تناقضات سوق العمل سوق العمل بالمملكة العربية السعودية سوق شاسع به العديد من الأنشطة التجارية والمجالات الاقتصادية التي تتنوع وتختلف ، ففي كل يوم يظهر مجال جديد يحتاج لكوادر بشرية تقوم به ، فالقطاعات تتعدد وتشكل قوة هامة لدعم الاقتصاد الوطني بشكل مباشر أو غير مباشر ، وعلى سبيل المثال قطاع العقار الذي ساهم بنحو 7.2 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي خلال 2009، حيث حقق نمواً بنسبة 50 في المائة خلال الفترة من 1999 حتى 2008 وبذلك احتل المرتبة الثانية بعد قطاع النفط ، حيث أن متوسط النمو السنوي للقطاع العقاري يقدر بنحو 55 مليار ريال بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي ، وبنسبة 9.5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي، والو قمنا بقياس باقي القطاعات لوجدنا أن حجم الاستثمارات في كل قطاع تشكل قوة كبيرة في نمو المملكة وبلا شك فان هذه الأنشطة تحتاج إلى خبرات بشرية تقوم بإدارتها وتنميتها هذا ما دفع أرباب العمل إلى الاستعانة بالعمالة الوافدة للقيام بمعظم تلك الأدوار منذ بداية النهضة بالمملكة لعدم وجود العدد الكافي من الأيدي العاملة الوطنية المؤهلة بشكل جيد للقيام بتلك الأعمال وقد استمر هذا الوضع حتى أصبح ديدن هذه القطاعات هو الاستعانة بالعمالة الوافدة حتى وان كان هناك من يقوم بها من أبناء الوطن مبررين توجههم هذا بعدة مبررات منها انخفاض درجة المواءمة بين مخرجات التعليم وبين حاجات سوق العمل من ناحية الكيف والكم، العادات والتقاليد الاجتماعية التي تسود في المجتمع وتقلل من قيمة بعض الأعمال والمهن فلا يقبل بها الخريجون ، زيادة جاذبية العمل الحكومي للشباب السعودي ، كذلك انخفاض مستويات الأجور للأيدي العاملة الوافدة مقارنة بالعمالة الوطنية بسبب عدم تحديد حد أدنى للأجور للعمالة الوافدة يلتزم بها صاحب العمل. مع هذه المبررات قد يصعب معالجة الوضع ولكن متى ما تم الوقوف الفعلي على المشكلة فأننا نجد بان الوضع مختلف بنسبة كبيرة ، فالشباب السعودي مؤهل بدرجة جيدة ولديه الرغبة في العمل ويقبل اليوم بالعديد من الوظائف بالقطاع الحكومي والخاص فهمه الأول هو الحصول على وظيفة يقتات منها ويؤمن من خلالها مستقبله ، فتجد الشباب قبل أن يعلن نور الصباح بداية يوم عمل جديد يقفون أمام الجهة التي تعلن عن توفر وظائف لديها مهما كانت طبيعة تلك الوظائف يأتون من كل مدينة وبإعداد كبيرة رغم علمهم بان عدد الوظائف محدود والمنافسة سوف تكون شرسة للحصول على واحدة من تلك الوظائف ، هذا في حالة الإعلان عن توفر الوظائف أصلاً حيث أن معظم جهات القطاع الخاص لا تقوم بالإعلان عن توفر الوظائف وعند طرق بابها من قبل الشاب السعودي يتم توجيهه لبوابتها الالكترونية لتقديم الطلب الكترونياً وينتظر الاتصال به \"تصريف بأدب\". ولكن مع تزايد المطالبة بتفعيل السعودة في القطاع الخاص قام المسئولين بالقطاع الخاص بإيجاد حلول للحيلولة دون التصادم مع الجهات المختصة في هذا الجانب فقد انتهج القطاع الخاص آلية توظيف السعوديين في الوظائف المخصصة لمواجهة الجمهور أما تلك الوظائف التي لا تصل لها الأعين فقد تم توظيف عدد من الشباب السعودي عندما كانت عملية متابعة عملية السعودة تشهد حراكاً ايجابياً ، واليوم مع انخماد بركان السعودة نرى عمليات إنهاء خدمات الشباب السعودي بالجملة هنا وهناك والمبررات مضحكة أكثر من كونها مقنعة ومعها لا نشاهد أي تحرك للجهات المختصة للحد من هذه الظاهرة التي تمس اقتصاد الوطن وشبابه وللأسف هناك استسلام واضح من الشباب السعودي عند إنهاء خدماته فمعظم الشباب يقبل ويستسلم لعملية إنهاء خدماته ولا يتوجه لأي جهة للمطالبة بحقوق البقاء على وظيفته التي سريعاً ما يتم أشغالها بموظف وافد مساوي له في المؤهلات واقل منه في الخبرات ، مع هذه الموجة من التوجهات يصاب المرء بصدمة عند زيارته لأحد تلك الجهات عندما يشاهد العدد المهول من الوافدين الذين يشغلون الوظائف الإدارية البسيطة والمتوسطة التي يمكن لأي شاب سعودي القيام بها ، ويصاب بالدهشة عندما يكون على علم بان هذه الوظائف كان يشغلها موظفين سعوديين فيسأل فتأتيه الإجابة كصاعقة \"تم الاستغناء عنهم لعدم الحاجة لهم\" وبعد قليل يقوم بطلب خدمة ليقوم احد الموظفين الوافدين الجدد بأدائها له ، كيف تم الاستغناء عن السعودي لعدم الحاجة وها هو الوافد يقوم بما كان يقوم به السعودي. تناقضات عجيبة ومشاهد غريبة وتجاهل عظيم. المهندس/عبدالله العمودي