برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية عقد معهد الدراسات الدبلوماسية ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية ومركز برتلزمان الألماني اليوم ندوة مشتركة مغلقة بعنوان (أوروبا ومنطقة الخليج . . نحو أفق جديد) وذلك بمركز الملك فيصل للمؤتمرات بالرياض على مدى يومين. وفي بداية الندوة رحب مدير عام معهد الدراسات الدبلوماسية السفير الدكتور سعد العمار بالحضور , مشيراً إلى أن الهدف من الندوة مناقشة سبل تعزيز التعاون بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ودول الاتحاد الأوروبي . وأوضح أن الندوة هي تكريس لمبدأ الحوار الذي بدأه وشجعه وشارك فيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود كما تم اعتماده أساساً للعمل في مراكز الدراسات المتخصصة التي أنشأها المعهد. وبين أن الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي أصبحا من أهم الكيانات التي رسخت جذورها وأثبتت وجودها على خارطة العالم وأضحت تؤدي دوراً مهماً في المجالات السياسية والاقتصادية والإنسانية على المستوى الدولي , مشيراً إلى أن الندوة تكتسب أهمية كبيرة من خلال ماتتيحة من فرص لنقاش جاد وتبادل لوجهات النظر بشأن القضايا التي تهم الطرفين بهدف فتح آفاق جديدة من التعاون والتنسيق وتطوير العلاقات بما يخدم المصالح المشتركة وبما ينعكس إيجاباً على دورهما في التعامل مع القضايا الدولية ومستجداتها بصورة عامة . ثم ألقى رئيس مجلس إدارة المجلس التنفيذي بمؤسسة برتلزمان شتغتونغ الدكتور غونتر تيلن كلمة بين فيها أن أوروبا والخليج لديهما مصالح مشتركة في تحقيق استقرار السوق المالي إضافة إلى تطوير الاقتصادات والبحث عن الحلول في المنطقة كذلك تأسيس مجموعة من الجامعات لتحسين مستوى التعليم . بعد ذلك ألقى صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية كلمة أوضح خلالها أن العلاقات الخليجية الأوروبية علاقات مهمة للمجموعتين وأن العمل على توثيق هذه العلاقات ورفع مستواها وتعزيزها لتصل إلى مراحل الشراكة الاستراتيجية أمر يسعى إليه الطرفان , مشيراً إلى أن المراقب لمسيرة هذه العلاقات يجد أنها تخطو إلى الأمام وأن مايجمع الطرفين يفوق بمراحل مايفرقهما . وبين سموه أن البيان الصادر عن الاجتماع الأخير للدورة التاسعة عشرة للمجلس المشترك لدول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي يؤكد عزم الطرفين على تطوير وتعزيز الحوار السياسي والبحث عن حلول جادة للتحديات المشتركة التي تواجه منطقتيهما مع الالتزام التام بالقوانين الدولية وميثاق الأممالمتحدة وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة كما أن مواقفهما متطابقة تجاه قضايا الأمن والاستقرار في المنطقة والحلول والمبادرات المتعلقة بهذه القضايا. وأكد سموه أن على الاتحاد الأوروبي مسؤولية مباشرة وغير مباشرة في تعزيز قدرات دول مجلس التعاون الدفاعية والاقتصادية والعلمية والتقنية ودعم توجهاتها السلمية وتصوراتها وخياراتها لكيفية الحفاظ على استقرار المنطقة , مشيراً إلى ضرورة حسم أمر اتفاقية التجارة الحرة بين الطرفين بأسرع مايمكن حيث أن إقرارها والبدء في تنفيذها سيسهم في تكثيف العلاقات بين الطرفين والإسهام في تعزيز الترابط بينهما في جميع المجالات مما يعطي دفعاً لعوامل الاستقرار الأخرى في المنطقة. وقال (هناك مسؤولية أخرى تجاه الصراع العربي الإسرائيلي لتأثيره المباشر وغير المباشر على منطقة الخليج وعلى العلاقات الأوروبية الخليجية ) مشيرا إلىً أن الخليج جزء من عالم أكبر هو العالم العربي تتأثر بما يجري فيه من أحداث بفعل التداخل الجغرافي والترابط الديني والقومي والتاريخي بين شعوب العالم العربي. وأفاد سموه أن أوروبا اليوم تختلف عن غيرها بالأمس وماشهدته من تحولات فكرية وثقافية وتغيّر في القيم والمواقف خلال العقود الخمسة الماضية سمح لها أن تنظر إلى قضايا الماضي بطريقة مختلفة بما في ذلك الصراع العربي الإسرائيلي وأنها لم تصل بعد إلى أن تكون عاملاً حاسماً في إقناع إسرائيل القبول بتحقيق السلام المنشود , منوهاً بضرورة إيجاد موقف أوروبي جماعي مستقل للدفع بعملية السلام قدماً إذ من دون ذلك سيستمر النظر إلى السياسة الأوروبية تجاه هذا الصراع كسياسة مكملة لسياسات دول أخرى منحازة إلى إسرائيل. وتمنى سموه في الختام أن تكون الندوة مقدمة للحديث وتبادل الآراء حول المسؤوليات المشتركة للطرفين تجاه قضايا المنطقة بكل صراحة وصدق وتقديم هذه الرؤى لمن يهمه الأمر في موضوع العلاقات الأوروبية الخليجية , مشيراً أنه لاينبغي الاستمرار بالمواربة في المواقف. بعد ذلك بدأت الجلسة الأولى برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل تحت عنوان (أوروبا ومنطقة الخليج :رؤى لتعاون مستقبلي) وتحدث فيها كل من وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف ووزير الاقتصاد والتقنية الألماني الدكتور كارل تودور زو غوتنبرغ . وأوضح وزير المالية أن مثل هذه اللقاءات تفيد في تسليط الضوء على جوانب القوة في العلاقات بين دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي لتعزيزها وعلى جوانب الضعف ومعالجتها خاصة في ظل مايمر به العالم من أزمة اقتصادية أثبتت قوة الاعتماد المتبادل بيت الاقتصادات الوطنية والحاجة لتعاون وتنسيق دولي لمعالجة تداعياتها , مشيراً إلى أن مايبعث التفاؤل بسرعة الخروج من الأزمة تبني دول العالم خاصة دول مجموعة العشرين سياسات مالية ونقدية لحفز اقتصاداتها وقيام الدول المتضررة بالعمل على معالجة الخلل والقصور في الرقابة على قطاعاتها المالية والمصرفية . وبين أن دول الخليج أقل تأثراً من تداعيات الأزمة السلبية , مشيراً أن الوضع الاقتصادي في المملكة العربية السعودية على وجهة الخصوص كان تأثره محدود بفضل الله أولاً ثم بفضل السياسات المالية والنقدية الجيدة وإتباع سياسات اقتصادية معاكسة للدورة الاقتصادية إضافة إلى الرقابة القوية على القطاع المصرفي. وتطرق وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف بشكل موجز للاقتصاد السعودي فقال (الاقتصاد السعودي حقق خلال السنوات الماضية نموا متواصلا حيث حقق القطاع الخاص نموا بحوالي 46 بالمئة في عام 2008م مما رفع نسبة مساهمته في الناتج المحلي كما قفز ترتيب المملكة وفقاً لتقرير أداء الأعمال لعام 2008م الصادر من البنك الدولي إلى المرتبة السادسة عشر عالمياً وبذلك تتصدر جميع الدول العربية باعتبارها أفضل بيئة استثمارية , مبيناً أن المملكة لاتزال تسعى عبر تطوير الأنظمة الاقتصادية والاستثمارية لأن تكون بحلول 2010م ضمن الدول العشر الأولى على مستوى العالم كأفضل بيئة استثمارية). وأضاف (إن دول الخليج خطت خطوات مهمة في التكامل الاقتصادي حيث دخلت السوق الخليجية حيز النفاذ بدءاً من يناير 2008م بعد تطبيق الاتحاد الجمركي منذ يناير 2003م كما تقوم فيما بينها حالياً للوصول على الوحدة النقدية والعملة الخليجية الموحدة حيث أقرت اتفاقية الاتحاد النقدي والمجلس النقدي في قمة مسقط في ديسمبر من العام الماضي كما تم الاتفاق بين قادة دول المجلس على اختيار (الرياض) مقراً للمجلس النقدي والبنك المركزي الخليجي مما يمهد الطريق لاستكمال المتطلبات الفنية المتبقية لتحقيق الاتحاد النقدي بين دول المجلس) .