ما أجمل هذه الكلمة (أخي) التي تبدأ بأول حرف من الحروف الهجائية ، وتنتهي بآخرها ، وفي ذلك دلالة على أنها ذات معنى عظيم ، ولو تمعنا النظر فيها من خلال ثلاث زوايا بحيث نحذف الحرف الأخير فتصبح (أخ) وهي كلمة يطلقها اللسان عندما يقوم المرء بعمل ما وينسى منه شيئاً ، أما الزاوية الثانية نحذف الحرف الثاني فتصبح (أي) وهي كلمة تقال عندما يصاب المرء بأذى ، والزاوية الأخيرة نحذف الحرف الأول فتصبح (خي) وهي نفس معنى الكلمة الأساسية ، فالأخوة من أسمى وأنبل العلاقات الإنسانية والاجتماعية ، وتحقيقها يعتبر من أعظم العبادات حيثُ لا مصلحة دنيوية ولا منفعة مادية من ورائها ، تتنامى بين القلوب الصافية والأرواح النقية ، فالأخوة امتزاج روح بروح وتصافح قلب مع قلب ، وعلاقة ممزوجة بالإيمان ومقرونة بالتقوى ، ومرتكزة على الإخلاص وسلامة القلب وصفاء النية ، هي الزهور التي تسقى بماء المحبة الخالصة لتنمو وتكبر ، ويفوح من شذاها رائحة طيبة تعطر أرجاء الزمن الذي يتوالى في الانقضاء ، ولكن في وقتنا الراهن غدت هذه الكلمة (أخي) بين الأخوان مجرد لفظ ملزمين به بسبب النسب الذي يجمعهم ، ولم يعد لها ذلك المعنى القيم ، ولا التأثير البين الذي يَكْمُنْ بين حروفها رغم أنها كنز ثمين لا يعرف قيمتها إلا من فقدها بعد أن كان يمتلكها في دنيا الزوال ، ونجاح الإنسان في هذه الحياة مرتبط بمن حوله من الاخوان حيث البناء والاستقرار والاستمرار ، فنعمة الأخوة من النعم العظيمة التي من الله بها علينا ، والحفاظ على سلامتها من التفكك يعد من الأمور الصعبة العسيرة التي تعتبر بحد ذاتها قضية تحتاج إلى تعامل مميز راقٍ بحيث يكون التواصل بين الأخوان واضح المعالم من خلال معرفة النفسيات والطباع ، وأن يعامل كل أخ أخاه بما يناسبه من الأفعال والأقوال دون النظر للمؤثرات الضبابية التي تسعى لهدمها نتيجة الحقد ، والحسد ، وقله الوعي ، وضعف الوازع الديني ، وأمور أخرى دنيوية ، فهل لنا أن ندرك المعنى الحقيقي للأخوة الصادقة في دنيا البقاء فيها محال ، وأن نعي ما تحمله من معانٍ سامية تفوق كل معاني العلاقات الدنيوية. فهل من لحظة تأمل أخي الحبيب من وقتك الثمين تعيد فيها حساباتك ، واقرأ بتمعن ماضٍ أيامك الجميلة التي كان يسودها الحب والوئام مع إخوانك ، وانظر إلى الحياة كأنك غريب أو عابر سبيل لتترك فيها ذكرى حسنة بعد مماتك . همسة: أخي لك المعالي تنحني ، وكل النواقص منك تنجلي ، وكل صفات الخير فيك اجتمعت كأنها حلقات للفضيلة زينت . ومن أصدق من الله قيلاً (وَاجْعَل لي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً) .