قد يكشف التاريخ في المستقبل القريب أو البعيد أن المسئول الأول والأخير عن الاعصار المالي والكارثة الاقتصادية العالمية هو اتفاقية (بريتون وودز) وكيف حركتها الاطماع الأمريكية. فغوُل (بريتون وودز) تضمنت أفكاراً هي السبب في إهدار شفافية الاقتصاد العالمي فأطاحت باقتصاديات العالم وسلبت أموال وأحلام شعوب العالم. وفي ظل السلبيات الحادة لاتفاقية (بريتون وودز) وما تحوزه امريكا من مغانم وأرباح في اطار هذه الاتفاقية الدولية التي ارتبطت بالاقتصاد الأمريكي بدرجة كبيرة وظلت واشنطن تدعو الى مذهبها الاقتصادي وتروج لعقيدتها بأن النظام الاقتصادي الدولي الحر هو ركيزة السلام، وهو ما عارضته فرنسا التي دعت الى دور كبير للدولة والى التخطيط الاقتصادي. ان فهم الابعاد الحقيقية لاتفاقية (بريتون وودز) قد اصبح مؤخراً في مقدمة شواغل قادة الدول والخبراء والذي عكسته قمة (20) الاخيرة بواشنطن بحثاً عن أساليب الخروج من براثن غول (بريتون وودز) التي اكتسحت مؤخراً كل الطموحات المشروعة للتقدم والازدهار والنمو للدول المتقدمة والنامية. ففي يوليو عام (1944م) والحرب لم تضع أوزارها بعد عقد في (بريتون وودز) بولاية نيوهامبشير (مؤتمر الأممالمتحدة لمسائل النقد والمال، حضره (74) مندوباً من (44) دولة وفي الشهر نفسه وقعت الدول المشاركة على ما أصبح يُعرف باسم اتفاقية (بريتون وودز) والتي ادت الى تأسيس (صندوق النقد الدولي) و(البنك الدولي للتنمية واعادة الاعمار). ان الاعصار المالي والكارثة الاقتصادية العالمية التي يشهدها العالم اليوم نتاج تخطيط امريكي دقيق ومحكم طويل الأجل مما جعل النظام النقدي والمالي العالمي مرتبطاً بالاقتصاد الأمريكي بدرجة كبيرة وبذلك وقع العالم بأسره في براثن (بريتون وودز) وعصفت به أزمات كارثية عاصفة ومدمرة بكل المعايير والمقاييس بمسمى (الأزمة المالية العالمية). لذلك يحتدم الجدل دولياً ان اتفاقية (بريتون وودز) تعتبر انتهاكاً صريحاً لمبدأ المشاركة، فهي اتفاقية أقرتها (44) دولة فقط ويفرض اليوم على أكثر من (200) دولة ليس لها رأي حولها، مما يعنى ان النظام الاقتصادي الحالي ليس تعبيراً عن رأي (44) دولة، بل دولة واحدة فقط هي امبراطورية القرن الحادي والعشرين التي بنت قوتها وهيمنتها على التخطيط الشيطاني والقرصنة الاقتصادية العالمية في (بريتون وودز) بولاية نيوهامبشير عام (1944م) .