أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ صالح آل طالب المسلمين بتقوى الله عز وجل ومراقبته وخشيته في كل الأحوال . وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس (لقد ورد أن العتق من النار في يوم عرفة يشمل الحاج وغيره فهنيئا لمن قبل الله طاعته وإن كان قائما في بيته ولمن اعتق من النار ولمن عاد من حجه كيوم ولدته أمه ليس عليه ذنب ولا خطيئة) . وبين فضيلته أن ختام الحج كختام العام فيه وقفة للعاقل للمحاسبة والمراجعات كما يفعل أصحاب الأموال والتجارات في كل عام يراجعون ويدققون يحاسبون تصحيحا للخطأ واستذكارا للصواب وسعيا حثيثا للربح وتجنب الخسارة مشيرا إلى أن المؤمن في سيره إلى الله أولى بهذه المحاسبة والتدقيق خاصة وهو في أعقاب موسم عظيم من أيام الله المباركة . وأفاد فضيلته أن الذي يتذكر ربه دائما فإنه ينبعث للطاعة بكل همة ونشاط وفرح وسرور وإذا عرضت له الفتن والشهوات فهو أبعد الناس عن الحرمات لأنه يتذكر الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور مؤكدا أن ذكر الله تعالى ومراقبته باعث لكل خير حاجز عن كل شر واستدامة المراقبة هي ثمرة العلم بان الله ناظر إليه سامع قوله ومطلع على عمله في كل حين وحال لافتا النظر إلى أن الله تعالى أمر العبد بالنظر إلى ما قدم لغده وذلك يتضمن محاسبة نفسه والاستعداد ليوم الميعاد . وأوضح فضيلته أنه إذا أنعم الله على عبده بنعمة التقوى والمراقبة والتعظيم والمحاسبة أورثه الله لذة وسرورا وغبطة وفرحا ولا ريب أن هذا السرور باعث على دوام السير إلى مرضاة الله وبذل الجهد في طلب جنته متسائلا هل راجعنا أنفسنا ونحن في نهاية عام وانقضاء موسم وهل أدركنا أننا نغذ السير حثيثا إلى الدار الآخرة شئنا أم أبينا. وقال فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح آل طالب (التقوى وإتباع السيئة الحسنة هي مراجعة دائمة واستغفار وإنابة وأحسن الحسنات كلمة التوحيد وهي تقتضي إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له وأعظم المراجعات الواجبة على الأمة أفرادا وجماعات مراجعة التوحيد وتنقية العبادات من شوائب الشرك بكل صوره وأشكاله) . وأضاف تتمة الشهادتين لا إله إلا الله محمد رسول طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في أوامره واجتناب نواهيه والإقرار بأن حق التشريع في العقائد والعبادات تفرد به رب العالمين فلا مجال للابتداع في الدين بل إن البدعة طريق للشرك . وأشار إلى أنه يأتي بعد كلمة التوحيد الصلوات المفروضة خمس صلوات في اليوم والليلة لا يسع المكلف تركها وإذا أرادت الأمة النصر والظفر فلتراجع صلتها بربها عبر المحافظة على الصلوات المكتوبات وهي مع أنها عماد الدين فإنها كفارة للذنوب ماحية للخطايا لافتا النظر إلى أن الزكاة ركن من أركان الإسلام وطهارة من الأدران يلي ذلك صوم رمضان أما الحج فيعود منه الحاج خاليا من الذنوب كاليوم الذي ولدته أمه . وبين فضيلته أن أركان الإسلام العظام ماحية للخطايا مكفرة للسيئات وهي على عظمها من أهم ما يجب على المسلم أن يحاسب نفسه عليه وأن يراجعه ليستقيم حاله ويتدارك النقص والتقصير ويصلح الخلل فإنه لا يدري متى يحل الأجل . وفي المدينةالمنورة قال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين آل الشيخ (إن أعظم مطلوب وأنبل مقصود تحقيق توحيد الألوهية الذي هو معنى شهادة الحق لا إله إلا الله ، ولهذا فإنه ألزم ما على العبد في هذه الدنيا أن يدرك معناها وأن يفهم مقصودها وأن يعمل بمقتضاها). وأضاف يقول (هذه الكلمة العظيمة لها شروطها ولوازمها ، قيل للحسن البصري رحمه الله إن أناساً يقولون من قال لا إله إلا الله دخل الجنة فقال ، من قال (لا إله إلا الله وأدى حقها وفرضها دخل الجنة) ، وقال وهب بن منبه رحمه الله لما سئل عن مفتاح الجنة وأنه لا إله إلا الله (نعم ولكن ما من مفتاح إلا وله أسنان فإن أتيت بالأسنان وإلا لم يفتح لك) وكان الحسن البصري رحمه الله مع الفرزدق يوماً والفرزدق يدفن امرأته فقال (ما أعددت لهذا اليوم ، فقال الفرزدق (شهادة أن لا إله إلا الله منذ سبعين سنة) فقال الحسن (نعم العدة ولكن للا إله إلا الله شروط فإياك وقذف المحصنات) ففرض على كل أحد القيام بحقيقة مدلولها والتطبيق لأساس مقصودها من إثبات الوحدانية لله جل وعلا ونفي الشرك عنه سبحانه وتعالى). وبين أن شهادة الحق لا إله إلا الله ليس اسماً لا معنى له أو قولاً لا حقيقة له أو لفظاً لا مضمون له بل المعنى العظيم والمفهوم الجليل الذي هو أجل من جميع المعاني وأعظم من جميع المباني إنها تضمنت معنى أساسياً هو أن ما سوى الله لا يعبد وأن ألوهية ما سواه أبطل الباطل وأظلم الظلم ومنتهى الضلال. وقال هي كلمة عظيمة لا تنفع قائلها إلا إذا عرف مدلولها نفياً وإثباتاً واعتقد ذلك وعمل به من قالها وهو يعلم جازماً أنه لا معبود حق إلا الله جل وعلا كلمة تقتضي إثبات العبادة وإخلاصها لله وحده واجتناب عبادة ما سواه ونفي جميع أنواع العبادة عن كل ما سوى الله قال تعالى (إياك نعبد وإياك نستعين).وأفاد فضيلته أن كلمة (لا إله إلا الله) اشتملت على معنى عظيم وهو أن العبد لا يقصد شيئاً بالتأله والتعبد والخضوع والتذلل إلا لله جل وعلا الواحد الأحد ، يتأله إليه بتوحيد نقي تخرج النفس به من ظلمات الجهل وترتفع به من أحوال الشرك وتتطهر به من دنس الخرافات والأوهام ، توحيد خالص يرتفع به الإنسان فيكون كريماً من أن يخضع لأي مخلوق علت مرتبته أو دنت مستشهداً بقوله تعالى (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء) الآية . وأضاف يقول (إن لا إله إلا الله تعني أيضا إفراد الله وحده بالعبادة والبراءة الكاملة من عبادة كل ما سواه من الشفعاء والأنداد ولو كانوا ملائكة مكرمين أو أنبياء مرسلين). وشرح فضيلته أن من شروط لا إله إلا الله العلم بمعناها المذكور آنفاً ، يقول ربنا جل وعلا ( فاعلم أنه لا إله إلا الله) ويقول صلى الله عليه وسلم (من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة) ومن شروطها أن يكون قائلها موقناً بها يقيناُ جازماً لا شك فيه ولا ريب (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا) ورسولنا صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم يقول ( أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة) ويقول لأبي هريرة (اذهب بنعلي هاتين فمن رأيته وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنة) ومن شروطها الإخلاص الكامل المنافي للشرك والرياء ؛ بتصفية الأعمال والأقوال وتنقيتها من أن تكون لغير الله جل وعلا (ألا لله الدين الخالص) ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول (إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله). وقال فضيلته إن من شروطها أيضا الصدق فيها باللسان والقلب والعمل صدقاً في الظاهر والباطن بحيث يجري ذلك على الجوارح بالأعمال والامتثال بأوامر الله جل وعلا وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم (ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الله الكاذبين) وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله صادقاً من قبله إلا حرمه الله على النار) ومن شروطها المحبة الكاملة لله جل وعلا ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولشرعه ولدينه ولأهل الإيمان والطاعة يقول جل وعلا عن المؤمنين (والذين آمنوا أشد حباً لله) ومن شروطها القبول الكامل لهذه الكلمة قبولاً تاماً بالقلب واللسان والجوارح مع ا لانقياد والاستسلام لشرع الله والإذعان لحكمه وعدم التعطيل لشيء من أحكامه جل وعلا (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم).