ليستدرك ما قصّر فيه ، وهكذا كل أحدٍ على حسب عمله .. فهي استجمام ، وتحفّز ، وتدارك ، ونيّة في وقت الإجازة والراحة . واستمع معي إلى ما يقوله الصحابي الجليل « حَنْظَلة الأُسيديّ » .. قال حنظلة : لقيني أبو بكر ، فقال : كيف أنت يا حنظلةُ ؟ قلت : نافَقَ حنظلةُ ، قال : سبحان الله ! ما تقولُ ؟ قلت : نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يُذَكِّرنا بالنار والجنة حتى كأنّا رأي عَيْنٍ ، فإذا خرجْنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافَسْنا ( خالطنا ) الأزواج والأولاد والضيعاتِ نسينا كثيراً ، فقال أبو بكر : وأنا كذلك .. فَعُرِضَ الأمر من أبي بكر وحنظلة على الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقال المعلم الربَّانيِ صلى الله عليه وسلم : « والذي نفسي بيده إنْ لو تَدومون على ما تكونون عندي وفي الذِّكرِ لصافحتكم الملائكةُ على فُرُشكم وفي طُرُقِكم ، ولكن يا حنظلة : ساعةً وساعةً ، ساعةً وساعةً ، ساعةً وساعةً » . الحديث رواه مسلم . هذا توجيه راقٍ من سيّد الخلق وحبيب الحق ، يتسم بالاعتدال والوسطية ، وعدم الإفراط والتفريط ، وهو صلى الله عليه وسلم الذي يعطي كل ذي حقٍّ حقَّه ، ويأمر بالاعتدال، وعدم الإسراف ، وأن يزاول المرءُ الأمور المباحة ليعود إلى عمله نشيطاً قويّاً، جادّاً مجتهداً، دون مخالفات شرعية من تبذير ومنكرات، وأن ينوي في إجازته هو وأهله التقوى على القيام بواجبه، ليتقاضى راتبه حلالاً طيباً . سلمان بن محمد العُمري [email protected]