الطيب ما في زيه كانت جدتي رحمة الله عليها وعلى جميع موتي المسلمين دوماً تردد مقولة \"الطيب ما في زيه\" وكانت جدتي تردد هذه العبارة باللهجة العامية الحضرمية البسيطة \"الطيب ماشي كماه\" ، كنت أحاول مراراً تغيير تصورها حول مفهوم الطيبة ولكن لا جدوى لذلك فهي مؤمنة بما تقول وكانت الحياة قد أكسبتها يقين ما تقول. جدتي الطيب في هذه الأيام يشار له بأنه ذك المغفل الساذج الذي لا مكان له في هذا الزمن ، جدتي الطيب شخص غير مرغوب فيه ، جدتي الطيب يستغل من قبل الجميع ، جدتي الطيب لا يمكنه الحصول على ابسط الأمور ، جدتي جدتي جدتي . وجدتي تصر على أن \"الطيب ماشي كماه\" رحلت جدتي عن هذه الدنيا وهي مصرة كل الإصرار على أن \"الطيب ماشي كماه\" وعبارته تتردد على مسمعي بين الفترة والأخرى ، لماذا هذا الإصرار من جدتي على أن \"الطيب ماشي كماه\" ، جدتي كانت محبوبة من الجميع ، جدتي كانت محط أعجاب من الجميع ، جدتي يحاول الجميع التقرب اليها وهي لا تملك غير الستر وعفاف ، جدتي لا منصب لها ولا علم لديها غير كلمات طيبة كطيبتها وابتسامة دائمة ترتسم على وجهها الطفولي رغم تجاوزها سن السبعين أو نحوه. جدتي لم تكن تطمع في شيء من أحد غير أنها كانت تتحدث دوماً للجميع بلهجة واحدة وطريقة واحدة وبابتسامة دائمة تعطف على الجميع صغير كان أو كبير الكل لديها سواء ، لم تكن تذكر عيوب احد ولا حتى ما حدثها عنه ، كانت تحفظ السر وتحفظ الود وتذكر بالمعاملة الطيبة التي هي سرها في كسب قلوب الأخرين. جدتي لماذا كل هذا؟ أن الطيبة التي ملئت حياتها وفاضة لتغمر جميع من عرفها ، فقد كان يأتي لها الشخص باحثاً عن مكان يستكن له ويتعلم منه معني الحياة معني البساطة معني الحب والصفح حتى في اشد حالات الغضب . جدتي كنتي محقة عندما كنتي ترددين \"الطيب ماشي كماه\" ، ولكن يا جدتي هل يعرف الجميع ما معني الطيبة. المهندس/عبدالله العمودي