اننا معشر البشر لابد فينا من اخطاء، والمعصوم من عصم الله، فلا بد من اخطاء في البشر، نسي آدم فنسيت ذريته، لابد من اخطاء، ولو تبصر الانسان في نفسه لأبصر عيوبه واخطاءه، واشتغل بها عن عيوب الآخرين، كلنا خطاء، وخير الخطائين التوابون، كلنا عرضة للزلل والخطأ والتقصير في الواجب او ارتكاب شيء مما خالف الشرع لو تبصر المسلم حقاً، فإذا كنا كذلك فالواجب على الجميع التناصح فيما بيننا، فلعل أخاك المسلم وقع في تلك المخالفة اما غفلة منه، اما جهلاً بالحكم، او غفلة وسهوا وسيطرة شهوات وهوى وجلساء سوء ودعاة ضلال، لعله عرض له امر ظن ان ما هو عليه حق والواقع أنه خطأ ومخالف للشرع. ولابد من ترويض نفسك على الصبر والاحتساب، ومخاطبة الناس على قدر عقولهم وافهامهم، لتعلم حال من تنصحه، اخلاقه تقبله لما تدلي اليه من نصيحة، حسن تقبله او عدم تقبله، وكيف حاله وكيف طريقة نصحه، لأن هدفك الوصول الى الحق، وانقاذ المسلم مما هو واقع فيه من الخطأ. فكن لله ناصحاً، وكن لعباد الله ناصحاً، نصيحة تنبع من قلب مليء بالرحمة والمحبة والشفقة وحسن القصد، لا عن خيانة وغش واستطالة وترفع على الناس. قد تجد مخالفة في بيتك من ابناء وبنات واخوان واخوات وآباء وامهات، فلابد من نصيحة للجميع على قدر حالهم، تنصح اباك ان رأيت مخالفة، ولكن بأدب وشفقة وبر واحسان ومعاملة بالمعروف، تراعي كبر السن وتراعي ادب التحمل، وتراعي كل الظروف، وتنصح الأم ان رأيت خطأ، وتنصح البنين والبنات، والاخوة والاخوات، وتنصح الأرحام والجيران، ولتكن النصيحة منك عامة للفرد والجماعة. وقد ترى مسلماً يتهاون بأمر الصلاة فتنصحه لله نصيحة الخير، ترغبه في الفريضة، وتبين له أهميتها ، وانها الركن الثاني من اركان الاسلام، وانها عمود الاسلام، وان المتخلف عنها والمضيع لها معرض نفسه لأن يوصف بالكفر والشرك. وقد ترى مسلماً يغلب على ظنك عدم ادائه الزكاة، وانه ذو ثروة عظيمة، فتخوفه من الله فيما بينك وبينه، وتبين له عواقب منع الزكاة، وآثام مانعي الزكاة، وما يترتب على ذلك من الوعيد فيما بينك وبينه، فلعل موعظة تقع في قلبه، فتحركه للخير وتحمله على الجود بالواجب. وقد ترى من يقصر في صيامه او يسيء فيه، أو من لم يؤد الحج، وكل ذلك لتنصحهم لله، ترى مسلماً جافياً لأبويه، عاقاً لهما، مسيئاً لهما، فتنصحه وتحذره من القطيعة، وتبين له عاقبة عقوق الرحم، وان عقوق الوالدين من كبائر الذنوب، وانه سبب لمحق بركة العمر والعمل والرزق والولد. وقد ترى من يقع رحمه فتسعى في نصيحته وحمله على الصلة بالرحم وبر الأرحام والإحسان اليهم. وقد ترى مسلماً لا يتقي الله في معاملاته في البيع والشراء، فتنصحه لله، وتحذره من المخالفات. وقد ترى مسلماً انخدع بجلساء سوء، وشلل فساد ورذيلة، فتحذره من تلك المجتمعات الشريرة، وتربأ به الى الخير، وتحذره من اولئك، ليكون على بصيرة من امره، فيستقيم على الخير والهدى. فلنكن ملتزمين بهذا الادب في نصيحتنا لأي فرد منا، وليكن ذلك بحكمة ولين ورفق حتى تؤدي النصيحة مفعولها، ولهذا يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم :(فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) والله من وراء القصد،،