اتجهت لعيادتي يوم سيل الخميس الماضي في الصباح الباكر وكان الجو عاديا والهواء لطيفا والسحب خفيفه ولم تكن هناك اي علامات تؤيد ماذهبت اليه الارصاد من ان رياحا عاتيه وعواصف قويه وامطارا غزيرة ستضرب جدة في ذلك اليوم الجميل. ولكن ما ان تقدم النهار حتى غابت الشمس تحت جبال متراكبة من السحب السوداء ثم اسود النهار وعصفت الرياح ثم انهمرت الامطار فكانت كأفواه القرب وفي خلال ساعة واحدة تحولت احياء جدة الى بحيرات عائمه وتحولت شوارع جده الى أنهار جارية. ومع هلع اهل جده وانا منهم مما يحدث من مظاهر جويه غريبه الا ان بعض الناس ممن قابلتهم ذلك النهار لم يكترثوا مطلقا بما يحدث رغم ظلام الجو وهطول المطر بل كانوا مغتبطين بنزول المطر ويقولون وهل نخاف من الرحمة؟. وذكرني كلامهم بما ورد من خبر الخليفة سليمان بن عبدالملك الذي اتجه بعد اتمام حجه الى الطائف ولما كان وركبه في منتصف الطريق قابلتهم عواصف هوجاء فيها ظلام وبرق ورعد فخاف واستدعى عمر بن عبدالعزيز وقال له ماهذا فقال له عمر : هذا عند نزول رحمته فكيف عند نزول غضبه. هذا وقد اتصلت بي ام العيال اثناء العاصفة والمطر وكان صوتها يتهدل ولسانها يتلعثم واخبرتني بسقوط شجرة المنقى بمنزلنا وهي واحدة من شجرتين زرعتهما الزوجه بيديها قبل سبعة عشرة سنة ومازالت تتعهدهما وترعاهما حتى اثمرتا لسنة واحدة فقط ثم اثمرتا هذه السنة وبعدها اتصلت بي الزوجة ثانيه واخبرتني بسقوط الشجرة الثانية وان الاثنتين تهاونا بما يحملان من الثمار المبتدئه لتكتبان بهذا السقوط نهاية مشروع المنقى بمنزلنا الخاص وقد حاولت جاهدا ان اخفف عليها ماحصل وقلت لها بان الله لطف بنا فلم تسقط الشجرتان على رؤوسنا ولا على سياراتنا. وعندما هدأت العاصفة وتوقف المطر خرجت لاتوجه الى منزلي فاستوقفني شاب يلبس بنطالاً برموديا وقال لي انا جاركم بالعمارة وقد تركت سيارتي الونيت تحت العيادة ونزلت الآن ولم اجد لها اثر فقلت له مواسيا لا عليك لعل احدهم استعان بها للوصول الى مكانه اثناء العاصفة والمطر وسيعيدها إن شاء الله عندما تتلاشى السحب وتغيض المياه. ثم كان علي ان اخوض بسياراتي الطريق الى البيت في مياه عميقة واخرى جارية والحمد لله ان سيارتي كبيره فلم تغرق في الماء الا انها تضررت من حيث لا اعلم لانني خضت بها في المياه وهي سيارة برية لابرمائيه. ورغم صعوبة الوضع الا انني اصررت على احضار بناتي المتزوجات من منازلهن برفقتي مما عرضني للمزيد من الخطر لكننا نسينا الخطر فيما بعد واستمتعنا بغداء عائلي لذيذ في جو غائم بديع وهواء شتوي نقي مع الشعور بالامان حيث كانت العائلة كلها مجتمعة تحت سقف واحد.