تتعرض سرية الحسابات المصرفية السويسرية لهجوم حاد ليس فقط من الولاياتالمتحدة ولكن أيضا من الإتحاد الأوروبي ما ينذر بأن الأيام المقبلة ستحمل رياحا لا تشتهيها السفن. وقد دعت الأحزاب السياسية مجلس الحكم الاتحادي إلى التحرك للخروج من الأزمة بأفكار مختلفة، لا تتفق جميعها إلا في ضرورة الحفاظ على الساحة المالية السويسرية ومصالحها الاقتصادية، ولكن كل على طريقته.فقد طرح الحزب الاشتراكي برنامجا من 5 نقاط يلخص الخروج من الأزمة في الابتعاد عن مواطئ الشبهات ونقاط الضعف التي يتم منها الهجوم على سويسرا.ويقول رئيس الحزب كريستيان لوفر إن أولى خطوات إصلاح قوانين حماية السرية المصرفية تبدأ من ضرورة إلغاء عدم تجريم “التهرب الضريبي” والاكتفاء فقط بمعاقبة من يثبت عليه “التحايل الضريبي” حيث تنفرد سويسرا من بين دول العالم بمثل هذا القانون الذي يختفي ورائه أصحاب الثروات. وتظهر المشكلة –حسب قوله - عندما يتم اكتشاف أمر حساباتهم فيتمسكون بالقانون السويسري ومن هنا تبدأ المواجهات القضائية ويتم اقتران اسم الساحة المالية السويسرية بالمتهربين والمخالفين للقانون. وعلى الرغم من تمسك وزير المالية هانز رودلف ميرتس في حديثه للجزيرة نت بأن “سويسرا ليست من بين الملاذات الضريبية الآمنة”، إلا أن رئيس الحزب الاشتراكي يؤكد على “ضرورة التعاون مع الجهود الدولية لمكافحة تلك الملاذات الضريبية بشفافية عالية ومعايير دولية”. ومن بين تلك الخطوات يشير الاشتراكيون إلى “أهمية إبرام اتفاقيات تعاون ضريبي بين سويسرا والدول المعنية، تساعد في الكشف عن كافة أنواع التحايل الضريبي، مع تعجيل وتيرة التعامل مع بروتوكولات التعاون القانوني ضد المشتبه فيهم”. ويؤكد لوفرا على أن تلك الخطوات “لن تقضي على الساحة المالية السويسرية أو تساعد في هروب رؤوس الأموال والمستثمرين، بل ستعمل على تنظيف سمعة البنوك السويسرية من التهم الملصقة بها بأنها تأوي مرتكبي جرائم مالية، مهما اختلفت مسمياتها من بلد إلى آخر”. في الوقت نفسه يطالب الاشتراكيون بضرورة محاكمة مدراء بنك “يو بي اس” وكوادره العليا التي كانت على علم بكل تلك المخالفات التي ارتكبها فرع الاستثمارات وإدارة الثروات سواء في سويسرا أو الولاياتالمتحدة.وقال لوفرا إن مكانهم الطبيعي الآن هو “خلف القضبان مصفدين بالأغلال” وانه من المفترض أن يقوم جهاز الإدعاء العام باتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة تجاههم.أما على الطرف الآخر من المشهد السياسي، حيث الأحزاب البرجوازية اليمينية، فالصورة مختلفة تماما، إذ تقف وراء عدم المساس بسرية الحسابات المصرفية مهما كانت الظروف، وتسوق مبررات مختلفة من بينها عدم الرضوخ والاستسلام لضغوط الدول الأجنبية والحفاظ على سيادة الدولة.