يتردد الحديث دائماً عن ظاهرة عدم الاهتمام بأولئك الذين قدموا لمجتمعهم ولوطنهم خدمات جليلة ، إذ إننا ننسى أولئك لمجرد مغادرتهم لمناصبهم ، أو غيابهم عن الحياة العامة..لمرض ، أو كبر سن ، أو عدم قدرة على العطاء ..ولا نذكر هؤلاء إلا عند رحيلهم عن الحياة الدنيا ، فيأتي التكريم متأخراً للغائبين، فيفقد أثره ، ولا يحقق غايته. فالغاية من التكريم الاعتراف بالفضل لأولي الفضل .. وكم يكون أثره طيباً حين يأتي في وقته، فيشكل شحنة نفسية قوية، ويشعر المكرم أن مجتمعه يعترف بتضحياته وعطاءاته، وفي ذلك ما فيه من راحة كبيرة ، وسعادة عظيمة. أذكر ذلك وقد اطلعت مؤخراً على خبر عن مهرجان مسرحي يقيمه (نادي مكة الثقافي الأدبي) في الأسبوع القادم، برعاية معالي وزير الثقافة والإعلام، يتضمن عدداً من العروض المسرحية والندوات.. لكن اللافت في هذا المهرجان تكريم ثلاثة من رواد الكتابة المسرحية ، وسبعة من المتميزين في هذا الفن الهادف. وتوقفت قليلاً عند بعض الأسماء التي سيكرمها النادي، فشعرت بالارتياح والسرور لهذه اللفتة الكريمة من القائمين على النادي وعلى المهرجان ، لتذكره ثلاثة من رواد الأدب المكي الأحياء، والذين قد نسيهم البعض رغم قيمة عطائهم، وأهمية دورهم في مسيرتنا الأدبية والفكرية. فمن منا لا يعترف بفضل الأديب الرائد الشيخ عبدالله عبدالجبار، الذي تجاوز التسعين ، أطال الله عمره.. ولا يذكر ما قدمه من أعمال أدبية جريئة في قضايا مختلفة؟!. ومن منا لا يقر بدور الدكتور عصام خوقير ..الأديب الطبيب .. الذي أبدع في تصوير البيئة المكية بقصصه ورواياته ومسرحياته ؟!. ومن منا ينكر إخلاص المربي الأديب الشيخ عبدالله بوقس ، الذي كان مبرزاً ومعطاءً في كل وظيفة شغلها ، وكل عمل قام به ؟!. ومن منا لا يذكر الفنانين محمد حمزة، وفؤاد بخش ، ومحمد رجب ، وعبدالستار صبيحي ، والزميل هاني فيروزي ، الذين خدموا الفن الهادف بما كانت لهم من إبداعات واجتهادات. من منا لا يذكر كل هؤلاء وغيرهم ممن سيكرمهم النادي ، لأنهم يستحقون كذلك ..ولأن خلق الوفاء يفرض علينا ذلك. مرة أخرى نشكر (نادي مكة الثقافي الأدبي) والقائمين على هذا المهرجان ، وفي مقدمتهم معالي الدكتور سهيل قاضي، رئيس مجلس إدارة النادي، والمشرف العام على المهرجان ..ونائب رئيس النادي السيد الدكتور عبدالله العطاس ، مدير عام المهرجان، والزميل تميم الحكيم ، أمين عام المهرجان. نشكرهم على هذه البادرة الموفقة ..وإلى المزيد من هذه الخطوات الناجحة والله الموفق. للفاهمين فقط: رؤيته هي الصائبة ..وتقييمه للأمور والأعمال هي نظرية ونظام يجب أن يلتزم به الجميع ولا يحيد عنه أحد ..تصرفاته ذكرتني بالأغنية الشهيرة للراحلة فايزة أحمد التي أنشدت قبل سنين طويلة أغنيتها المعروفة: ( زمان غريب يازمان ..زمان ومالكش أمان). وسلمولي عليه!.