الهاتف من النعم التي يجب استغلالها في عمل الخير وقضاء الحوائج الحياتية فهي وسيلة من وسائل صلة الارحام والعلاقات الانسانية وغرض من الاغراض الدنيوية التي تُيسر على مستخدمها ، فقد وضع هذا الجهاز للنفع لا للضرر وشريعتنا السمحة أعطت لكل التعاملات أخلاقيات تسديداً إلى حسن استثمارها وتطلعاً واستشرافا لخير يعُم وتحذيراً من شرور وبوائق تغم ، بل ليؤجر من طبقها على مجريات تعامله فهي بمثابة الآداب والبصائر، مما يتطلب اخلاص النية والحمد والشكر على هذه النعمة التي منحها لنا فلا نهاتف إلا في أوقات مناسبة كي لا تؤذى المشاعر ولا تقطع الراحة إلا لمضطر أو اتصال طارىء حيث يتجنب أوقات راحة الناس وسباتهم. روى الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما (لا تؤذوا المسلمين) ومن أبتلي فليحلم ويصبر فلا تكن ردة الفعل غير لائقة كما يتطلب البدء في التحية الشرعية (تحيتهم يوم يلقونه سلام) وذلك قبل المبادرة بالخطاب والكلام قال صلى الله عليه وسلم (أولا أدُلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم : أفشوا السلام بينكم) أخرجه مسلم. فلا تستبدل (السلام عليكم) بتحايا وافدة وعبارات نمطية ما أنزل الله بها من سلطان، ثم ليكن بعد السلام التعريف بالمتصل وقصده والافصاح عن مآربه بوقار واحترام وصوت حسن لائق بالمقام دون تمويه أو كلمات غير مفهومة فبسط الحديث وسلامته وسهولته يطمئن لها المتصل عليه فتنداح الوحشة بين المتصلين ، ولا يُنسى الإيجاز والاختصار والوصول إلى هدف الاتصال والبعد عن القيل والقال والاطالة واضاعة الوقت والملل والهذر الذي لا يجدي فلا يستعمل الهاتف إلا للحاجة ففي غير الحاجة اضاعة للوقت والمال بدون فائدة. قال تبارك وتعالى:(ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) ثم إن على المتصل أو المتصل عليه عدم فتح مكبر الصوت ومن حوله يستمع أو أن يسجل المكالمة أو تستغل إلى تصنت خادع دون علم المتصل وأخذ إذنه فيدخل فيها تولد الأحقاد والنميمة والتجسس وتتبع العورات ، كما أنه يتطلب البعد عن تلك النغمات واسماع الغير هذا المنكر من غناء وموسيقى وأصوات مقيتة دون حياء، كما أنه من الاخلاقيات الفاضلة وضع الهاتف على الصامت أو اغلاقه، وذلك في قاعات المحاضرات والندوات وأهم من ذلك داخل المساجد وخاصة وقت الصلوات حيث تشغل المصلين تلك النغمات فتقطع عنهم مناجاتهم ولذيذ خشوعهم والمساجد لها حق التعظيم قال تعالى: (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه). وهناك أمر مهم وهو عدم استخدام الهاتف أثناء القيادة فيشغلك عن الطريق وقد تتسبب في حادث تروح ضحيته وقد يذهب ضحيته أناس أبرياء وممتلكات ثمينة، فقد جرت عدد من المآسي وكثير من النكبات وقد كان في نظام المرور عقوبة في ذلك فطاعة ولي الأمر طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولم تُسن هذه العقوبات إلا لوجود وقوعات فكانت روت الفعل حيال هذا السلوك المشين، لذا يجب على أولياء الأمور تبصير الأبناء ومتابعتهم وتعهدهم بالنصح والارشاد كما أن على المؤسسات التعليمية والوعظية ارشاد الناس لما فيه صلاحهم. أخرج الشيخان من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها). فعلى المسلم والمسلمة استغلال تلك الوسائل التي تعود بالنفع والبعد عن الأغراض الدنيئة ونشر الرذيلة وهدم الفضيلة قال تعالى: ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون). فاستغلال البلتوث ورسائل الوسائط والكاميرات في الجوالات فيما يُغضب الله تعالى ويستبيح حرماته أمر خطير وهدم للأخلاق والكيان الأسري وخراب للبيوت والايقاع بالغافلات والتشهير والابتزاز والمساومة فيه وعيد شديد كما ورد في الآية السابقة، فلا ينس المخطىء أن الله من ورائه محيط ، فلو استغلت لخدمة الدعوة والتذكير والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لكان أجدر خاصة نشر الحلول الشرعية لنوازل العصر ومتسجداته والفتاوى الموثقة ونشر الايمان بنورالاعتدال والوسطية، فالتسلح بالايمان طريق للقضاء على سلبيات استخدامات الهاتف والمسلم يسعى دائما إلى كل عمل صالح رشيد وكل نافع مفيد حتى يفوز بخيري الدنيا والآخرة ، فلنحذر باب الفتن والمبتدعات وباب الشهوات والمحرمات فالجهل، سبب كل شر قال تعالى: (وإن كثيراً ليضلون بأهوائهم بغير علم ، إن ربك هو أعلم بالمعتدين).