يعتبر سوق الخوبة الأسبوعي الشعبي من أبرز معالم منطقة جازان لما يمثله من تظاهرة اقتصادية متميزة من خلال معروضاته المتنوعة , وتظاهرة اجتماعية فريدة يجتمع فيه الباعة والمشترون ليس من منطقة جازان فحسب بل من مختلف المناطق السعودية ومن الدول المجاورة . وسوق الخوبة نسبة إلى مدينة الخوبة العاصمة الإدارية لمحافظة الحرث / نحو 90 كيلو مترا جنوب شرقي جازان / وفيه يختلف يوم الخميس حيث موعد السوق عن سائر الأيام .. فمنذ ساعات الفجر الأولى يبدأ التوافد على مقر السوق عبر وسائل النقل الحديثة ووسائل النقل التقليدية القديمة / التي يستخدمها القادمون عبر الجبال والقرى المحيطة . وفي جولة لمراسل وكالة الأنباء السعودية رصد مع أولى الخطوات نحو مدخل السوق الشعور بعبق التاريخ القديم للمنطقة عبر سنوات مضت.. وأصالة الموروثات الجازانية وعراقة إنسان المنطقة واعتزازه بتلك الموروثات التي تحيا جنبا إلى جنب مع التطور الحضاري الذي تشهده جازان .. فهنا تقف أمام / الميفا والحيسية والمطحنه والجره والفناجين الطينية والصحفه والجبنه والمهجان والزنبيل والقعاده / فتبدو تلك الأواني والأدوات شامخة شموخ إنسان جازان الذي طوع من خلالها موارد البيئة الطبيعية لاستخدامها في الحياة اليومية . وهنا تبتاع السمن والعسل والموز وهي أساسيات / المرسه .. الوجبة الأشهر في جازان / فتجد السمن صافيا نقيا من المواد الحافظة وتجد أجود أنواع العسل الطبيعي بكافة أنواعه وتجد الموز البلدي ذا الرائحة والنكهة المميزة.. وتأسرك في جانب آخر من السوق روائح النباتات العطرية من فل وكادي وخطور وبعيثران وشيح .. إنها تذكي السوق بأكمله .. ويعمد محبو القهوة عادة إلى البحث في السوق عن البن الخولاني الشهير بمذاقه المميز حيث ينتشر الباعة عارضين عبر / زنابيلهم / أنواع البن والقشر والهيل والقرفا والخضيرة والزنجبيل والبهارات وأنواع التمور والحلويات المحلية بمذاقها الخاص . ويعد سوق الخوبة مقصدا أسبوعيا لمحبي الحيوانات البرية والطيور بكافة أشكالها وأنواعها فمن الصقور والحبارى والباشق والعقاب والحجل والحمام وطيور الزينة وغيرها إلى الغزلان والأرانب والحيوانات البرية والزواحف . وفي ذات السوق .. التقى مراسل / واس / بشباب من عدة محافظات في كافة مناطق المملكة وهم يتجولون في الخوبه ويبدون إعجابهم بما يحتويه من حيوانات بريه . وفي جانب آخر من سوق الخوبه يوجد مقر خاص لعرض الثعابين حيث يقوم البائع بعروضه المثيرة برسم دخول خمسة ريالات فحسب وبدخول ذلك المقر يمكنك أن تطالع وهو يداعب الثعابين ويقبل رأس الكوبرا في علاقة حميمية بينهما .. ويقول أحد العارضين( إننا نجمع الثعابين من الجبال القريبة والوديان ونشتري بعضها لنقوم بعروضنا البسيطة كل خميس في سوق الخوبة .. حيث لا توجد لدينا إمكانات كبرى لنقدم عروضا في المهرجانات التي تشهدها المنطقة) . ويجد الزائر لسوق الخوبة معروضات مختلفة من الملبوسات التقليدية من المصانف والمقاطب / الإزار الجازاني الشهير / والأقمشة النسائية والحنا علاوة على بيع الفواكه والخضروات بكافة أنواعها كما تشارك المرأة في سوق الخوبة بفاعلية كبرى فهي بائعة أساسية في السوق تقف أمام معروضاتها بخبرة عريضة في البيع .. وهنا تجد بين النساء من تبيع الأواني الطينية وأخرى تبيع الأقمشة وبين هذه وتلك تجد إحداهن وقد نصبت / برادها العتيد / لتبيع كؤوس الشاي الذي تنبعث من أحدها رائحة الحبق ومن الآخر رائحة النعناع ومن آخر هيل وقرنفل . ويرجع تاريخ سوق الخوبه إلى نحو قرن من الزمان .. حيث يقول أحد سكان الخوبه( والبالغ من العمر نحو 75 عاما عندما كنت فتى صغيرا كان السوق قائما بذاته هناك في وسط الوادي) ويؤكد أحدهم أن تاريخ السوق ربما تجاوز المائة عام يقول // والدي كان يصطحبني معه إلى السوق وأنا طفل صغير // وأيا كان تاريخ السوق .. وإن اختلفت المصادر على تحديد فترة زمنية محددة لبدايته فإن الإتفاق على أن السوق هو الأشهر في جازان كلها . ويمثل السوق بمعروضاته التقليدية وحركته الاقتصادية المشهودة كل خميس لوحة فنية بكر يتسابق إليه الباعة والمشترون حيث يمثل مقصدا للجميع ومصدرا للرزق كما أن سوق الخوبه يشهد حراكا أسبوعيا على مدار العام تعزز ذلك المناسبات الاجتماعية التي تشهدها المنطقة فمع قرب حلول شهر رمضان المبارك تجد الإقبال المتزايد لشراء الأواني الفخارية التي تستخدم عادة لطهي المأكولات الشعبية التقليدية في الشهر الكريم ومع مناسبات الزواج خلال الصيف يعج السوق بمرتاديه الذي يجدون من خلاله كافة مستلزمات إقامة الأعراس .. أما في فصل الربيع حيث إعتدال الأجواء فمنطقة جازان كلها تشهد نشاطا سياحيا متزايدا حيث المهرجانات السياحية التي تستقطب أعدادا كبيرة من السياح والزوار والذين عادة لا يفوتون فرصة لزيارة سوق الخوبة .