الدعيلج: سنحتاج 274,000 وظيفة في «الطيران السعودي»    «السعودي - القطري» يبحث التعاون في «الواعدة» وتعزيز التكامل الاقتصادي    أمريكا تفرض عقوبات على أكثر من 30 شخصا وسفينة مرتبطة بإيران    ترمب: مستعد للذهاب إلى موسكو.. وسأنهي الحرب الأوكرانية خلال أسابيع    نائب رئيس «حماس»: لو كنت أعلم بتفاصيل «7 أكتوبر» لعارضته    جامعة خالد تستحضر الأمجاد في يوم التأسيس    ختام ورش مساحات العمل الصحية    محافظ جدة يتفقد النفق الشرقي    ترامب: الحرب في أوكرانيا قد تنتهي "خلال أسابيع"    الفتح يحقق فوزًا مهمًا على الأخدود    وزير الخارجية ونظيره النيوزيلندي يبحثان العلاقات الثنائية    المنتخب السعودي يخسر من منتخب العراق ويغادر كأس الخليج لقدماء اللاعبين    الجبير يلتقي المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي    وزير الصحة يبحث تعزيز الشراكة الصحية مع وزيري القوى العاملة وحماية العمال الإندونيسيين    الموارد البشرية بنجران تحتفل بيوم التأسيس    مبادرة لتمكين الامتياز التجاري في نشاط صيانة السيارات    ارتباط حقن التخسيس بفقدان البصر    (ثمارية العقارية) تطلق المراحة البيعية الرابعة لمشروع "المها" الأكبر في جنوب غرب العاصمة الرياض    قرية "ذاكرة الأرض" تختتم فعالياتها بتبوك    النيابة العامة تحتفي بمناسبة يوم التأسيس    الزواج ليس ضرورة.. لبنى عبدالعزيز: الأمومة مرعبة والإنجاب لا يناسب طموحاتي المهنية    500 لاعب ولاعبة يتنافسون في بطولة المملكة في جازان    انعقاد جلسة رفيعة المستوى حول الدبلوماسية الإنسانية في النزاعات ضمن فعاليات منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع    نائب أمير تبوك يكرّم الطلاب والطالبات الفائزين بجوائز «منافس» في مساراتها الخمسة    أمير الرياض يعزي جبران بن خاطر في وفاة والدته    سمو أمير منطقة الباحة يشهد حفل إمارة المنطقة بمناسبة يوم التأسيس    فقيه ل«عكاظ»: "روح الفريق الواحد" قادت الاتحاد للانتصارات    عبادي الجوهر قدمني للناس كشاعر.. عبدالرحمن بن مساعد: أغنية «قالوا ترى» ساذجة    أمانة تبوك توفر 260 بسطة رمضانية في 13 موقعاً    أتلتيكو مدريد يهدد برشلونة    يوم التأسيس: جذور المجد وبداية الحلم    "الشؤون الإسلامية" تنهي فرش 12 جامعا بمنطقة القصيم    بلدية صبيا تطلق فعاليات الاحتفال بيوم التأسيس    بعد وفاة 82 شخصاً.. بريطانيا تحذّر من استخدام حقن إنقاص الوزن    الرياض: ضبط 4 وافدين لممارستهم أفعالاً تنافي الآداب العامة في أحد مراكز «المساج»    الاتحاد الأوروبي يُعلن تعليق بعض العقوبات المفروضة على سوريا    لافروف: الحوار مع أمريكا في الرياض «إيجابي»    محكمة الاستئناف بعسير تحتفل بيوم التأسيس    وزارة الصحة تؤكد أهمية التطعيم ضد الحمى الشوكية قبل أداء العمرة    اليابان تسجل عجزًا رقميًا قياسيًا    زيادة تناول الكالسيوم تقلل من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم    أمانة الرياض تباشر تركيب لوحات أسماء الأئمة والملوك في 15 ميداناً    ضيوف منتدى الإعلام يزورون "مكان التاريخ"    وقفات مع تأسيس السعودية وتطورها ومكانتها المتميزة    الدبابات تدخل الضفة للمرة الأولى منذ 23 عامًا.. ووزير جيش الاحتلال: إخلاء مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس ومنع عودة سكانها    موجة برد صفرية في السعودية.. «سعد بلع» يظهر نهاية الشتاء    زياد يحتفل بعقد قرانه    كشافة شباب مكة تقلد محمود (المنديل والباج)    الطباطيبي يزفون عصام وهناء    مختبر ووهان الصيني.. «كورونا» جديد في الخفافيش    "غينيس" توثق أكبر عرضة سعودية احتفاء بذكرى يوم التأسيس في قصر الحكم    مسيرات الحب في ذكرى يوم التأسيس    يوم التأسيس.. يوم التأكيد    لماذا يحتفل السعوديون بيوم التأسيس ؟    رئيس "سدايا": يوم التأسيس .. اعتزاز ممتد على مدى ثلاثة قرون من الأمجاد والنماء    فرع "هيئة الأمر بالمعروف" بنجران يشارك في الاحتفاء بيوم التأسيس    برعاية مفوض إفتاء جازان "ميديا" يوقع عقد شراكة مجتمعية مع إفتاء جازان    برعاية ودعم المملكة.. اختتام فعاليات مسابقة جائزة تنزانيا الدولية للقرآن الكريم في نسختها 33    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة تحليلية لمنطلقات جائزة خادم الحرمين العالمية للترجمة
التنوع الثقافي في رؤية الملك مصدر ثراء للحوار الحضاري
نشر في الندوة يوم 08 - 05 - 2010

امتلكت جائزة خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة، منذ إعلان إنشائها قبل 3 سنوات, مقومات كثيرة، منحتها القدرة على تحقيق أهدافها في تنشيط حركة الترجمة من وإلى اللغة العربية، واستثمار هذا النشاط في تهيئة المناخ لحوار فاعل بين الحضارات، وتعزيز التواصل المعرفي بين الدول والشعوب.
وتمثل رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - راعي هذه الجائزة - المنطلق الثري والقوة الدافعة لما تحقق للجائزة من نجاح خلال الدورات الثلاث الماضية, الذي يتجلى في استضافة منظمة اليونسكو لحفل تسليمها للفائزين بها في دورتها الثالثة، في إعلان واضح وصريح لتقدير المجتمع الدولي للجائزة، وتفاعله مع رؤية خادم الحرمين الشريفين لمد جسور التواصل والتعاون بين أعضاء الأسرة الإنسانية، التي تمثل الجائزة إحدى آليات تحقيقها.
ومع الاحتفال بتكريم الفائزين بالجائزة في بيت الثقافات العالمي بمقر منظمة اليونسكو نتوقف للتأمل في أبعاد رؤية خادم الحرمين الشريفين، التي صنعت نجاح هذا المشروع الثقافي الفريد، ووضعته في صدارة المشروعات والجوائز العالمية المعنية بالترجمة والثقافة عمومًا.
ولعل أبرز أبعاد هذه الرؤية هو استشعار راعي الجائزة - يحفظه الله - حاجة العالم إلى تعزيز آليات التواصل المعرفي بين دوله وشعوبه، باعتبار هذا التواصل ضرورة للتفاهم والتعايش السلمي والتعاون، فيما يعود بالنفع على الإنسان أينما كان, ولاسيما بعدما تعالت في الأفق دعاوى الصراع الحضاري, واستغلال أصحاب هذه الدعاوى لبعض الأحداث والنزاعات السياسية في الترويج لها.
و لا شك أن هناك الكثير من الشواهد والوقائع التي تؤكد حاجة العالم إلى هذا التواصل, لكن اختيار الآليات المناسبة لتحقيقه تظل هي المعضلة، التي تمثل جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة وسيلة لتجاوزها، عن طريق استثمار الترجمة في تجاوز حواجز اللغة، التي تعدُّ أبرز معوقات التواصل الإنساني.
وتكشف موافقة خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - على إنشاء هذه الجائزة عن قراءته الواعية لمسيرة تطوُّر الحضارة الإنسانية وتقدمها, ودور الترجمة في تحقيق هذا التطور في كثير من المراحل التاريخية، وخير مثال على ذلك اعترافات المنصفين من أبناء المجتمعات الغربية بإسهامات العلماء العرب والمسلمين، وفضلهم في نهضة أوروبا وتجاوزها لمرحلة الظلام، التي عاشت بها في العصور الوسطى، في إطار وعي أشمل بأن اختلاف اللغة لا يجب أن يكون معوقًا للتعاون بين أبناء الحضارات، أو حائلاً دون الإفادة من النتاج العلمي والفكري للعلماء والمفكرين فيما يحقق خير الإنسان ومستقبلا أفضل للأجيال القادمة، يؤكد ذلك تنوع مجالات الجائزة بين العلوم الإنسانية والتطبيقية.
رؤية الملك
وتجسد الجائزة بُعدًا آخر في رؤية الملك عبد الله - يحفظه الله - لمد جسور التواصل وتعزيز آليات الحوار الحضاري بين الدول والشعوب وأتباع الأديان السماوية، وهو الإعلاء من شأن النخب العلمية والثقافية والفكرية، من الأكاديميين والمفكرين والمبدعين في تحقيق التواصل المنشود, ليس في إطار سياسات الهيئات الحكومية القطرية, بل على المستوى الفردي والمؤسسات العلمية والثقافية غير الحكومية، ولا يقتصر ذلك على ما تتيحه الجائزة من فرص التنافس عليها للأفراد والمؤسسات الأهلية فقط, بل يمتد إلى القارئ والباحث وطالب العلم، الذي يتاح له من خلال الأعمال المترجمة الاطلاع على ثقافة الآخر وحضارته وفكره وإبداعه, ولا يخفى على أحد حجم الفائدة التي تعود على طلاب الجامعات العربية من اطلاعهم على المراجع العلمية المتخصصة المترجمة إلى العربية, وما يمكن أن تحققه الأعمال المترجمة عن الإسلام والحضارة الإسلامية من تصحيح الصورة المغلوطة التي تشكلت في أذهان كثير من غير المسلمين، ولاسيما في المجتمعات الغربية نتيجة لممارسات إعلامية غير سوية, تستفيد من نقص الفرص المتاحة أمام القارئ في هذه المجتمعات ليتعرف ذاتيًا على الإسلام والمسلمين.
ويحيلنا ذلك إلى بُعد آخر في رؤية خادم الحرمين الشريفين, الذي تمثل جائزته العالمية للترجمة أحد مفاصلها, وهو أهمية المعرفة في تحقيق التقارب والتفاهم بين الدول والشعوب، والاجتماع حول القواسم المشتركة التي تدعم التعاون فيما بينها، وهو أمر يتفق عليه كل علماء الاجتماع والمختصين في دراسة الاتصال؛ حيث إنَّ نقص المعرفة بالخصائص الثقافية والمكونات المميزة لكل حضارة يؤثر سلبًا في فاعلية التواصل وموضوعية الحوار, وقدرته على تحقيق أهدافه.
وتفردت الجائزة في التعبير عن بُعد بالغ الأهمية في الرؤية التي انطلقت منها، يتمثل في احترام التنوع الثقافي والاختلاف الفكري، وخصوصية الهوية الثقافية والحضارية للدول والمجتمعات، باعتبار هذا التنوع سنة كونية وطبيعة فطرية, ترتبط باختلاف الأديان، والتقاليد، وتاريخ نشأة وتطور المجتمعات، وعامل ثراء وإثراء لجهود التعاون الدولي، وليس دافعًا للفرقة أو النزاع أو تهميش الآخر والاستعلاء عليه.
ويؤكد ذلك التفرد في رؤية الملك عبد الله - يحفظه الله - لأهمية التنوع الثقافي انفتاح الجائزة على كل الثقافات واللغات - دون تهميش لغة لحساب لغة الآخر - واعتبار الفيصل في ذلك هو قيمة العمل المترجم، وما يضيفه للعلم والمعرفة، وليس أدل على ذلك من تنوع الأعمال التي تنافست على الجائزة في دوراتها الثلاث، وكذلك الفائزة بها من اللغات كافة دون استثناء.
تواصل معرفي
وتتناغم أبعاد رؤية خادم الحرمين الشريفين للتواصل المعرفي والثقافي والحوار الحضاري في التوازن البديع في مجالات منح جائزته العالمية للترجمة، التي تجمع بين العلوم الإنسانية والتطبيقية، وتعنى بالفكر والأدب والفلسفة وعلوم النفس والاجتماع والسياسة والاقتصاد، بدرجة العناية بعلوم الطب والكيمياء والرياضيات والفيزياء نفسها، وغيرها من العلوم الطبيعية والتجريبية، وذلك باعتبار أن العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية أشبه بجناحين لطائر لا يستطيع التحليق بأحدهما فقط, وأن أهمية العلوم الطبيعية وارتباطها بالتنمية والتطور لا تتعارض مع أهمية الارتقاء بوعي الإنسان باعتباره غاية كل تنمية وتطور, والمحرك الحقيقي لها, وأن ضبط العلم بالأخلاق الرفيعة هو الضمان الحقيقي لعدم انحراف التطبيقات العلمية باتجاه يمثل تهديدًا لأمن وسلامة الإنسان, وبدرجة التوازن نفسها في اهتمام الجائزة بين العلوم الإنسانية والطبيعية تتسم الرؤية التي تنطلق منها بالحرص على الاستفادة من النتاج الفكري والعلمي للآخر, والسعي إلى إفادته والتأكيد على أن الحضارة العربية الإسلامية لديها ما تقدمه, وأن الثقافة العربية الإسلامية قادرة على استيعاب كل المستجدات, بدليل منح الجائزة للأعمال المميزة المترجمة من اللغات المختلفة إلى العربية، وكذلك الأعمال المترجمة من اللغة العربية إلى هذه اللغات.
وتكتمل الرؤية التي قادت الجائزة لتحقيق هذا النجاح الكبير في سنوات قليلة بارتباطها بمبادرات عملية وجهود ملموسة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للتقارب بين الدول والشعوب, وفي مقدمتها مبادرته الكريمة للحوار بين الحضارات وأتباع الأديان, ودعوته للمؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب.. ومثل هذا الارتباط بين القول والعمل بين دعوة خادم الحرمين الشريفين للحوار الحضاري، ورعايته للجائزة، وعطاءاته في مجال الإغاثة الإنسانية، وغيرها من الجهود التي يصعب حصرها، والتي تفسر المكانة الرفيعة التي يحظى بها راعي الجائزة على المستوى العربي والإقليمي والدولي, وتأييد المجتمع الدولي لكل مبادراته وجهوده لخدمة الإنسانية, والنجاح الكبير لجائزته العالمية للترجمة.
واجتماع هذه الأبعاد - في الرؤية التي انطلقت منها الجائزة - يشكِّل رسالة واضحة من بلاد الحرمين وقيادتها الرشيدة بموقف الإسلام في التعامل مع الآخر, وتشجيعه للحوار الإيجابي والتعاون في كل أبواب الخير، بعيدًا عن دعاوى الهيمنة، أو السيطرة، أو محاولات طمس الهوية المميزة للحضارات والأديان - تحت شعارات العولمة - أو سيادة نموذج حضاري على حضارات وثقافات أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.