(كم أنت جميلة أيها المعاناة..) إنها العبارة التي ارتسمت على وجه الصغيرة (رغد) ولم تقلها.. فقد صنعت منها هذه المعاناة (مخترعة) يشار إليها بالبنان في معرض (ابتكار 2010) الذي تختتم فعالياته اليوم الخميس برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (حفظه الله) في جدة هيلتون، وباتت تنافس على لقب أصغر مخترعة سعودية. رغد أشرف محمود بخش ابنة طبيب العيون والطالبة في الصف الثالث المتوسط بمدرسة (رياض نجد) في العاصمة تملك عقلية الكبار، وتعرف جيداً أن (الحاجة ام الاختراع) وأن أفضل الابتكارات هي التي تلمس حاجة الناس وتصل إليهم سريعاً، لذا كانت فكرتها البسيطة مثار إعجاب الزائرين للمعرض وخصوصاً من طلاب المرحلة الابتدائية وصغار السن. تروي رغد القصة من أولها فتقول: كنت أعاني بشدة في تعليم شقيقي الصغير (سيف) الصلاة، حيث كان يخطئ في نفس الخطوات التي أشرحها له كل يوم، وبصراحة كنت أشعر أنا بالفشل وليس هو.. لأنني المسؤولة رسمياً عن تعليمه من قبل الأسرة التي تتكون من والدي الاستشاري المشغول في عيادته ووالدتي الحاصلة على ماجستير من كلية السياحة والآثار وشقيقي الأكبر فيصل في الصف الثاني الثانوي، إضافة إلى رند بالصف الثاني المتوسط، ثم سيف ابن التسع سنوات والذي كان وراء تعبي ومعاناتي. وتواصل: من هنا جاءت الفكرة.. ولأنني أحب البحث والعلم بدأت في عمل دراسة ميدانية عن الأطفال من 6 إلى 11 سنة بالمدرسة التي اتعلم بها والمحيط العائلي والأسري، وكانت المفاجأة الكبيرة بالنسبة لي هي أن (80.64%) من هذه الفئة يعانون من نفس المشكلة ويواجهون نفس التعثر، لذلك نبعت فكرة ابتكار سجادة صلاة تعلم الطفل الصغير خطوات الصلاة.. وتسير معه خطوة بخطوة، بل يمكنه أن يردد خلفها شعائر الصلاة من البداية للنهاية حتى يتعلم من كثرة التكرار. وعن كيفية عمل (السجادة الناطقة) تقول رغد: السجادة لاتختلف كثيراً عن أي سجادة موجودة في الأسواق، لكنها موصلة بدائرة كهربائية وتعمل بجهاز تحكم (ريموت كونترول) عن بعد ومبرمج عليها الصلوات الخمس مسجلة بكلمات ناطقة، بحيث يبدأ تشغيله لصلاة الظهر مثلاً، ويبدأ الطفل الصغير التكرار خلف السجادة من البداية وحتى النهاية. رغد التي تهوى القراءة والرسم وتعشق الرياضة خصوصا السباحة وركوب الخيل كانت تعرف أن والدها الذي يترك أبناءه يعبرون عن رأيهم بحرية لن يقف في طريق طموحاتها، وعندما أبلغته شجعها للانضمام إلى جماعة الموهوبين في المدرسة وبالتالي الخضوع لدورة تدريبية تحت اشراف مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة) مدتها (6) أسابيع، واعتبرت (السجادة الناطقة) هي مشروعها الذي ستتقدم به في الدورة، وعندما لاقت الفكرة استحسان القائمين على المؤسسة اتخذت اجراءات الحصول على براءة اختراع. وتعترف رغد أن تشجيع والدها أشرف بخش كان الدافع الأكبر لها لإطلاق فكرتها في معرض (ابتكار 2010) الذي حظي باهتمام وحضور كبير لم تكن تتوقعه، وتقول: شعرت بالرهبة عندما رأيت آلاف الزائرين يحضرون يومياً للتعرف على اختراعي، لكن مع الوقت كانت لدي الشجاعة أن أشرح للجميع الفكرة ببساطة وبشكل يثير الاعجاب. تحلم ابنة ال(15) ربيعاً أن تكون طبية في المستقبل مثل والدها،وعن أشقائها يحب فيصل (17) سنة الميكانيكا، في حين تعشق شقيقتها رند التصوير الفوتوغراقي، أما (سيف) الذي أتعبها كثيراً وكان سبب معاناتها التي تحولت إلى اختراع فيما بعد.. فإنه يعشق البحث وقد يكون في المستقبل عبقرياً لا يحتاج إلى (التكرار) أو الكثير من الوقت للتعلم!.